الحدث ـ محمد بدر
كشفت صحيفة "إسرائيل اليوم" وثيقة أعدتها شعبة التخطيط السياسي بوزارة الخارجية الإسرائيلية أن العالم بعد كورونا لن يكون كما قبله، وسيكون أكثر سوءا بالنسبة لإسرائيل. إلا أن هناك ما يدعو للتفاؤل بالنسبة للإسرائيليين بحسب الوثيقة وهو إمكانية تعزيز "إسرائيل" في الواقع مكانتها وعلاقاتها السياسية والاقتصادية نتيجة للأزمة.
وقام بإعداد الوثيقة أكثر من 20 دبلوماسيا وخبيرا بوزارة الخارجية الشهر الماضي. وقد تمت إحالتها إلى العديد من الجهات داخل وزارة الخارجية. وقال المعدّ الرئيسي للوثيقة أورين أنوليك، رئيس قسم التخطيط السياسي في الخارجية الإسرائيلية، إن الأزمة لم تكن متوقعة وما زالت مستمرة، وهذه الوثيقة قد تخضع للتعديل وفقا للمتغيرات.
وجاء في الوثيقة تقييم مفاده أن "شبكة العلاقات المنبثقة عن مبدأ التجارة العالمية لن تبقى بعد كورونا.. يسير العالم في أزمة اقتصادية تذكرنا بالكساد العظيم في أواخر عشرينيات وأوائل ثلاثينيات القرن العشرين. انخفض إجمالي الناتج المحلي العالمي بالفعل بنسبة 12 في المائة ومن المتوقع أن يستمر هذا الاتجاه، مع معدلات بطالة ضخمة في الولايات المتحدة وأماكن أخرى. من المتوقع أن تقلل الأزمة الاقتصادية العالمية، الطلب على الغاز، مما يضر بقطاع كانت إسرائيل تنوي الاعتماد عليه في السنوات القادمة".
وأشارت الوثيقة إلى أنه من المتوقع أن تضيف الأزمة الاقتصادية منافسة أكثر حدة بين البلدان، ولا سيما على الموارد الصحية. ومن المتوقع أيضًا أن يستمر الطلب العالمي الهائل على الإمدادات الطبية، كما كان خلال الأزمة، وهو ما قد يخلق توترا بين الدول.
وتعتقد وزارة الخارجية الإسرائيلية أن الجمع بين هذه التوترات، إلى جانب الأزمة الاقتصادية وشلل في عالم الطيران، سيؤدي إلى قواعد جديدة للعبة فيما يتعلق بالتجارة العالمية. وبحسب الوثيقة فإن التجارة الحرة كما هي معروفة اليوم ستتغير في اتجاه عزل الدولة. من المتوقع أن تعيد البلدان بناء سلاسل الإنتاج والإمداد الداخلية، لا سيما في المجالات الحيوية للأمن القومي، على الرغم من التكاليف الاقتصادية التي ينطوي عليها. ومن المرجح أن تتخذ الدول خطوات لتقييد تصدير المكونات الحيوية، مثل المعدات الصحية، من خلال فرض التعريفات والقيود الأخرى على الصادرات والواردات.
تعترف وزارة الخارجية الإسرائيلية بأزمة كورونا كمعجل في صعود الصين إلى رأس هرم القوة العالمية. على الرغم من أن الصين كانت مركز ومصدر فيروس كورونا، إلا أن بكين تعافت من الأزمة، مما يمنحها ميزة إضافية على الولايات المتحدة.
ومن المتوقع أن يؤدي هذا إلى تغيير في علاقات القوة بين الولايات المتحدة والصين، وفق الوثيقة، وإلى زيادة التوترات الضخمة القائمة بينهما بالفعل. وتؤكد على أن "إسرائيل" مدعوة إلى اتباع السياسة التقليدية بالحفاظ على العلاقة الخاصة مع الولايات المتحدة باعتبارها مصلحة عليا، والاستفادة من الفرص الاقتصادية وغيرها مع الصين.
وتحذر الوثيقة من أن "دول السلام" (الأردن ومصر)، التي هي أيضا في وضع اقتصادي صعب، قد تعاني من عدم الاستقرار. بالإضافة إلى ذلك، هناك قلق من أن إيران، التي حطم كورونا بقايا اقتصادها، قد تقوم بتطوير أسلحة نووية للحفاظ على بقاء النظام. كما أن هناك مخاوف من أن الأزمة العالمية ستدفع باتجاه نمو المنظمات الإرهابية المتطرفة مثل داعش والقاعدة.
إلى جانب عدم الاستقرار العالمي، تتوقع الوثيقة زيادة عالمية في الطلب على منتجات التكنولوجيا، لا سيما في مجال الإدارة عن بعد والمشاهدة عن بعد. في هذا المجال، تفتح الأزمة ثروة من الفرص لإسرائيل، بسبب ازدهار صناعة التكنولوجيا فيها.
وقال وزير الخارجية الإسرائيلي يسرائيل كاتس في تعقيبه على الوثيقة "إن الوباء سيكون له تأثير على العالم بأسره وسيؤثر أيضا على إسرائيل، ويجب أن نكون مستعدين لهذه التغييرات، التي نحاول توقعها والاستعداد لها".
وقال مدير عام وزارة الخارجية الإسرائيلية يوفال روتم، معلقا على الوثيقة: "نحن في عالم من عدم اليقين، وبالتالي يجب أن نكون حذرين في التوقعات. هذا العالم سيكون لديه اعتماد على رأسمال بشكل خاص وبدرجة أقل على الموارد الحكومية.. سيؤثر هذا النقص على المجتمع والسياسة. هذا التغيير لن يمر فوق إسرائيل. نحن في وزارة الخارجية نتعلم مما يحدث في العالم وقد بدأنا بالفعل حوارا مع عدة دول لتقييم ما سيحدث ".