تكنوبوك
في ندوة بجامعة قطر اليوم الثلاثاء بعنوان "مستقبل مهنة المحاسبة والذكاء الاصطناعي"، سلط مؤسس ورئيس مجموعة طلال أبو غزالة الدولية الضوء على المساحة الكبيرة التي ستحتلها تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي في مجال المحاسبة والتدقيق في غضون السنوات القليلة المقبلة، حيث سيرغم المستقبل الجميع على التفاعل مع هذه الثورة التي لم تحدد كافة أبعادها بعد، أو سيلغى دوره.
ويرى أبو غزالة أن السنوات المقبلة ستعرف انتقال مهام مهنة تدقيق الحسابات من الإنسان المدقق إلى البرنامج المدقق (Audit Tech)، وسيكون هذا البرنامج أكثر دقة وسرعة وقدرة على اكتشاف الأخطاء والمخالفات، كما سيكون مبنيا على معايير المحاسبة والتدقيق الدوليين، إضافة لقدرته على اكتشاف المخالفات والأخطاء مقارنة مع المعايير.
وذكر، في تصريح للجزيرة نت، أن من بين وظائف البرنامج تقديم الاقتراحات والخيارات لصانع القرار الاقتصادي من أجل تحسين الوضع المالي للمؤسسات، وتقييم نتائج أعمالها، مبديا تفاؤله بأن فترة التحول من الإنسان المدقق إلى البرنامج المدقق لن تستغرق وقتا طويلا.
وقد بات الذكاء الاصطناعي أحد الركائز الأساسية التي تقوم عليها صناعة التكنولوجيا في العصر الحالي، ويعرف بقدرة الآلات والحواسيب الرقمية على القيام بمهام تحاكي تلك التي تقوم بها الكائنات الذكية، كالقدرة على التفكير أو التعلم من التجارب السابقة أو غيرها من العمليات التي تتطلب عمليات ذهنية، كما أنه أصبح محط تركيز مجتمعات الأعمال والمؤسسات الاقتصادية والشركات وما سيخلقه من فرص.
وتشير التوجهات الحالية إلى أن الذكاء الاصطناعي سيكون له التأثير الأكبر على الاقتصاد العالمي، فوفقا لتقرير صادر عن معهد ماكينزي العالمي للأبحاث سيعزز الذكاء الاصطناعي الاقتصاد العالمي بمقدار 13 تريليون دولار بحلول عام 2030، وتتنافس شركات ألمانية ويابانية وروسية ومن كوريا الجنوبية من أجل التفوق في هذه الصناعة الدقيقة، إلى جانب صراع الدولتين الكبريين، الصين والولايات المتحدة.
وفي مجال المحاسبة، يبقى الجانب المحفز في هذه التكنولوجيا الواعدة، قدرتها على اختصار الوقت الذي تستغرقه شركات تدقيق الحسابات في فحص البيانات المالية وتحليلها، حيث سيكون بإمكان برامج الذكاء الاصطناعي إتمام كافة المراحل المحاسباتية لسنة كاملة ومطابقتها مع المعايير المعتمدة واكتشاف الأخطاء وتقييم المخاطر ومراجعة الحسابات وعمل التسويات المصرفية، وإعداد التقارير التي تخدم المؤسسة، واقتراح الحلول خلال دقائق معدودة.
ويتوقع أن تنصب المنافسة بين الشركات مستقبلا على البرامج الأكثر تقدما واستجابة لاحتياجات الشركات والمؤسسات المالية ومكاتب الحسابات العالمية، وتقليص التدخل البشري والقدرة على اقتراح حلول عملية.
هل يحل الذكاء الاصطناعي محل المحاسبين؟ سؤال يطرح نفسه بقوة في غمرة هذا السجال، وبين تأكيد ورفض، يرى مراقبون أن هذا لن يحدث في المستقبل القريب جدا، ويرون فيما يتيحه الذكاء الاصطناعي فرصة ممتازة للمحاسبين، لأنها ستسمح لهم بالتركيز في تقديم الخبرات، وترك المهام المتكررة للإنسان الآلي.
وقلل رئيس جمعية المحاسبين القانونيين القطريين هاشم السيد من هذه المخاوف، ورأى أن الذكاء الاصطناعي سيدعم عمل المحاسبين ويساهم في جودة العمل ولن يحل مكانهم، بعدما أصبح توظيفه حتميا ولا مفر منه.
ودعا -في تصريح للجزيرة نت- منتسبي مهنة المحاسبة للتفاعل مع هذه التكنولوجيا إذا أرادوا الاستمرار في المنافسة، لمساعدة عملائهم وتزويدهم بحلول سليمة وسريعة تساعدهم على مواجهة المشكلات والتغييرات.
وفي وقت كشفت فيه تقارير وبحوث شركات كبرى وجامعات عالمية عن احتمال اختفاء كثير من المهن حول العالم خلال سنوات قليلة مقبلة، ترد مهنة المحاسبة ضمن الوظائف التي قد تستولي عليها تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي وتستبدلها خلال أقل من عشرين سنة، بسبب أنها مهنة روتينية ولا تحتاج إلى مهارات عالية بحسب بحث لجامعة أوكسفورد أشار إلى أن مهنة المحاسبيين والمدققين الماليين معرضة للاختفاء بنسبة 95%.
كما أن دراسة لمعهد المحاسبين القانونيين بإنجلترا (ICAEW) بعنوان "الذكاء الاصطناعي ومستقبل المحاسبة"، أشارت إلى أن الذكاء الاصطناعي يتيح فرصا لمزيد من التغيير الجذري، حيث تتولى النظم وبشكل متزايد مهام صنع القرارات التي يقوم بها البشر حاليا.