عندما يصارع العالم لمكافحة الوباء وعينه الأخرى على الأوضاع الاقتصادية وحتمالات انهيارها وآثار ذلك الاجتماعية والأمنية وحتى الصحية، وهنا نتحدث عن دول راسخة واقتصاديات صناعية وزراعية وتكنولوجية وخدماتية متقدمة، فماذا سيحل بفلسطين، وهي التي لا تمتلك نظاماً صحياً يقدر على أن يقدم أكثر من فرض الوقاية من خلال العزل الإلزامي الشامل والذي نجح وسيقاوم إلى درجة كبيرة إمكانات الانتشار الواسعة كنجاحات أولية واعدة علينا البناء عليها، طبعاً دون أن نتوهم أننا قد تجاوزنا المحنة، فوقت الإشادات والاحتفالات ومجاملات تبادل الشكر لم يحن بعد، وأرجو ألا يطول الوقت كثيراً حتى تأتي لحظة الانتصار والفرح الجماعي لشعبنا وللبشرية برمتها، في الأثناء، فنحن اقتصاد هش وريعي، هذا يعني أن الطرف الثاني في معادلة معالجة مكافحة الوباء يمكن أن تنهار بسرعة ما لم تتخذ إجراءات جادة وطنية مجتمعية وحكومية متكاملة لتعزيز التكافل والتضامن الاجتماعي والإغاثي وصولاً لأن تتكفل كل أسرة قادرة أسرة غير قادرة أو أكثر، وخاصة من العائلات الميسورة وأصحاب رؤوس الأموال الفلسطينية هنا في الوطن وفي الشتات والتي عليها أن تبلور وسائل مبتكرة للإسهام في هذا التكافل والحماية الاجتماعية، بالإضافة لتعزيز ثقافة ترشيد الاستهلاك وإعلاء شأن الاقتصاد المنزلي، هذه أمور في غاية الأهمية، لخلق ثقافة مجتمعية قادرة على الصمود، وبالتأكيد سنحتاجها في معرك سياسية قادمة، أما استمرار احتكار القرار الوطني وتهميش المجتمع وعدم مراجعة سياسة الاقصاء وآثارها الخطيرة خاصة في هذة المحنة والمعارك السياسية القادمة، فإن ما يجري الحديث عنه من نجاحات زعاماتية ستظل محدودة وربما وهمية وبالحد الأدنى فهي قصيرة النظر.
فالنجاح الجوهري هو عندما يشعر كل مواطن أنه جزء من المعركة وبالتالي جزء من النجاح .
أمر أخير هو ومع أن الحجر المنزلي الإلزامي أمر في غاية الأهمية، إلا أنه ربما سيكون له آثار اجتماعية وحتى نفسية عند بعض الناس في ظل حالة الخوف والهلع من الڤيروس وربما من تبعات الواقع الاقتصادي على الأسر الفقيرة، وهذا ما يحتاج لتدخلات إرشادية من مختصين وتعميم تجارب ذاتية ناجحة في نفس الوقت.