الإثنين  25 تشرين الثاني 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

"أُكِلتُ يوم أُكِلَ الثور الأبيض"/ بقلم: وضاح الخطيب

من قرار بقانون رقم 41 لسنة 2018 إلى قرار بقانون رقم 5 لسنة 2020

2020-05-10 09:10:35 PM
وضاح الخطيب

أطلق البعض على الظاهرة سيل قراراتٍ بقانون، وآخرون فلتان قانوني، وفي هذه الأيام يتسابق كثيرون للكتابة والنقد. وغيرهم انتابه الصمت. أَتفِقُ مع القول بعدم جواز ذلك، إلا في الحالات الحصرية التي نص عليها القانون الأساسي ( المادة 43 منه).

اطلع كثيرٌ من الحقوقيين وهيئات مدنية وحقوق إنسان وشفافية على  القرار بقانون رقم 41 لسنة 2018 المعدل لقانون التأمين وما له من دلالات وتبعات سلبية قانونية واقتصادية. وعلى عيوبه التشريعية ومخالفته الصريحة للقانون الأساسي والتبعات السلبية المتوقعة جراء صدوره ونفاذه. قِلةٌ من الإعلاميين الجريئين تصدوا للأمر. من صمتوا حينها، ينتقدون اليوم القرار بقانون رقم  5 لسنة 2020 !!، وأضم صوتي معارضا لهذا القانون، الذي لنفاذه آثارٌ تهز الكيان القانوني القائم. فانطبق عليهم القول، أُكِلتُ يوم أُكِلَ الثور الأبيض. فقد جاء انتقادهم لاستخدام المادة 43 انتقائياً. 

في الجزء المغتصب ( قطاع غزة) صدرت قوانين وأنظمة لا تتمتع بأية شرعية دستورية، دون أن يعلو صوتاً هنا أو هناك بأكثر من همس، حيث القوة المسيطرة تتصرف وكأنها دولة مستقلة بأجهزة تنفيذية وتشريعية لا صلة لها بالواقع المرير الذي نعيش.

القرار بقانون رقم 41 لسنة 2018 أشد وطأة وأكثر ضرراً من عددٍ من القوانين التي تَصدُر وتُلغى، ومن قوانين يجري الاعتراض عليها حاليا، وتم بتنسيب مجلس الوزراء السابق وتساوق ودعم مؤسسات رسمية مارست بعض الأدوار التي لا يجيزها القانون، لخدمة مصالح اقتصادية وشخصية. وصاحبه سكوت وتغاضي منظمات حقوقية وأهلية والحكومة الحالية. بالرغم مما شابه من عيب دستوري.

صمت كثيرون- جهات رسمية وأهلية وتنظيمات سياسية وهيئات شعبية ومدنية- عن قرار بقانون يضر بالاستقرار التشريعي. ويخالف القانون الأساسي، ويتعارض مع قوانين سيادية، العمل والتأمين وقانون (هيئة سوق رأس المال خاصة المواد:3-7-18) وفتح الباب على مصراعيه لسيلٍ من قرارات بقانون بتنسيب من الحكومة و/أو جهات ذات مصلحة ونفوذ ( قبل وخلال وبعد الجائحة). 

تم تمرير هذا القرار بقانون لاحقاً لتعديل سابق له بشهرين استوجبه قرار صادر عن محكمة العدل العليا الفلسطينية. وتضمن الأخير بعض المواد مخالفة لعدة قوانين صادرة عن المجلس التشريعي، وبنفاذه خضع كيان قانوني يتمتع بالشخصية الاعتبارية والاستقلال المالي والإداري والأهلية القانونية الكاملة، لرقابة وإشراف هيئة موازية له بالأهلية القانونية!!. وفي التطبيق تجلى تضارب المصالح وأصبح الشخص المخول بالرقابة وإيقاع العقوبات عن المخالفة، هو ذاته نائب رئيس الجهة المُراقَب عليها وهو ذاته المسؤول عن أعمالها أي يُشرف ويراقب على نفسه!! (هذا ما نص عليه القانون المسكوت عنه!!). كل ذلك نتاج قوانين غير مدروسة، تصدر بعُجالة خدمة لمصالح جهات معينة، والقرار سمح بصدور تعليمات وُصِفَت بأنها معيبة. مما أدى لاستكمال المجزرة القانونية التي وقعت بإصدار القرار بقانون المذكور. حيث يُلاحظ غياب التنظيمات السياسية والشعبية وهيئات المجتمع المدني.

 تسابقت حكومات متلاحقة على التنسيب لتعديل قوانين سارية، أو إصدار جديدة، ضاغطين لتجاوز القانون الأساسي بذرائع مختلفة، وتساوق جهات رسمية وأهلية، وصمتٌ مِمَن لا يمسه التعديل بشكل مباشر. فانهمر سيل القوانين تعزيزاً لمصالح البعض. دون مراعاة للصالح العام ولا للاستقرار التشريعي. فأصبح  صدورها بذريعة الضرورة أمرا بغاية اليُسر. فأُكِلتُم يا أهل القانون وحقوق الإنسان يوم أُكِلَ الثور الأبيض. فقد ابتدأت المجزرة القانونية بسكوتكم عن القرار بقانون رقم 41 لسنة 2018 فتبعه قرارات آخرها وليس الأخير القرار بقانون رقم 5 لسنة 2020. فهل يمكن أن تكون المواقف والرؤى القانونية والمتعلقة بحقوق الإنسان وحقوق الوطن والمواطن انتقائية!

إن لفلسطين ومناصريها، حق على أهل القانون بإجراء دراسة مستفيضة لتبعات ذلك، لاستشفاف الآثار القانونية والاجتماعية والنفسية والاقتصادية والثقافية وأثرها على نضالات الشعب الفلسطيني لإنجاز الاستقلال الوطني وبناء دولته المستقلة، الدولة المدنية دولة القانون. فقد ضحى لأجلها بالغالي والنفيس.