الحدث - سجود عاصي
بدأت جمعية أطباء العيون الأحد الماضي، إضرابا شاملا في كافة عيادات وأقسام العيون الحكومية والأهلية والقطاع الخاص والعيادات الخاصة والجامعات الفلسطينية، بسبب عدم الاستجابة لمطالبهم. وقالت الجمعية في بيان لها، إنهم يحتفظون بحقهم القانوني والنقابي لاتخاذ الإجراءات اللازمة بخصوص طرح برنامج "دكتور بصريات" في إحدى الجامعات بالضفة الغربية.
وقال نائب رئيس جمعية أطباء العيون والناطق الرسمي باسمها د. يوسف نصر الدين لـ"الحدث"، إن أطباء العيون سيواصلون إضرابهم حتى تحقيق مطالبهم في هذا الخصوص، والمتمثلة بالتراجع عن البرنامج الذي طرحته الجامعة العربية الأمريكية تحت مسمى (دكتور بصريات)، بعد ترخيصه من قبل وزارة التربية والتعليم دون علم أحد خاصة وزارة الصحة التي يفترض أن تعطي الإذن لوزارة التربية والتعليم العالي بإمكانية الترخيص.
وأضاف: تابعنا الأمر مع الجامعة العربية الأمريكية ووزارة التربية والتعليم "وأخبرتنا الوزارة أنها أعطت ترخيصا مشروطا لهذا البرنامج، وهو ما يضع الوزارة وجامعة النجاح في ورطة إما أن تراجعا حساباتهما أو نستمر في إضرابنا".
خلافات كبيرة على البرنامج الأمريكي في أمريكا
ووفقا لـ د. نصر الدين، فإن البرنامج طرح من قبل ثلاث مرات، من قبل جامعة النجاح والجامعة العربية الأمريكية في رام الله وفي جنين، وتم رفضه من قبل مجلس الوزراء في فترتي سلام فياض ورامي الحمدالله بعد مداولات مع الأطراف المعنية اتفق في ختامها على رفض هذا البرنامج بالكامل وسحبه. "لقد طرح مشروع البرنامج سابقا (عام 2009) في بعض الجامعات الأمريكية غير المصنفة وغير المعترف فيها، وتمت الموافقة عليه في 7 ولايات من أصل 50 ولاية، في 21 جامعة أمريكية فقط، وباقي الجامعات حول العالم لا تعترف فيه بالكامل، "وهناك خلافات كبيرة جدا بالأساس في أمريكا عليه، كما أن الدول العربية لا تعترف أيضا به".
وأكد، أن البرنامج الذي وافقت عليه بعض الجامعات الأمريكية يقضي بدراسة مدتها 8 سنوات، "أما البرنامج الذي طرحته الجامعة العربية الأمريكية فيختزل الدراسة بستّ سنوات بطريقة مشوهة.. لذلك نحن نستغرب كيف مر هذا الموضوع على وزارة التربية والتعليم العالي إلا إذا كانت هناك مصالح غير مفهومة خاصة وأنه جاء في الوقت الذي أعلن فيه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن صفقة القرن، وما الغاية من ذلك وهل تم في هذا الوقت من أجل التغاضي عنه في الفترة الحساسة التي يمر بها الفلسطينيون؟.. يجب أن نناقش مسألة لماذا الآن بعد رفض البرنامج ثلاث مرات سابقا آخرها كان قبل نحو ستة أشهر!".
ووفقا لنائب رئيس جمعية أطباء العيون، فإن القضية بالأساس، هي أن الطالب بعد 6 سنوات يتخرج دون صلاحيات (يمنح صلاحيات طبيب دون دراسة الطب)، حينها يكون أمامه خياران، إما أن يعمل فني بصريات، أو أن يتصرف بطريقة غير قانونية بالعمل كطبيب ويعالج على أنه طبيب عيون، وهذا يضر بالطلبة الذين يرغبون بالالتحاق بالبرنامج وكذلك بالمرضى.
وشدد د. نصر الدين، على أنهم كأطباء عيون يطالبون بتطوير قطاع البصريات لكن دون أن يمس ذلك بقطاع العيون، وقال: ستسود الفوضى في هذا المجال.
وحول الإضراب القائم، أوضح، أنه "إضراب وجودي، وأطباء العيون بالكامل ملتزمون به، فنحن نرحب بالحوار لكن دون شروط ودون أن يملي علينا أحد او يجعلنا نرضخ للأمر الواقع". مطالبا بإيقاف البرنامج وتجميده وداعيا مجلس الوزراء إلى التفكير بموضوعية في هذا الأمر "لأننا في النهاية أضربنا من أجل الطلبة والمرضى".
وقال استشاري طب وجراحة الليزر وتصحيح قصر البصر وأمين عام مساعد اتحاد أطباء العيون العرب د. سامر العاصي، إن التخصص المعلن عنه من قبل الجامعة العربية الأمريكية، يمنح دارسيه إمكانية الفحص والتشخيص ووصف الدواء واتخاذ الإجراءات الطبية التي تدخل في قلب تخصص الطب، "ولا يجوز لأي صاحب مهنة أخرى غير الطبيب أن يفحص ويشخص ويقدم الإجراءات اللازمة ويوصف الداوء".
