الإثنين  25 تشرين الثاني 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

"ملحمة البرث"*/ بقلم: رامي مهداوي

2020-05-23 11:13:12 AM
رامي مهداوي

لست مغرما بالمسلسلات العربية بشكل عام، أشعر بفراغ المحتوى ولا مضمون لتلك المسلسلات سوى تكرار ذاتها، في أغلب الأحيان يتم تكرار ذات المضمون لكن بأشكال مختلفة؛ وإعادة صياغة ذات القصة لكن أيضاً يتم صياغتها بطرق متنوعة.

"الاختيار" هذا اسم المسلسل الذي قررت أن أتابعه بعد أن قرأت عنه. فوجدت بأنه يعتبر دراما توثيقية لقصة استشهاد الضابط المصري أحمد منسي، الذي قتل بهجوم إرهابي في منطقة البرث بسيناء عام 2017، وخيانة الإرهابي هشام عشماوي. ويُظهر المسلسل العديد من الجوانب الاجتماعية والإنسانية ‏في حياة البطل الراحل.

هذا العمل لا تستطيع نقده كباقي المسلسلات والأعمال التلفزيونية الأخرى، لكن تستطيع فقط أن تؤدي تعظيم سلام لجميع كتيبة 103 التي كان يقودها الشهيد منسي الذين واجهوا عناصر الإرهاب في سيناء بكل قوة.

مر العالم العربي بشكل عام والشعب المصري بشكل خاص بالعديد من الخيبات.. الأزمات... الهزائم المتنوعة.. لدرجة الانبطاح خلال العشر سنوات الماضية، فكانت هناك حاجة لنا لسرد قصة بطل تزيد من رفع معنوياتنا كشعوب فقدت الأمل بذاتها، وتجعل المواطن العربي يشعر بالفخر والانتماء لبلده. خلال السنوات العشر الأخيرة لم نرَ مسلسلا عربيا يروي قصة بطل من الأبطال الحقيقيين، فكانت هناك حاجة لمثل هذه النوعية من الأعمال.

العمل الفني متقدم بدرجة إبداع تستشعر بكل نقطة دم تنزف، المخرج بيتر ميمي والسيناريست باهر دويدار، بكل قوة أقول تمكنوا من إبراز شجاعة الجندي المصري، في حين استطاعوا إظهار التكفيريين بوجههم الحقيقي البعيد كل البعد عن الدين الإسلامي.

 في الحلقة 28 التي كانت تحمل اسم ملحمة البرث، انهارت دموعي وربما أكثر من ذلك، لدرجة شعرت دمي يغلي وتمنيت أن أكون معهم داخل الشاشة وأن أقاتل مع الجيش المصري الذي يدافع ودافع ليس فقط عن مصر وإنما عن العرب الغارقين بسباتهم العميق.

استشهد المنسي وإخوته بالسلاح، قد يعتقد التكفيريون بأنهم انتصروا في المعركة، ولكن حسب وجهة نظري أن الملحمة لن تنتهي، والمعركة بدأت باستشهاد البطل، لأن الشهيد المنسي انتقلت روحه القتالية إلى كل جندي مصري ومناضل عربي، أستطيع  أن أقول بأن المعركة لا تزال داخل الجندي المصري، وفى قلب الشعوب العربية المتعطشة لتحقيق الانتصارات على كافة الأصعدة.

الاختيار.. هو أن تختار بين طريق الوطنية وطريق التخاذل، بين أن تكون بطلا أو جبانا، بين أن تكون مع الله أو تحمل اسمه لتحقيق مصالح خاصة، الاختيار هو الاختبار لمقدار إنسانيتك ووطنيتك، هو فحص ما تبقى من قومية وعروبة في عروقنا... الاختيار هو أن تعيش رجلا في الجيش وتموت بطلا في المعركة.

 

·        هذا المقال إهداء لروح الشهيد أحمد المنسي وإخوته بالسلاح.