سبعة أيام حاسمة حتى يوم الإثنين القادم موعد الانتخابات للكنيست الإسرائيلي (البرلمان) وهي انتخابات تاريخية غير مسبوقة، إذ هي الثالثة في غضون عام واحد ولم يستطع أي حزب صهيوني يميني متطرف أو صهيوني يساري أن يحصل على أغلبية 61 نائبا في الانتخابات السابقة تمكنه من تشكيل حكومة، ولعل نتائج الانتخابات السابقة التي حصلت فيها القائمة العربية المشتركة على 13 مقعدا مضيفة ثلاثة مقاعد إلى رصيدها السابق؛ كانت سببا في عدم تمكن اليمين المتطرف بزعامة بنيامين نتنياهو من تشكيل حكومته، إضافة إلى أسباب أخرى.
رفعت القائمة المشتركة مقاعدها في الانتخابات السابقة بنسبة 30 بالمئة بوحدة المواطنين العرب الفلسطينيين في الكيان الإسرائيلي حول أهداف محددة أولها إفشال نتنياهو في تشكيل حكومة يمينية برئاسته نظرا لسياساته العنصرية وتحريضه المستمر على العرب الفلسطينيين في الداخل، وثانيها سن قانون القومية الذي يحرم المواطنين العرب الفلسطينيين من حق المواطنة في الكيان الإسرائيلي وهم أصحاب الوطن الأصليين، وثالثها قانون كامينتس وسياسة هدم البيوت العربية الفلسطينية بدعوى عدم الترخيص والخروج على المخططات الهيكلية للقرى والمدن العربية، ورابعا توجهات بنيامين نتنياهو وحكومته اليمينية السياسية تجاه القضية الفلسطينية، والتنكر لحل الدولتين وحرب عملية السلام وبتكثيف الاستيطان ومصادرة الأرض وتهويد القدس.
واليوم، ونحن على بعد بضعة أيام من موعد الانتخابات للكنيست؛ فإن أهداف بنيامين نتنياهو وسياسته اليمينية العنصرية ضد العرب الفلسطينيين في الداخل لم تتغير بل زادت وضوحا وفق ما جاء في خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وصهره جاريد كوشنر المعروفة بصفقة القرن، والتي يجمع الساسة في العالم والمحللين السياسيين أن الصفقة هي من صنع بنيامين نتنياهو، إذ أن ساكن البيت الأبيض لا يدري أين هي باقة الغربية ومن يسكنها وما هي تطلعاتهم واهتماماتهم. وقد فرض نتنياهو المطارد والملاحق قضائيا على إدارة ترامب ونشر الخطة الصفقة قبل الانتخابات علّها تساهم في رفع نسبة المصوتين لحزبه الليكود اليميني والمستوطنين المتطرفين، وبالتالي يتمكن من تشكيل حكومة بزعامته ويحصل هو شخصيا على حصانة برلمانية بصفته رئيسا للوزراء إلى ما بعد نهاية مدة الكنيست.
لقد أدرك بنيامين نتنياهو أهمية كل صوت عربي في الانتخابات القادمة كما في الانتخابات السابقة التي اتبع فيها أسلوب الهجوم والتهديد والتحريض على المواطنين العرب الفلسطينين، وما دفع المواطن العربي الفلسطيني إلى ردة فعل معاكسة، فخرج إلى صناديق الاقتراع وأحدث الفارق ب 30 بالمائة زيادة في عدد النواب العرب الفلسطينيين، ولما لم تثمر سياسة التحريض المتبعة منذ أكثر من عشر سنوات؛ لجأ نتنياهو إلى سياسة التودد للمواطن العربي وظهر لأول مرة في وسيلة إعلام عربية في الداخل ينثر الوعود ويعدد الإنجازات التي تحققت للمواطن العربي في عهده، وكأن الذاكرة العربية الفلسطينية ضعيفة وقد نسيت قانون القومية العنصري وقانون كامينتس وسياسيته التمييزية، بل نسيت ما جاء قبل أسابيع من خطة ترامب خاصة ما يتعلق منها بالمثلث والنقب وسياسة الترانسفير إلى المجهول التي يعد بها نتنياهو 350 ألف عربي فلسطيني.
