الحدث- هدايا الصعيدي
لا تكترث الغزّية تسنيم حلس (23 عامًا)، لساعات طويلة تقضيها خلف شاشة حاسوبها المحمول، لتنجز قائمة طويلة من المهام التي كلفتها بها إحدى شركات التصميم والرسومات التي تعمل عن بعد عبر الشبكة العنكبوتية "الإنترنت".
ومنذ حصولها على وظيفتها الجديدة كمصممة غرافيك عبر الإنترنت في شركة "هوية" لتكنولوجيا المعلومات، لم تتدخر حلس جهداً في أن تؤدي مهامها بإتقان حتى لا تنضم إلى طابور طويل من العاطلين عن العمل في قطاع غزة.
وتقول حلس، وهي خريجة كلية تكنولوجيا المعلومات في غزة، إنها حصلت على وظيفتها ، قبل عدّة أشهر، بعد بحث طويل في السوق المحلي.
وتضيف: "لم يكن أمامي سوى أن أطرق باب العمل عبر فضاء شبكة الإنترنت، فقد كان هو السبيل الوحيد أمامي، في ظل قلة فرص العمل في قطاع غزة المحاصر منذ سنوات".
وحلس ككثير من الشباب الفلسطيني، الذين بدأوا يلجؤون مؤخرًا إلى الشبكة العنكبوتية، للبحث عن مصدر رزق، بسبب قلة فرص العمل وارتفاع نسبة البطالة في صفوف الخريجين والفلسطينيين.
وتخرج مؤسسات التعليم العالي الفلسطينية، سنويًا حوالي 30 ألف طالب وطالبة، وتبلغ نسبة العاملين منهم 20%، بينما العاطلين عن العمل، تصل إلى 75%، حسب إحصائيات رسمية.
وبلغت نسبة البطالة في قطاع غزة 60%، فيما وصلت نسبة الفقر إلى 80%، بحسب إحصائية أصدرتها اللجنة الشعبية لرفع الحصار عن غزة (غير حكومية)، نهاية العام الماضي.
وأوضحت حلس، أنها بدأت بتقديم العمل للعملاء، وأصحاب الشركات خارج حدود غزة مجانًا، لعدة أشهر، ثم بدأت تتقاضى عائدًا ماديًا جيدًا، يسد احتياجاتها، وفق قولها.
محمد قديح (25 عامًا)، صاحب شركة "هوية" لتكنولوجيا المعلومات، التي تعمل من غزة، وتستهدف السوق الخارجي، يقول إنه "أوجد لنفسه ولعدد آخر من الشباب فرصة عمل، عن طريق هذه الشركة".
ويضيف: "عندما تخرجت من الجامعة اصطدمت ببطالة منتشرة بشكل كبير في غزة فأردت أن أصنع فرصة لنفسي، فأنشأت هذه الشركة وبدأت العمل فيها".
وأوضح قديح أن شركته بدأت بموظفين اثنين فقط، قبل أن يصل طاقمها حاليًا إلى 13 موظفاً وموظفة، مشيرًا إلى أنه بصدد افتتاح شركة جديدة متخصصة بالبرمجيات، للعمل عن بعد أيضًا.
ويتابع قديح الذي بدأ عمله في هذا المجال في عام 2012: " الأمر ليس صعبًا، كل ما نحتاج إليه هو أجهزة حاسوب، وشبكة انترنت، وبعض المهارات لمعرفة احتياجات السوق الخارجي، ويمكن تعلم ذلك من خلال الشبكة العنكبوتية".
ويبلغ عدد عملاء شركة قديح نحو 60 عميلاً، موزعون على مستوى الوطن العربي، وأُضيف إليهم مؤخرًا عملاء في كندا.
ويستطرد: "لقد تعرضنا في بداية عملنا إلى محاولة نصب، وطلبات وهمية، لكننا تداركنا هذه الأمور لاحقًا من خلال أسلوب إدارة معين يجنّبنا هذا الأمر".
ويقدّر قديح متوسط الراتب الشهري لموظفيه، بـ 400 إلى 600 دولار شهريًا.
ويقول قديح إنه "يواجه في بعض الأحيان صعوبة في تحويل الأموال، بسبب الحصار المفروض على قطاع غزة، منذ سنوات وما رافقه من إجراءات معقدة في هذا الجانب، وخوف العميل من دعم جهات إرهابية، وقد يتم الحجر على هذه الأموال".
بدوره، يقول أنس الشيخ خليل، المساعد الإداري والمالي، في شركة "اعمل بلا حدود" للعمل عن بعد، والتي تعمل كوسيط بين الشركات الخارجية والموظفين في غزة، لتوفير الفرص وبيئة العمل، إن" آفاق العمل عبر الانترنت واسعة جداً، ووسيلة جيدة جدًا لمحاربة البطالة".
ويضيف: "نشأت الشركة بهدف توفير الفرص للخريجين وفتح الأفاق للعمل خاصة في ظل وجود الحصار المطبق على غزة"، مشيراً إلى أن عدد الموظفين لديه وصل إلى 60 موظف.
وتوفر شركة الشيخ، وظائف في مجالات متعددة منها الترجمة، والاستشارات الاقتصادية والمالية، والبرمجة، والتصميم، والمونتاج.
ويشير الشيخ إلى أن "أصحاب الشركات يبحثون عن أيدي عاملة ورخيصة وذات كفاءة، ومصداقية، وهذا متوفر في غزة، والسوق الخليجية هي الرئيسة بالنسبة لنا، فمتوسط راتب الفرد لدينا يصل إلى 800 دولار أمريكي، على عكس نظيره في الخليج، قد يصل إلى أضعاف هذا المبلغ".
المصدر: الاناضول