الحدث-عسقلان
في هذه المدينة الساحلية التي حكمها الإغريق والفينيقيون في الماضي البعيد وأصبح عدد كبير من الروس يعيشون فيها الان يدور الحديث هذه الأيام في متاجر البقالة التي تمتليء رفوفها بالكافيار ومحلات المجوهرات عن الانتخابات الاسرائيلية المقبلة وأصوات الروس الذين أصبحوا قوة يعتد بها.
فبعد انهيار الاتحاد السوفيتي في التسعينات هاجر أكثر من مليون شخص يتحدثون الروسية إلى اسرائيل واستقر كثيرون منهم في مدن على ساحل البحر المتوسط مثل عسقلان وناتنايا حيث تستخدم اللغة الروسية على الدوام ويشيع استخدامها أيضا في قوائم الطعام مثلما تنتشر الفودكا واللحوم المدخنة.
ولأن المهاجرين الروس يمثلون نحو 20 في المئة من سكان اسرائيل من اليهود فإن اصوات الروس المحافظين الذين ينتمون للطبقة العاملة أصبحت تمثل عنصرا مهما في الحياة السياسية تحسب الأحزاب حسابه قبل الانتخابات البرلمانية في 17 مارس اذار المقبل.
وتشمل أصوات الروس مجموعة من المهاجرين من أوكرانيا ومولدوفا وجورجيا وروسيا البيضاء وغيرها وفي الماضي كانت نسبة كبيرة من هذه الأصوات تذهب لحزب اسرائيل بيتنا اليميني الذي يتزعمه وزير الخارجية المولدوفي المولد أفيجدور ليبرمان.
غير أن التحقيق يجري مع مسؤولين في الحزب بسبب اتهامات بالفساد وتشير استطلاعات الرأي إلى أن التأييد الشعبي للحزب يتراجع فمن ذروة بلغت 15 مقعدا كان يتمتع بها في البرلمان الاسرائيلي المكون من 120 مقعدا قبل بضع سنوات أصبح الان يشغل 13 مقعدا ومن المتوقع أن يفوز بست مقاعد في انتخابات الشهر المقبل.
ولذلك فالسباق على أشده لاستمالة المتحولين عن تأييد الحزب ليس فقط من حزب ليكود بزعامة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بل من وزير الاقتصاد نفتالي بينيت الذي يمثل التيار القومي المتشدد وكذلك من تيار يسار الوسط في المعارضة.
وقال بينيت الذي يتوقع أن يفوز حزبه حزب البيت اليهودي بما يصل إلى 15 مقعدا في الكنيسيت لرويترز أثناء جولة في إطار الحملة الانتخابية في عسقلان "نحن نرى حركة (نزوح) كبيرة من حزب ليبرمان لحزبي."
وأضاف أن هؤلاء الروس "يبحثون عن حزب يتمتع بالقوة ويأخذ موقفا قويا فيما يتعلق بقيمنا قيمنا اليهودية وأيضا الأمن."
* موسكو على البحر المتوسط
عند الطاولة التي كانت مارينا بولياك تبيع عليها الحلي بدا أن بينيت يحرز بعض النجاح. فقد انتقلت هذه المرأة ذات الخمسة والاربعين عاما المولودة في روسيا البيضاء إلى اسرائيل عام 1997 وبدأت تميل الى سياساته ومن بينها معارضة إقامة الدولة الفلسطينية.
وتعهدت بتأييد بينيت وقالت "اليهود عندهم دولة واحدة فقط. أما العرب فعندهم دول كثيرة والتاريخ يعيد نفسه في العالم مع تصاعد معاداة السامية."
وعلى مسافة غير بعيدة في متجر جاسترونوم خوروسو للبقالة الذي تتكدس رفوفه بالكافيار وشوكولاتة عيد الميلاد يميل صاحب المتجر جينادي سيروتنيكوف (59 عاما) لتأييد نتنياهو.
وقال سيروتنيكوف الجندي الروسي السابق الذي انتقل لاسرائيل عام 1990 "لا توجد خيارات كثيرة. ونتنياهو قوي نسبيا حتى إذا لم يعط الناس دائما ما يريدونه."
لكنه يضيف أن الروس الأصغر سنا لا يشاركون الجيل الأقدم قيمه السياسية.
ويقول عن جيله الذي انصب اهتمامه على الهروب من الشيوعية "لدينا أساس مشترك للخوف. أما الجيل الذي نشأ هنا فليس لديه شيء من ذلك. فهم أكثر ميلا للتفكير الحر."
* تغيير الولاءات؟
انتقل ماريك ستيرن إلى اسرائيل من موسكو عندما كان عمره عامين فقط. ورشح والده الراحل نفسه في حزب ليبرمان في التسعينات غير أن الابن البالغ من العمر الان 36 عاما يؤيد حزب العمل الذي شكل الاتحاد الصهيوني مع حزب هاتنوا الذي يمثل الوسط.
وقال ستيرن "كثيرون منا طوروا هوية سياسية مختلفة عن آبائنا. فقد جاءوا هنا ولديهم عداء شديد للاشتراكية وأي شيء به مسحة سوفيتية. فهم رأسماليون جدا."
غير أنه رغم وجود بوادر على أن الهوية السياسية تتغير مبتعدة عن الجذور الدينية المحافظة تجاه تيار الوسط فلا يبدو أن هذا الاتجاه اكتسب زخما كبيرا حتى الآن.
ويعتقد أليكس تنزر خبير الشؤون الدعائية المولود في العاصمة الاوكرانية كييف وهاجر إلى اسرائيل عام 1976 إن الاتحاد الصهيوني فاته القطار هذه المرة لعدم تركيز حملته الانتخابية على قضايا مثل ارتفاع تكاليف الاسكان وتدني مستوى معاشات التقاعد وهما قضيتان مهمتان عند الروس.
وقبل نحو 20 عاما وعد حزب العمل المهاجرين الجدد بزيادة الامتيازات مما دفع باسحق رابين إلى مقعد رئيس الوزراء. أما الان فلا مجال لمثل هذه الوعود في ضوء ضغط الموازنة والوضع المالي.
وقال تنزر "الاتحاد الصهيوني بعيد عن القطاع (الروسي). وبسبب الهجرة الروسية الفرصة كبيرة أن يصبح نتنياهو رئيسا للوزراء مرة أخرى."
*روتيرز