الجمعة  22 تشرين الثاني 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

في شهر المرأة الفلسطينية: يحتفلون ويتغنون بالمرأة وإنجازاتها ويعجزون عن منع قتلها والحد من انتهاكاتها

2020-03-21 09:15:05 AM
في شهر المرأة الفلسطينية: يحتفلون ويتغنون بالمرأة وإنجازاتها ويعجزون عن منع قتلها والحد من انتهاكاتها
صورة لفتيات فلسطينيات - مسرح البسطة

 

الحدث – كرمل إبراهيم

الاحتفالات السنوية بيوم المرأة العاملة في الثامن من آذار وعيد الأم الفلسطينية الذي يصادف اليوم 21/آذار، لم تمنع قتل (ك.م) ابنة الـ 24 عاما، فهي أم لطفلين كانا ما زالا أجنة في رحمها حين قتلت، في الشهر الثامن من عمرهما التكويني، لم يشاء القدر أن يموتا في رحم أمهم، على يد جدهم، الذي لم يكترث لهذا الوضع والإحساس، وقام بقتل ابنته بكل تبجح وسط أهل زوجها، بعد أن طلب مقابلتها، حيث قدم خصيصاً لتنفيذ جريمته من محافظة أخرى، متجهاً إلى المحافظة التي تسكن فيها، لتستقر رصاصة خرجت من مسدسه في صدرها" وفقا لتوثيقات مركز المرأة للإرشاد القانوني والاجتماعي.

 

آذار شهر الاحتفالات بالمرأة الفلسطينية

ففي شهر الاحتفالات بالمرأة الفلسطينية (آذار)، تتغنى المؤسسات الحكومية والحقوقية والنقابية في احتفالاتها بيوم المرأة وعيد الأم وغيرها من المناسبات المحلية والعالمية الخاصة بالمرأة، لكنها عجزت كلها عن منع مسلسل ارتكاب الجريمة التي تتعرض لها المرأة الفلسطينية وأودت بحياة 118 امرأة خلال الخمس سنوات الأخيرة في الضفة الغربية وقطاع غزة، من بينهن 76 قتيلة في السنوات الثلاث الأخيرة، بحسب "مركز المرأة للإرشاد القانوني والاجتماعي".

مثلما فشلت تلك المؤسسات والنقابات عن إيجاد بدائل لحوالي 6 آلاف عاملة فلسطينية تعمل في المستوطنات وبخاصة في الأغوار والمناطق الصناعية الاستيطانية في سلفيت يتعرضن للتحرش الجنسي وغير ذلك من ضروب المعاملة المهينة التي تحط من قدر الإنسان وقيمته وكرامته، ويتم تشغيلهن لساعات طويلة غير متناسبة مع أجورهن.

 

المرأة الفلسطينية درة تاج العطاء الوطني

وإن كانت المرأة الفلسطينية درة تاج العطاء الوطني، كما يصفها الاتحاد العام لنقابات عمال فلسطين، الذي أشاد بكفاحها وعطائها المستمر، فهل تكفي إدانته للتجاوزات والانتهاكات والإجراءات التي وصفها بالفشاية واللاإنسانية واللاأخلاقية التي تمارسها دولة الاحتلال الإسرائيلي بحق النساء الفلسطينيات سيما العاملات منهن في سوق العمل الإسرائيلي والمستعمرات؟.

وكما هو الحال في كل مناسبة، تعهد أمين عام الاتحاد شاهر سعد في مقابلته الخاصة بـ(الحدث)، بالعمل على تجسيد الاتفاقيات الدولية الخاصة بالنساء والتي وافقت عليها السلطة الوطنية الفلسطينية، سيما اتفاقية منظمة العمل الدولية 190 في مؤتمر منظمة العمل الدولية 108 في جنيف، لمناهضة التحرش بكلا الجنسين في عالم العمل، وما سبقها من اتفاقيات تدعو وتطالب بالمساواة بين النساء والرجال في المجالات كافة.

وشدد سعد، على إقرار سياسات اجتماعية واقتصادية وقانونية عادلة تحقق الأمن والكرامة الإنسانية للنساء، والإسراع في إقرار التعديلات القانونية اللازمة على قانون العمل التي من شأنها إنصاف النساء ومنحهن حقوقهن، والمطالبة الحثيثة بتطبيق نظام الحد الأدنى للأجور.

ولم ينس سعد الإشادة بالمؤسسات التي بادرت لرفع نسب تمثيل المرأة لديها لتصل إلى 30%، داعيا الحكومة الفلسطينية لتطبيق قرارات المجلسين الوطني والمركزي بهذا الخصوص في جميع مؤسسات دولة فلسطين.