"الطبيب وحده من يشخص ويصف الأدوية"
وأضاف د. العاصي لـ"الحدث"، أن البرنامج الذي تم تبنيه - وهو برنامج أمريكي- تم تبنيه بقفزة كبيرة، فدراسة الطب تحتاج إلى 6 سنوات والتخصص في طب العيون يحتاج ما بين 4 إلى 5 سنوات إضافة إلى الامتحانات التي يخضع لها الطبيب من أجل التأكد أنه مؤهل لممارسة هذه المهنة، "وبكل بساطة تريد الجامعة أن تمنح درجة (دكتور بصريات) دون دراسة الطب". قائلا: "عمليات قصر البصر، يمكن لأي كان أن يقوم بتشغيل الجهاز، ولكنها بحاجة إلى تشخيص المريض وتحضيره جيدا وفهم حالته وحساب الحالة بشكل دقيق جدا، ولا يمكن لغير الطبيب أن ينجز هذه المهمة بالشكل المطلوب، وهنا تكمن أهمية وجود طبيب مؤتمن مختص قادر على الفحص والتشخيص ووصف الدواء".
وأشار د. العاصي، إلى أن البرنامج المطروح (دكتور بصريات)، له تأثيراته السلبية على الخريجين وعلى المرضى، لأنه "لا يعقل أن يأتي شخص يحمل شهادة من جامعة محلية ويقول إنه قادر على التشخيص.. هذا الكلام خطير ويمكن أن يعرض المرضى لمخاطر، خاصة وأن طبيب العيون عليه أن يكون ملما بعديد الأمراض في أجزاء أخرى من جسم الإنسان ولها علاقة بمشاكل العين، فالبصريات تخصص مختلف كليا عن طب العيون".
وشدد د. العاصي، على أنه لا يوجد طب عيون بدون تشريح، حيث يمكن لأخصائي البصريات أن ينجز النظارات الطبية بطريقة قد تكون أفضل من طبيب العيون، و"نحن كأطباء عيون نعطي أخصائي البصريات العمل حتى يكملوه".
ونوه إلى أن بعض الدول العربي كلبنان والأردن تطبق قانونا ينص على أنه يمنع منعا باتا لأي كان باستثناء الطبيب أن يفحص مريضا دون سن 12 سنة.
وأكد، على أن أطباء العيون لا يرغبون بالإضراب إلا "من أجل إيصال صوتنا، ولكي لا يكون هناك طرف متنفذ يمكنه تنفيذ مصالحه على حساب الأطباء وطب العيون على وجه التحديد".
ويرى د. العاصي، أنه سيكون هناك تجاوب في الأيام القليلة المقبلة من قبل الجهات المعنية، "فالقيادة رشيدة وأظن أنها ستتناول الموضوع بشكل جدي وعلمي، وفي النهاية لا يصح إلا الصحيح، فالخريج سيصطدم بجبل بعد التخرج ومشاكل تقضي على سنوات عمره التي قضاها في الدراسة، ولا نريد أن يحصل كما حدث مع مساعدي الصيادلة الذين دخلوا في مطب رهيب، ولم يعترف بشهاداتهم".
وبحسب د. العاصي، فإن كل ما يهم جسم الإنسان يجب الرجوع به إلى وزارة الصحة التي تأخذ بعين الاعتبار قوانين نقابة الأطباء، مشيرا، إلى أن البرنامج عندما طرح قبل سنوات لدى جامعة النجاح تم نشر إعلان في جريدة القدس مفاده أن من يقوم بوصف الدواء أو التشخيص دون أن يكون طبيبا سيتم تحويله للنيابة العامة بتهمة امتهان وظيفة غير قانونية وهو ما أدى إلى تراجع الجامعة عن طرحه.
وأعلنت نقابة الأطباء الفلسطينيين، عن بدء إضراب شامل يوم الأحد لعدة أسباب أحدها طرح تخصص "دكتور بصريات".
وبدورها، قالت نقابة أختصاصيي البصريات الفلسطينيين، إنه وفي ظل عدم وجود مسمى "دكتور بصريات" في وزارة الصحة الفلسطينية، فإن النقابة ضد إطلاق البرنامج دون وجود مسمى بالوزارة. مشيرة، إلى أنه لم يتم مشاورتها من قبل الجامعة لإطلاق البرنامج المعلن عنه بشكله الحالي، واعتبرت أن أي خريج من الجامعة ستكون صلاحياته ومسماه اختصاصي بصريات. وأكدت النقابة، على أنها بنت شراكات مع جامعات داخل الوطن وخارجه، وهدفها تطبيق برامجها على أرض الواقع دون غبن لأحد. وشددت على دعمها لأي تطور في النهج التعليمي لكن بالشراكة مع من يهمه الأمر.
وأكدت النقابة، على أن برنامج (دكتور بصريات) هو امتداد لتخصص البصريات "ولا علاقة له بأي أحد غير نقابتنا، صاحبة الحق في قبوله أو رفضه"، مشيرة إلى أن "التهديد بفتح مراكز بصريات من قبل أطباء العيون سيواجه على أرض الواقع بإقرار الصلاحيات المخولة لاختصاصيي البصريات، كما ورد في بطاقة الوصف الوظيفي المصادق عليها من وزارة الصحة ومجلس الوزراء وديوان الموظفين".
وأكد اتحاد نقابات المهن الصحية، على أن هذا التخصص هو من ضمن تخصصات المهن الطبية المساندة، "ولا يملك أي أحد أي علاقة بهذا البرنامج حتى بنقاش أي جزئيه فيه"، محذرا من حالة فرض وقائع على الأرض تمس أي مهنة من المهن الطبية المساندة.