الجمعة  22 تشرين الثاني 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

مظاهر وقف التنسيق الأمني والمدني.. هل تمكنت السلطة الفلسطينية من إيجاد البدائل؟

2020-06-23 09:45:45 AM
مظاهر وقف التنسيق الأمني والمدني.. هل تمكنت السلطة الفلسطينية من إيجاد البدائل؟
مظاهر التنسيق

 

 خاص الحدث 

يؤكد الناطق الإعلامي للصليب الأحمر في الأراضي المحتلة، يحيى مسودة، في مقابلة مع صحيفة الحدث، أن المنظمة الدولية لا يمكن أن تتجاوز مهامها ووظائفها الأساسية الإنسانية، في تعقيبه على التقارير، التي تشير إلى أن السلطة الفلسطينية اتجهت لتنسيق بعض المسائل الأمنية والمدنية من خلال الصليب بعد وقف التنسيق الأمني والمدني بين السلطة الفلسطينية و"إسرائيل".

ويكشف مسودة أن رئيس الوزراء الفلسطيني محمد اشتية اجتمع مع الصليب، وتم مناقشة الأوضاع في الأراضي المحتلة بعد قرارات القيادة الفلسطينية، التي أعلن عنها الرئيس محمود عباس في 9 آيار الماضي، والتي شملت قطع كافة أنواع العلاقة مع "إسرائيل"، مشيرا، إلى أن ممثلي الصليب الأحمر أكدوا لـ"اشتية" أنهم سيعملون على تأمين مرور سيارات الإسعاف الفلسطينية وتنسيق زيارات عوائل الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية، وتمكين المزارعين وأصحاب الأراضي الواقعة داخل السلك الفاصل من الدخول إليها، وإصدار تصاريح خاصة بهذه الأنشطة فقط.

ويقول مسودة إن بعض المناطق لا يستطيع المزارعون فيها الدخول إلى أراضيهم إلا بتنسيق بين الارتباط الفلسطيني والإسرائيلي، ومن الأمثلة على ذلك: بعض أراضي بلدة بدو شمال غرب القدس، وقرية الولجة قضاء بيت لحم، وبسبب وقف التنسيق، فإن الصليب الأحمر مستعد لإصدار التصاريح الخاصة في هذا السياق، مع وجود فرق تؤمن الحماية للمزارعين خلال العمل.

ونفى الناطق الإعلامي مسودة ما نشرته القناة العبرية 11 (كان) بتاريخ 9 حزيران الجاري بأن أجهزة الأمن الفلسطينية أعادت 7 مستوطنين دخلوا إلى قلقيلية عن طريق الخطأ من خلال التنسيق مع الصليب. وقال: "لقد سمعنا من الإعلام الإسرائيلي عن ذلك، وفي الحقيقة هذا لم يجر، وكانت مجرد معلومات مغلوطة وغير دقيقة، ولم يتم الاتصال بنا نهائيا".

الوثائق المدنية الجديدة غير معترف بها لدى الاحتلال

ومن بين القضايا، التي توقف التنسيق بشأنها، خاصة في سياق التنسيق المدني، هي رفع السجلات المدنية إلى "إسرائيل"، وحول ذلك أكد الناطق باسم وزارة الداخلية الفلسطينية د.غسان نمر لـ"الحدث" بأن السلطة الفلسطينية مازالت تحدث أحوال السجل المدني من مواليد ووفيات بشكل يومي، بالإضافة إلى استمرار استصدار الأوراق الثبوتية وجوزات السفر والهويات وتجديدها، ولكن من دون إرسالها إلى سلطات الاحتلال لتسجيلها كما في الماضي.

وقال نمر إن التوقف عن إرسال بيانات السجل السكاني الفلسطيني  جاء في إطار القرار الذي اتخذته السلطة الفلسطينية بوقف العمل بجميع الاتفاقيات مع سلطات الاحتلال، ووقف التنسيق الأمني بشكل كامل، إذ أن السلطة اعتمدت هذا السجل منذ قيامها عام 1994، فقد كلفت وزارة الداخلية أن تقوم بتسجيل السكان والمواليد والوفيات، واستصدار أوراق لهم، ومن ثم إرسالها "للجانب الإسرائيلي"، الذي يقوم باعتمادها وتسجيل السكان في أنظمته، وفقاً له.

"مازلنا مستمرين في تسجيل السكان وتجديد البيانات كما في السابق، دون إرسالها للإسرائيليين، وذلك لأن الحكومة الفلسطينية تعتبر أن سجل السكان هو حق فلسطيني مطلق وكامل، وهو ضمن الجزئيات التي يجب الانفكاك عن الاحتلال فيها"، يتابع الناطق باسم الوزارة.

ونوه نمر إلى أن عدم إرسال البيانات السكانية للاحتلال يخلق مشكلة عند السفر، بالإضافة إلى إصدار التصاريح من أجل التنقل في الداخل المحتل، فعدم إدخال بيانات السكان، وعدم وجود معلومات عن المواطنين  لدى الاحتلال، يعني عدم الإعتراف بهؤلاء السكان، وبالتالي يمنعون من السفر ومن الحصول على التصاريح، نافياً وجود أي خطر آخر تابع لهذه المشكلة.