 

تعرض النضال النسوي إلى نكسة خطيرة أساءت لنضال المرأة الفلسطينية

ولم يكن واقع حال الاتحاد العام للمرأة الفلسطينية أفضل من غيره في التغني بالشعارات وتعزيز المطالبات بحقوق المرأة الفلسطينية ومنع الانتهاكات التي تتعرض لها على كافة المستويات، وإن كان لم ينس 48 أسيرة فلسطينية يقبعن خلف القضبان في سجون دولة الاحتلال.

لكن الأمينة العامة للاتحاد انتصار الوزير "أم جهاد"، تؤكد في مقابلتها الخاصة بـ"الحدث" تعرض النضال النسوي إلى نكسة خطيرة أساءت لنضال المرأة الفلسطينية عبّرت عنها الهجمة العدائية المنظمة من قبل الاتجاهات الأصولية المتحالفة مع العشائر على المرأة الفلسطينية من خلال استخدام اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة وتشويه مضامينها للحد الذي وصل بهم إلى مطالبة السلطة الوطنية بعد خمس سنوات على الانضمام للانسحاب من الاتفاقية التي تدعو الدول إلى تحقيق المساواة بين المواطنين والمواطنات بالحقوق والواجبات ونبذ التمييز الممارس ضد المرأة.

وأكدت الوزير، على نشر اتفاقية سيداو في جريدة الوقائع الرسمية دون إبطاء التزاما بالقانون الأساسي، وطالبت الحكومة بالالتزام بالتوصيات والملاحظات المقدمة من لجنة اتفاقية سيداو وتكثيف جهودها من أجل تعزيز حقوق الإنسان وحقوق المرأة ونبذ التمييز ضدها، والاستجابة للتعديلات المقدمة من الاتحاد ومؤسسات المجتمع المدني بخصوص قانون حماية الأسرة وإصداره فورا، واتخاذ التدابير الفورية لتغيير الأنماط الثقافية التمييزية والاقصائية وخاصة على صعيد المناهج والإعلام وكذلك المطالبة باتخاذ الإجراءات اللازمة لمنع صدور تصريحات تحريضية من قبل الشخصيات الرسمية ضد المرأة.

 

تمكين المرأة العاملة من اختيار ممثليها بعيدا عن الإسقاط الفوقي

وإن كان الإئتلاف النقابي العمالي في فلسطين يعتبر المرأة العاملة الفلسطينية أحد أعمدة الإنتاج الوطني الفلسطيني، وأن دورهن مشهود له بالتضحية والعطاء، فإن منسقه العام محمد عرقاوي يطالب من خلال "الحدث" بتعزيز دور المرأة العاملة من خلال تعزيز التشريعات العمالية وفرص العمل اللائقة الخاصة بها.

وحث عرقاوي على دعم نضالات المرأة الفلسطينية والتعاون في مجال التوعية المهنية والنقابية والتشريعات العمالية الخاصة بها ودعمها في دمج وتعزيز الشراكة بالعمل والإنتاج والبناء والاقتصاد الوطني والشراكة الثلاثية.

وطالب عرقاوي بتمكين المراة العاملة من اختيار ممثليها الحقيقين والابتعاد عن كافة أشكال الإسقاط الفوقي وفرض الوصاية على الحركة العمالية الفلسطينية.

 

السير نحو المجهول وترسيخ الاضطهاد في الوعي

وعلى أهمية تكاتف وتواصل الجهود الوطنية الرسمية والمدنية والمجتمعية بهدف إنصاف المرأة الفلسطينية، فإن مدير مركز إعلام حقوق الإنسان والديمقراطية "شمس" د. عمر رحال يؤكد في مقابلته مع "الحدث" على أهمية تكثيف حضورها في المشهد الفلسطيني سياسيا واقتصاديا واجتماعياٍ وثقافيا وحقوقيا، على طريق العدالة والمساواة. وفي مقدمتها المواطنة كوعاء حقوقي لقيم الديمقراطية ومرتكزاتها.

يقول د. رحال: "إن السير نحو المجهول وترسيخ الاضطهاد في الوعي والممارسة الجمعية وتدمير الذات، مستمر على الرغم من توقيع فلسطين على جملة من الاتفاقيات والمعاهدات الدولية في مقدمتها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والعهد الدولي الخاص بالحقوق السياسية والمدنية، والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاجتماعية والاقتصادية والثقافية، واتفاقية القضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة (سيداو) التي بقيت غير نافذة ولم يجر نشرها بل وتعرضت إلى حملة تشويه منظمة وتمت مهاجمة المؤسسات الداعمة لحقوق النساء بحجج واهية تستند على نظريات مؤامراتية وتنطلق من حالة تقوقع على الذات".

