رولا سرحان
غريبٌ أن لا يُنظر لـ "الجنس" في المجتمعات المغلقة أو في بعض الأحيان المجتمعات المفتوحة، بنظرةِ قرف، أو بنظرةِ دونية، فهنالك دائماً دعوى لفصل الروح عن الجسد، والمادي عن الروحي، والديني عن الدنيوي.
هي نوازعُ الفصل بين المضمون والضامن، بين الماء والوعاء، بين الحاملِ والمحمول بين الذكر والأنثى، الباعث والمبعوث، فصلُ التداخل بين الطاقة البيضاء والسوداء، بين النور والظلمة، بين الله والإنسان.
وكيفَ يجوزُ الجمعُ في القول بين "اللذَّةِ الجسدية والجسدِ"، والأصح أن نقولّ "اللّذةُ الروحية والجسد"، لأن أصلَ ومنبع تلك اللذَّة التلاقي بين الروح والجسد، فالجسدُ طريقُها إلى الأعلى وليس إلى الأسفل، وهي لا تصيرُ لذَةً إلا بعد أن تُفارقَ الجسد، فهي خارجَ الحواس المحصورةِ، غير المنصوص عليها في حدود ضامنها الجسد.
والقرفُ من الجنس لا يتأتى إلا إذا انتفت عنه صفةُ الروحية، صفةُ العلو، صفةُ التوحيد، فالمحِبُّ واحدٌ والمحبوبُ واحدٌ، ومتى خرج عن التخصيص الفردي وانتقل إلى التعدُّد انتفت عن صفةُ العلو، والرفعانية، والطُهر، وصار دنِساً نجِساً.
والقرفُ يُحاصرُ المتلقيان حين ينتهي المحبون من الوصل والوصال؛ ويدخُلان في إطار تحقيق الغاية الجسدية البحتة، حينَ يكونُ الآخرُ عادةً واعتياداً، مجانياً دون شوقِ ومشقةٍ، فيصيرُ الاثنان في قاع الشغف.
هي شيء يُشبِهُ التفريقَ بين الدماغ والعقل، والقلب والحب، شيءٌ يقولُ إن الجسدَ هو بدايةُ الروح بدايةُ الحب.