الحدث – رام الله
أعرب مجلس حقوق الإنسان عن دعمه وتضامنه مع البروفيسور ويليام شاباس، رئيس لجنة الأمم المتحدة المستقلة للتحقيق بشأن النزاع في غزة 2014، في وجه الضغوط وحملات التشويه التي شنتها دولة الاحتلال الإسرائيلي بحقه ودفعته للاستقالة.
وكان البروفيسور شاباس أعلن عن استقالته من رئاسة وعضوية اللجنة، يوم أمس الاثنين، نتيجة الضغوطات التي مورست عليه وحملة التشكيك والتشويه التي شنتها دولة الاحتلال الإسرائيلي بحقه منذ تولّيه هذا المنصب، بهدف التغطية على الجرائم التي ارتكبتها خلال هجومها العسكري الأخير على قطاع غزة. وكان آخر تلك الحملات اتهام البروفيسور شاباس بالتحيز لصالح الفلسطينيين، على خلفيه تقديمه في العام 2012 رأياً قانونياً استشارياً لمنظمة التحرير الفلسطينية.
وفي الوقت الذي يعرب فيه المجلس عن قناعته بأن الحجج التي تسوقها إسرائيل، الدولة القائمة بالاحتلال، تهدف إلى إجهاض أي جهد دولي للتحقيق في جرائمها ومحاسبة مرتكبيها، يؤكد أنها كانت ستتخذ نفس الموقف من أي لجنة تحقيق بغض النظر عمن يرأسها أو أعضائها، خصوصا وأن تاريخها حافل بمثل هذه الممارسات للتغطية على جرائمها، وانها أعلنت رفضها لتشكيل اللجنة أو التعاون معها حتى قبل تسمية رئيسها وأعضائها، وهو ما سبق وأن قامت به مع لجنة التحقيق التي تشكلت في العام 2009 برئاسة القاضي غولدستون.
وعليه فإن مجلس منظمات حقوق الإنسان الفلسطينية:
- يؤكد وقوفه إلى جانب البروفيسور شاباس، الذي يعد من الخبراء المعروفين والمشهود لهم بالكفاءة والمهنية على المستوى العالمي، وأن الهجوم عليه يعتبر وسيلة لإحباط جهود المساءلة لمنتهكي القانون الإنساني الدولي والقانون الدولي لحقوق الإنسان، ومحاولة لوأد تقرير لجنة التحقيق مع اقتراب انتهائها من أعمالها وتقديمه لمجلس حقوق الانسان في جلسته نهاية الشهر القادم. ويأتي هذا الهجوم، على وجه الخصوص، بعد قيام فلسطين بتوقيع صك الانضمام للمحكمة الجنائية الدولية، ومباشرة المدعية العامة للمحكمة لدراسة أولية للحالة في الأرض الفلسطينية المحتلة، وما قد يتمخض عنه هذا من تحقيق مستقبلي يفضي إلى مساءلة محتملة لقادة دولة الاحتلال المتهمين بارتكاب جرائم تندرج ضمن اختصاص المحكمة.
- يؤكد أن الاستشارة التي كان قد قدمها البروفيسور شاباس لمنظمة التحرير كانت استشارة مهنية مستندة للقانون الدولي، ويفترض أن لا تدفع أيًا كان لاتخاذ موقف من مقدمها، ولكن موقف إسرائيل يشير إلى أنها تتعامل بعدائية مع كل من يؤكد على القانون الدولي كفيصل لحل الصراع ومساءلة المنتهكين. كما يشكل موقفها انتهاكاً صارخاً للحق في حرية الأشخاص والخبراء بالتفكير والتعبير وتقديم آراء قانونية، وأن إسرائيل تتفق فقط مع من يدعم انتهاكاتها واحتلالها وما تسميه "حقها في الدفاع عن نفسها".
- يرى أن قرار البروفيسور شاباس جاء من باب تفويت الفرصة على دولة الاحتلال الاسرائيلي في اتخاذ مواقف مسبقة ومعتادة عليها في معاداة لجان التحقيق الدولية للتغطية على جرائمها، ورفضها المسبق لنتائج تلك التحقيقات تحت ذرائع واهية تتعلق باتهامات بالتحيز لرؤساء اللجان والخبراء.
- يدعو الأمم المتحدة إلى اتخاذ موقف واضح من تلك الضغوطات والحملات التي تمارسها إسرائيل على اللجنة، وأن تعمل على الضغط على دولة الاحتلال الإسرائيلي للتعاون مع لجنة التحقيق المذكورة، وإن عدم قيامها بذلك قد يشجعها للمضي في ممارساتها.
- يؤكد على أن أي موقف للأمم المتحدة لتمكين لجان التحقيق من ممارسة ولايتها ودورها هو دفاع عن الأمم المتحدة ذاتها، وعن مبادئ العدالة والإنصاف، وليس تحيزًا لأي طرف، خصوصًا وأن سجل دولة الاحتلال حافل بالاستخفاف بعمل مقرري الأمم المتحدة الخاصين وكافة لجان التحقيق المتعلقة بالأرض الفلسطينية المحتلة. وأن موقفها من البروفيسور شاباس ما هو إلا مثال على هذا، فإسرائيل تكاد تكون الدولة والوحيدة التي ترفض التعامل مع لجان الأمم المتحدة ولا تسمح لها ولا للمقررين الخاصين بالدخول للإقليم المحتل، وهذا ما حصل ويحصل دوماً مع لجنة الأمم المتحدة الخاصة بالتحقيق في انتهاكات إسرائيل لحقوق الانسان في الأراضي العربية المحتلة المشكلة منذ العام 1968 وغيرها من اللجان. كما أن إسرائيل هي الدولة الوحيدة التي قصفت مقار تابعة للأمم المتحدة أكثر من مرة في الأرض الفلسطينية المحتلة دون أن تتخذ الأمم المتحدة أي موقف جاد من ذلك.
- يدعو لجنة التحقيق المذكورة إلى استكمال دورها الذي أنشئت من أجله، بما يخدم مبادئ العدالة وإنصاف الضحايا، ويؤكد على ثقته فيها لانجاز مهامها على أكمل وجه.
- ينبه إلى خطورة محاولات وأد تقرير لجنة التحقيق والمساعي لتقويض عمل اللجنة واستكمالها لما خولت به من تفويض ويطالب المجتمع الدولي، وخصوصًا دول الاتحاد الأوروبي، بدعم التقرير وتقديمه في موعده لمجلس حقوق الإنسان ودعم نتائجه حين صدوره.
يُشار إلى أن مجلس حقوق الإنسان كان قد اعتمد في 23 تموز/ يوليو قراراً بإنشاء لجنة تحقيق دولية مستقلة، وفوضها بالتحقيق في جميع انتهاكات القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان في الأرض الفلسطينية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية، وبخاصة في قطاع غزة، في سياق الهجوم العسكري الذي شنته قوات الاحتلال الإسرائيلي منذ 13 حزيران/ يونيو 2014، وتقديم تقرير إلى المجلس في آذار/ مارس 2015.