ويرى رحال، أن هذه الخطابات من الكراهية ضد المنظمات المدنية مثلت حالة خطيرة للعنف الذي يقع على النساء وخطاب الكراهية والتمييز الذي يعانين منه إلى حقل المؤسسات المدنية الداعمة لحقوقهن من قبل حملات ممنهجة قادتها مراكز القوى التقليدية والمحافظة.

وطالب د. رحال بقانون عقوبات فلسطيني عصري يغلظ العقوبات والجزاءات على قتلة النساء، وبضرورة الإسراع في إصدار قانون لحماية الأسرة من العنف. والعمل على إصدار قانون أحوال شخصية حديث وعصري يتوافق وحقوق الإنسان ويلتزم بالمعايير الدولية ويشمل القضايا الأساسية حول الحقوق الاقتصادية والاجتماعية للمرأة.

 

دورها النضالي لم يعطها حقها في المساواة والعدالة

بينما تركز وزيرة شؤون المرأة د. آمال حمد في مقابلتها الخاصة بـ"الحدث"، على وطأة معاناة النساء الفلسطينيات الناجمة عن استمرار الاحتلال وإجراءاته التعسفية المتمثلة بالحصار والاعتقال والاستشهاد، مشيدة بالتزامهن المتواصل بالمشاركة في عملية البناء والتنمية للوصول إلى مواقع ريادية وقيادية في المجتمع رغم التحديات التي  تأخذ أشكالا  متنوعة من الانتهاكات التي تطال حقها في الحياة وتقوض أسس الحياة الاقتصادية والاجتماعية في الأراضي الفلسطينية عموما وقطاع غزة على وجه الخصوص، الأمر الذي انعكست آثاره على غالبية حقوقهن.

ولكنها تؤكد أن الدور النضالي للمرأة الفلسطينية لم يعطها الحق في المساواة والعدالة نظرا للثقافة المجتمعية الذكورية المترسخة في المجتمع والتي قيدت إبداعها ومشاركتها في الحياة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية لتسهم في تنمية المجتمع وتطوره، فهي ما زالت تناضل وتكافح من أجل مساواة حقيقية بعيدا عن كل مظاهر التمييز ضدها.

وتعهدت حمد، بالعمل بشكل متواصل ومكثف على الإصرار بالمطالبة  بإقرار جملة من  القوانين التي من شأنها أن تضمن وضعاً أفضل للنساء، وفي مقدمة هذه القوانين قانون الرعاية الاجتماعية وقانون أصول المحاكمات الشرعية وقانون الأحوال الشخصية الموحد وإقرار قانون حماية الأسرة من العنف وقانون العقوبات الموحد لدولة فلسطين وتعديل قانون الانتخابات التشريعية والمحلية برفع نسبة التمثيل إلى 30% استنادا إلى قرار المجلس المركزي الفلسطيني.

 

 دعوات بمضمون إيجابي وبفعل سلبي

ولكن كل هذه التأكيدات والدعوات والمطالبات القانونية والحقوقية المتكررة سنويا وبنفس الديباجة لم تحدث أي تغير على مر السنوات في نظرة المجتمع الدونية للمرأة، كما أنها لم تحم (ا.ح) من القتل بعد بقائها في البيت الآمن مدة 6 أشهر وبعد التنسيق بين عدة مؤسسات من بينها قامت النيابة العامة والشرطة الفلسطينية بإتمام رسوم زواجها الشرعي من زوج شقيقتها التي كانت على علاقة به. سكنت هي وزوجها في منطقة بيت لحم، لكنها اضطرت للرحيل والسكن في محافظة أخرى في شمال الضفة الغربية، لأن عائلتها لم تكن موافقة على زواجها، وتعرضت للملاحقة من قبلهم، وأقامت هناك لمدة تزيد عن السنة حيث تمكن شقيقها من الوصول إليهم وقتلها مع زوجها أمام أطفالهما (طفل وطفلة) في شقتهما السكنية وقام بعد ذلك بتسليم نفسه للنيابة العامة.

 ولم يكن حال (أ.ش) أفضل من غيرها فهي أم لخمسة أطفال وهي الزوجة الثانية لزوجها، كانت تحب زوجها وأطفالها وتدافع عنهم بشكل مستمر، تعرضت للقتل في شجار عائلي على يد شقيق زوجها وابنه، تقول أمها وعمتها اللواتي بكين بحرقة على فقدانها: إلى جانب أطفالها الصغار الذين ينادون أمهم بشكل مستمر، حيث هم الآن عند جدتهم والدة أمهم، حيث تحتضنهم عوضاً عن أمهم"، وفقا لتوثيقات مركز المرأة للإرشاد القانوني والاجتماعي.