الإثنين  25 تشرين الثاني 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

الرجل الذي تنكس الأعلام من أجله/ بقلم: نبيل عمرو

2020-06-04 12:55:14 PM
الرجل الذي تنكس الأعلام من أجله/ بقلم: نبيل عمرو
نبيل عمرو

 

 إنه محسن إبراهيم، شريك الكبار الذين توقف تاريخ الأمة عند أسمائهم، وأولهم في زماننا جمال عبد الناصر الذي كان يحبه ويستمع إليه ويعتمد عليه، كأحد المؤسسين لحركة القوميين العرب التي انبثقت من حضن الظاهرة الناصرية حين كانت في بداياتها وفي أوج وعدها.

ولأن للبنان مكانة خاصة في قلب زعيم الأمة، مثلما كان رقما مفتاحا له في بلاد الشام، فقد كان محسن الذي سما ابنه البكر خالد أحد المقربين الذين كان زعيم الأمة يستمع إليهم ويأخذ بنصائحهم.

وحين يذكر اسم محسن إبراهيم في التاريخ العربي، فلا بد وأن يذكر معه توأمه الذي لم يفصل بينهما سوى الموت كمال جنبلاط قائد الحركة الوطنية اللبنانية، ذلك التجمع الكفاحي الفعال الذي حمى الثورة الفلسطينية وأبعد عنها تهمة حاول كثيرون إلصاقها بها، وهي أنها جسم دخيل وغريب على لبنان، احتلت معظم أرضه بقوة السلاح والاغتصاب.

 كان تحالف قائد الحركة الوطنية اللبنانية ونائبه محسن إبراهيم بمثابة جدار الحماية القوي وذي المصداقية للظاهرة الفلسطينية، إذ لم تكن غريبة ولا محتلة ولا مغتصبة، بل كانت حليفا وشريكا مصيريا لدى قوى الحركة الوطنية اللبنانية التي كان نسيجها خاليا تمام من الطائفية، لم يكن كمال جنبلاط درزيا إذ كان مع ذلك أكبر بكثير، ولم يكن محسن إبراهيم شيعيا بل كان مع ذلك أعمق وأقوى وأوسع بكثير تماما مثلما لم يكن جورج حاوي مسيحيا.

لقد صهر جنبلاط ومحسن إبراهيم الطائفية والفئوية في بوتقة ثورية وضعت لبنان صغير العدد والمساحة كواحدة من أكبر الظواهر المؤثرة في مسارات الشرق الأوسط.

وحين يروي التاريخ سيرة واحدة من أهم أحقاب الثورة الفلسطينية التي هي الحقبة اللبنانية، فلن يمر مرور الكرام عن تحالف جنبلاط عرفات الذي كان ضابطه وناظم إيقاعاته محسن إبراهيم، وحين اغتيل جنبلاط وكان ذلك بمثابة ضربة في الصميم وكانت مقدمة لإخراج الثورة الفلسطينية من أهم الساحات، حمل محسن إبراهيم الراية ، كان مقاتلا في مواجهة كل المؤامرات التي حيكت لضرب الثورة الحليفة في لبنان، وكان قائدا سياسيا تصدى للاجتياح الإسرائيلي الكبير وفرد رداء الوطنية اللبنانية على بطولاتها وبعد الخروج من لبنان ظل أبو خالد محتفظا بوسام صمود بيروت وجسده التزاما بالقضية الفلسطينية حتى مماته.

من غير هذا يستحق أن تنكس الأعلام من أجله فوداعا يا أبا خالد فلن نجد مثلك في هذا الزمن.