صريح العبارة
الحدث.
جمهورية مصر العربية تواجه ما يشبه الحرب الإرهابية ومواقع الحرب تنتقل من سيناء إلى بعض المدن المصرية وأخر هذه الجرائم هو العدوان على مواقع الجيش المصري قرب العريش، وفي كل يوم نسمع شيئاً جديداً.
الغلاف السياسي الذي يشكل الحاضنة لهذه الاعمال هو ما يسمى بتحالف عودة الشرعية (وإن كان هذا التحالف يضمحل يوماً بعد أخر)، فهذا التحالف ما زال يتمسك بهدف إعادة الرئيس المخلوع محمد مرسي، والإخوان المسلمين إلى الحكم. اتجه هذا الحلف منذ اليوم الأول لتنحية مرسي بالرهان على قوى ما يسمى بيت المقدس والذي تحول فيما بعد إلى ما يسمى "ولاية سيناء" من أجل إنجاز الهدف السياسي الوهمي المباشر: هدف إعادة مرسي للرئاسة.
من غير المتوقع وغير الممكن تحقيق هذا الهدف المعلن، ذلك أن تأثير الحاضنة السياسية لقوى الإرهاب قد تراجعت كثيراً في الشارع المصري وخاصة بعدما توسعت أعمال القتل في الجيش المصري، كما أن التراجع يبدو كلما حقق النظام المصري تقدماً في معالجة الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، وكلما بدأت أعمال البناء والإصلاح تُلمس يوماً بعد آخر.
هذه الأعمال الإرهابية وإن كانت نتائجها لا تبدو ممكنة التحقق إلا أنه لا يجوز التقليل من تأثيراتها السلبية على واقع مصر. ربما أصبح الهدف من وراء أعمال الفجير والقتل هو الوصول إلى حالة عدم الشعور بالأمن والامان لدى أبناء الشعب المصري والوصول إلى تخريب الأهداف الاقتصادية كما هو البيان الذي طالب بخروج كافة السياح والهيئات والمؤسسات الأجنبية من الأراضي المصرية.
إن اشتداد حملات القتل والحاق الخسائر المادية بالدولة المصرية والعمل على تجفيف منابع الإيرادات الاقتصادية التي بدأت تتدفق على مصر إنما يشير إلى أن أهداف القوى السلفية قد اتجهت نحو مصر مستفيدة من حالة عدم الاستقرار والسيطرة النسبية لمجموعات مسلحة على الأراضي الليبية، كما أن هناك مؤشرات تدل على أن هناك قوى إقليمة وبشكل خاص تركيا/ أردوغان تحاول ضرب مصر من الخاسرة الليبية إضافة إلى سيناء. إذا بحثنا عن أسباب أخرى فقد نجد أن الهزائم المتلاحقة التي تلاقيها قوى الإرهاب في العراق وسوريا تدفع بالتوجه إلى ضرب مصر ونقل أعمال الدمار والقتل إلى ربوعها تمهيداً إلى الوهم بإمكانية إقامة (دولة الخلافة) فيها! فالانتقال وتجديد الحملة نحو مصر هو دليل على الفشل الذي تُمنى به هذه القوى في مواقع أخرى وليس دليلاً على القوى.
الوقوف مع مصر يتعدى الالتزام الأخلاقي والسياسي المباشر إلى كونه حجر زاوية في سلامة الموقف الوطني للأفراد والأحزاب والمؤسسات وهذا ما يجب أن تدركه القوى الوطنية والديمقراطية والشبابية المترددة في مصر، ومن هنا نفهم النداء الذي ما انفك الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يكرره بضرورة أن يقف
أبناء مصر موقفاً واحداً في وجه المخاطر التي تمثلها هذه القوى الرجعية، والسير معاً نحو إعادة بناء مصر وإنجاح خطط التنمية ومحاربة الفساد الذي عشش في مصر طيلة عقود مضت.
كما أن الوقوف مع مصر وسد كل أبواب الابتزاز المادي الذي قد تتعرض له لا يتم إلا بموقف شعبي ورسمي عربي حتى يساهم الجميع في عودة مصر إلى أخذ موقعها الوطني والقومي والإقليمي، فما يجري على أرض مصر سوف يترك آثاره العميقة على كل أوضاع منطقتنا وعلى الأجيال القادمة، فمصر كانت وما زالت حجر الزاوية الرئيس في المنطقة.