أمام كل هذه الحقائق، لا بد من طرح السؤال التالي: لماذا لا يخرج الناخبون العرب يوم الإثنين القادم إلى صناديق الاقتراع منذ الصباح الباكر للإدلاء بأصواتهم للقائمة العربية المشتركة التي أثبتت تماسكها وحددت أهدافها رغم كل حملات التشكيك واختلاق الذرائع التي يبثها الإعلام الصهيوني بكل أدواته المرئية والمقروءة والمسموعة، ولا يخفى على المواطن الفلسطيني العادي السم الممزوج بالعسل والسهام الموجهة ضد القائمة المشتركة.
هناك مليون ناخب عربي فلسطيني، وهو عدد مساو تقريبا لعدد الناخبين الذين أعطوا أصواتهم لليكود، ولعدد الناخبين الذين أعطوا أصواتهم لحزب أزرق أبيض أبيض في الانتخابات السابقة، فماذا لو أن 70% من المصوتين العرب ضحوا بساعة من يوم الإثنين القادم واستيقظوا باكرا وتوجهوا الى صناديق الاقتراع وأدلوا بأصواتهم حصريا للقائمة المشتركة!. إن هذه الساعة تحدد مصير الأقلية العربية الفلسطينية الأصلية ومستقبلهم في وطنهم التاريخي وتحميهم من حقد بنيامين نتنياهو وما يعشش في رأسه من أوهام وخزعبلات يستخدمها للحفاظ على كرسيه المتهاوي في رئاسة الحكومة.
لا أحد يدرك أهمية الصوت العربي الفلسطيني أكثر من بنيامين نتنياهو، وكلنا يتذكر صرخاته التحريضية عندما خرج الفلسطينيون بكثافة لافتة في الانتخابات السابقة إلى صناديق الاقتراع في الساعات الأخيرة من يوم الانتخابات لينقذوا القائمتين العربيتين لتتجاوزا نسبة الحسم المطلوبة.
القائمة المشتركة بإجماع عربي اليوم هي الصوت الممثل للعرب الفلسطينيين داخل الكيان الإسرائيلي، تحافظ على حقوقهم الوطنية وتطلعاتهم القومية وقضاياهم اليومية ومستقبلهم السياسي والاقتصادي والثقافي.
وكل نائب يضاف زيادة على القائمة المشتركة في انتخابات الإثنين القادم بعد سبعة أيام، هو مكسب ثمين للأقلية العربية الفلسطينية الأصلية في الكيان الإسرائيلي.
لقد حققتم في الانتخابات السابقة إنجازا مهما برفع عدد أعضاء الكنيست العرب الفلسطينيين من عشرة أعضاء إلى 13 عضوا، ما نسبته 30%، واليوم أنتم مدعوون إلى رفع عدد أعضاء الكنيست العرب الفلسطينيين مرة أخرى بنسبة 30%، أي أربعة أعضاء آخرين، وهو هدف ممكن بسهولة 17 نائبا، تضمن ذهاب نتنياهو إلى المحكمة وبقاء أهل المثلث في بلدهم الأصلي ومحيطهم الاجتماعي.
أهل المثلث والنساء العربيات الفلسطينيات من مختلف الطوائف الفلسطينية بإمكانهم كتابة المعادلة الحقيقية للتمثيل العربي الفلسطيني في الكنيست ليوم الإثنين الحاسم، ويقولون لبنيامين نتنياهو وجماعته المتطرفة باي باي، وأظن أن ذهاب نتنياهو سيتبعه فشل دونالد ترامب في إعادة انتخابه للرئاسة الأمريكية لفترة ثانية وعندها يتخلص الفلسطينيون من ترامب وتابعه أو من نتنياهو وتابعه وكذلك سيتخلصون من ذيول صفقة القرن وقانون القومية وقانون كامينتس وربما تفتح أبواب السلام والاستقرار في فلسطين والشرق الأوسط والعالم.
افعلوها يوم الإثنين الحاسم، واخرجوا للتصويت للقائمة العربية المشتركة جماعات، واعطوا لذلك ساعة من وقتكم، ساعة بألف ساعة ويوما بألف يوم.