لا مجال لتجميل الواقع العربي والحديث عن ربيع عربي وشعب عربي يريد تغيير واقعه وأنظمته الفاسدة والعملية، فلم يمض أسبوع على اجتماع وزراء الخارجية العرب في القاهرة لاتخاذ موقف عربي موحد من صفقة ترامب وصهره كوشنر المسماة صفقة القرن أو صفعته أو سرقته أو صفقة العار، فكل هذه المسميات لم تغير الأمر الواقع بأن صفقة ترامب هي محاولة لتصفية القضية الفلسطينية نهائيا، بما في ذلك:
أولا: القدس عاصمة موحدة لإسرائيل.
ثانيا: لا عودة للاجئين الفلسطينيين.
ثالثا: ضم المستوطنات وغور الأردن وشمال البحر الميت لاسرائيل.
رابعا: ضم بعض ما تبقى من منطقة "ج"
خامسا: طرد فلسطينيي الداخل من المثلث ووادي عارة من وطنهم التاريخي وإلحاقهم بالدولة الفلسطينية المزعومة في الصفقة لخفض نسبة العرب الفلسطينيين في إسرائيل وقد باتوا قوة انتخابية مؤثرة في الحياة السياسية الإسرائيلية.
سادسا: الاعتراف بإسرائيل دولة لليهود فقط، ما يسمح بطرد ما يمكن طرده من الأقلية الفلسطينية في مرحلة لاحقة غير بعيدة.
هذا جزء من تفاصيل خطة ترامب التي اجتمعت الدول العربية على مستوى وزراء خارجيتها في القاهرة لرفضها. وصدر بيان عظيم يؤكد التمسك بالحقوق الثابتة والمشروعة للشعب الفلسطيني في التخلص من الاحتلال وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس على حدود الرابع من حزيران 1967 والتمسك بالمبادرة العربية التي تنص على الحقوق الفلسطينية أولا مقابل التطبيع من الكيان الإسرئيلي.
لم يطمئن الشارع العربي للبيان، ذلك أن ثلاث دول عربية شاركت في حفل إعلان ترامب ونتنياهو للصفقة في واشنطن ورحبت بها، كما أن عددا آخر من الدول رحبت بالجهد الكبير الذي يبذله دونالد ترامب من أجل السلام في الشرق الأوسط. إذن فكيف يصدر مثل هذا البيان عن الجامعة العربية في ظل المواقف العربية المنفردة لكل دولة وهي الأصل في السياسات العربي.
رحبت القيادة الفلسطينية بالموقف العربي الجماعي واعتبرته جدار صد أمام صفقة القرن، صفقة ترامب، غير أن الفرحة لم تدم طويلا، ليخرج علينا عبد الفتاح البرهان بلقاء تطبيع وتعاون مع الكيان الإسرائيلي وبالتحديد مع بنيامين نتنياهو.
لقد برهن البرهان أن العرب يعيشون في فصل الخريف حيث تتساقط دولة تلو أخرى في أحضان الصهيونية الأمريكية- الإسرائيلية، ويجعلنا هذا الاجتماع الذي عقد في أوغندا أن نسأل: هل الجماهير السودانية حققت حريتها وانتصرت لقضاياها في ثورتهم الرائعة، أم أن قوى خارجية حركت الشارع لتتخلص من نظام الحكم السابق وتأتي بالبرهان وجماعته ليفتحوا أبواب السودان أرضا وجوا أمام الكيان الصهيوني وبعد كشف مخططاته كاملة أمام العرب ألا والعالم أجمع من خلال صفقة القرن.
لقد تشقق جدار الصد العربي وتساقطت حجارته واحدة تلو الأخرى أمام صفقة القرن، واتسع الفتق على الرفق ما يزيد الحمل على أكتاف الشعب الفلسطيني ولا حول ولا قوة إلا بالله.