الحدث - رام الله
قال مسؤول رفيع في صندوق النقد الدولي، اليوم، إن الجهود القوية التي تبذلها السلطة الوطنية لمواجهة تداعيات جز إسرائيل أموال عائدات الضرائب الفلسطينية لن تحقق أكثر من احتواء الأزمة لبضعة شهور.
وحذر ممثل الصندوق المقيم في فلسطين راغنار غودمنسون بوضوح من تزايد مخاطر وقوع اضطرابات اجتماعية يمكن أن تفضي إلى عدم استقرار سياسي، مالم تعجل إسرائيل باستئناف تحويل إيرادات المقاصة وبادر المانحون بصرف مساعداتهم على نحو مركز.
وجاءت تأكيدات "غودمنسون"، في صلب محاضرة ألقاها في معهد أبحاث السياسات الاقتصادية الفلسطيني "ماس" برام الله ، وحذر فيها من أن جهود السلطة لمواجهة تداعيات الخطوة الإسرائيلية لن تصمد طويلا.
وأبدى المسؤول في صندوق النقد الدولي مجددا، تشاءما تجاه أداء الاقتصاد الفلسطيني، وقدرته على التعافي خلال عام 2015 الجاري، في ظل جز إسرائيل أموال عائدات الضرائب الفلسطينية.
وقال غودمنسون امتناع إسرائيل عن تحويل إيرادات المقاصة التي تحصلها عن السلع المستوردة والتي تمثل نحو ثلثي الإيرادات الصافية للسلطة الوطنية ووجود ظروف معاكسة أخرى، تبسبب ارتفاع درجة عدم اليقين ويمنع الاقتصاد الفلسطيني من تحقيق تعافيا قويا في عام 2015
ورجح المسؤول الاممي حدوث انخفاض حاد في الاستهلاك والاستثمار الخاص، نظرا لتخفيض مدفوعات الأجور وغيرها من بنود الإنفاق العام بسبب توقّف إيرادات المقاصة ووجود قيود على التمويل، داعيا المانحين إلى تركيز مساعداتهم في فترة البداية على التمويل لسد الفجوة التي أحدثها غياب إيرادات المقاصة.
وتوقع ارتفاع محدود في إجمالي الناتج المحلي الحقيقي الفلسطيني عام 2015، مع حدوث تحسن مقارنة بالمستوى المبدئي المنخفض في غزة، وهبوط في الضفة بنسبة 2% تقريبا، رغم الانخفاض الحاد في أسعار النفط والطاقة، مقدران النمو سيظل محدودا على المدى المتوسط، دون تحسن المناخ السياسي ورفع القيود في الضفة وإنهاء حصار غزة.
وتوقع غودمنسون - وبافتراض استئناف تحويلات المقاصة في غضون شهور- حدوث فجوة تمويلية كبيرة قال انها تتطلب موقفا حذرا على صعيد المالية العامة، مع فرض قيود صارمة على أجور القطاع العام.
واصى بالحفاظ على التحويلات للأسر الفقيرة ومحدودة الدخل، والمساعدات الاجتماعية في غزة، لمواجهة الوضع الإنساني المأساوي، وتدابير للطوارئ تحسباً لامتداد فترة احتجاز إيرادات المقاصة.
وقال: لا يمكن للجهود القوية التي تبذلها السلطة الفلسطينية أن تحقق أكثر من احتواء الأزمة لبضعة شهور، وقد يتعذر استمرار هذا الموقف مع تزايد مخاطر الاضطرابات الاجتماعية والإضرابات التي يمكن أن تفضي إلى حالة من عدم الاستقرار السياسي، ويمكن تخفيف هذه المخاطر الكبيرة إذا عجلت إسرائيل باستئناف تحويل إيرادات المقاصة وبادر المانحون بصرف مساعداتهم على نحو مركز في هذه الفترة.
وبشأن إعادة إعمار غزة قال المسؤول " الأعمال تسير بخطى أبطأ مما كان متوقعا، الأمر الذي يعكس التقدم غير الكافي في مسار المصالحة الوطنية وعدم وفاء المانحين بالتعهدات.
وبخصوص آثار التراجع الحاد في أسعار النفط ، قال: تسبب الانخفاض في إضعاف أرصدة الحسابات الخارجية والمالية العامة في البلدان المصدرة، بما فيها دول مجلس التعاون الخليجي، وأردف.. لكن الهوامش الوقائية الكبيرة وموارد التمويل لدى معظم هذه البلدان ستسمح لها بتجنب تنفيذ تخفيضات حادة في الإنفاق الحكومي، وبما يؤثر على النمو قريب الأجل والاستقرار المالي، داعيا البلدان المصدرة إلى التعامل بحصافة مع الانخفاض باعتباره انخفاضا دائما إلى حد كبير، بتعديل خطط ضبط أوضاع المالية العامة للحيلولة دون التناقص الكبير في احتياطياتها الوقائية، وضمان تحقيق العدالة بين الأجيال.
وأضاف: بالنسبة للبلدان المصدرة للنفط، فإن الإصلاحات الاقتصادية المتعمقة لتنويع الأنشطة الاقتصادية بعيدا عن التركيز على النفط، وتشجيع النمو وخلق فرص العمل سوف تسهم في التخفيف من حدة الآثار السلبية على النمو أثناء ضبط أوضاع المالية العامة.
ورأى غودمنسون إن البلدان المستوردة في المنطقة تحقق منافع من انخفاض أسعار النفط، إذ تسجل فواتير استيراد الطاقة تراجعا، وحيثما انتقلت آثار انخفاض أسعار النفط إلى المستخدمين النهائيين، تنخفض تكاليف الإنتاج ويرتفع الدخل المتاح للإنفاق.
وتابع المكاسب التي تجنيها معظم البلدان المستوردة للنفط ، تعادلها عوامل معاكسة، مثل نمو الطلب المحلي بوتيرة أبطأ وضعف آفاق النمو بدرجة أكبر من المتوقع في أهم الشركاء التجاريين، وخلص للقول "ينبغي ألا تغالي البلدان المستوردة في تقدير التأثير الإيجابي لتراجع أسعار النفط على اقتصادها، نظرا لضعف نمو طلب الشركاء التجاريين وأجواء عدم اليقين بشأن استمرار انخفاض أسعار النفط وتوافر التمويل الخارجي.