وبحسب الناطق باسم الداخلية، فإن السلطة الفلسطينية قامت بتشكيل خلية لإدارة الأزمة، تبحث عن طرف ثالث كوسيط بين السلطة و"إسرائيل"، وذلك لإجبار الأخيرة على الالتزام باتفاقية جنيف الرابعة، والتي تضمن حقوق الشعوب المحتلة، وإعطائهم الحرية الكاملة في التنقل والحركة، وباعتبار أن الشعب الفلسطيني شعب محتل فإنه ينبغي أن يتم دعم الوثيقة الفلسطينية، وأن تمتع بكل ما تتمتع به الوثائق العالمية من حقوق، باعتبار أن فلسطين دولة معترف بها غير كاملة العضوية في الأمم المتحدة، ويجب أن يكون لها سجل مدني مستقل خاص بها.

وعلى الصعيد ذاته، بين الخبير الحقوقي، تحسين عليان، أن اتفاقية أوسلو في طور الانحلال ولم تُلغ بعد، وأن إيقاف تجديد معلومات السجل المدني الفلسطيني لدى "إسرائيل"، يعني أن أي شخص يتم إصدار وثيقة  له من جواز سفر أو هوية أو حتى شهادة ميلاد ووفاة، غير موجود في سجلاتها، أي أن المواليد الجدد غير معترف بهم، ولن يتمكنوا من السفر، وكذلك هو الحال بالنسبة لمن استصدر أو جدد هويته وجواز سفره، نظراً لوجود ارتباط وثيق بين السجل السكاني والسلطة الفلسطينية، وبين ما يُسمى بـ "الإدارة المدنية الإسرائيلية".

"لا يتوقف الأمر عند منع السفر، فعدم اعتراف الاحتلال بالسكان الذين لم تُدخل بياناتهم على أنظمة السلطات الاحتلالية، سيؤثر على مستقبل هؤلاء السكان،  فعندما يريد أحدهم الزواج، سيواجه مشاكل كبيرة لأنه بالنسبة للاحتلال غير موجود وليست لديه شهادة ميلاد، وكذلك هو الحال عند بناء المنازل، فهو مخالف بالنسبة لهم أيضاً"، يضيف عليان، مؤكداً أن العديد من الحالات بالفعل تعاني من هذه المشكلة، ولا تستطيع فعل شيء، خصوصاً سكان المناطق المحتلة عام 48 والقدس، فالاحتلال لا يعترف بهم، والسلطة الفلسطينية ترفض إعطائهم أوراقاً ثبوتية لوجودهم ضمن حدود القدس ومناطق 48، أي لا سلطة لها عليهم.

و من ناحية قانونية، قال عليان إن كل ما يجري ليس له أساس قانوني، فوجود الاحتلال اختراق للقانون الدولي، واحتفاظ "إسرائيل" بالسجل المدني أو تنظيم أعمال البناء والتخطيط وغيره، دور مؤقت إلى حين إيجاد سلطة وطنية تمارس سيادتها الفعلية على الأرض، وبالتالي كل ما تقوم به "إسرائيل" غير شرعي، حتى لو أعلن سيادته على أجزاء من الضفة الغربية لا يعني أن القانون الإنساني لم يعد ساري المفعول، فيجب أن يتمتع المدنيون بالحماية الممنوحة لهم بموجب اتفاقية جنيف الرابعة والقانون الدولي لحقوق الإنسان.

ويتابع عليان، "عندما أتحدث عن القانون الدولي وحقوق الإنسان، يعني أنها قوانين تكفل لكل شخص حرية التحرك والسفر، خروج وعودة كل شخص من بلده كما يحب، وله الحق في أن يبني وأن يكون له شهادة ميلاد وغيرها من الحقوق المدنية، وكل ما تقوم به السلطة الفلسطينية من حقها، لأن الاحتلال اليوم يحاول أن يقول بأنه السيد على هذه الأرض".

وأشار إلى أن الحل هو إنهاء الاحتلال، إلا أنه على أرض الواقع لا بد أن يعاني الشعب الفلسطيني من ناحية عدم توثيق بياناتهم، وعدم قدرتهم على السفر، الأمر الذي ينطبق على المواليد الجدد، وكل ما يتعلق بمستقبل الفلسطينيين، منوهاً أنه لا يوجد قانون للجنسية الفلسطينية وفقاً لاتفاقية أوسلو، فالسلطة الفلسطينية  غير قادرة على اختيار مواطنيها، والتحكم في منح جنسيتها، والاحتلال هو من يقوم بمنح أو رفض إعطاء المواطن الفلسطيني جنسيته.

ووفقاً لعليان، فإن خضوع البيانات السكانية لـ"إسرائيل" جاء بعد اتفاقية أوسلو، والتي اعتبرها اتفاقية لاغية منذ عام 1999، وذلك بموجب القانون الدولي الذي ينص على أن أي اتفاقية يتم انتهاكها مادياً بشكل كبير، فهي غير سارية المفعول، والاحتلال يقوم بمخالفة هذه الاتفاقية كل يوم، لذلك لا ينبغي أن يتأثر حق تقرير المصير الفلسطيني بها، إلا أنه أمر صعب للغاية، لفرض الاحتلال سيادته على الأراضي الفلسطينية.

ويؤكد عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير واصل أبو يوسف أنه منذ 19 آيار الماضي، أصبحت منظمة التحرير في حل من الاتفاقيات الأمنية والسياسية مع "إسرائيل"، وأن هناك بعض القضايا بحاجة إلى أجوبة، خاصة في ما يتعلق بالقضايا المدنية، على سبيل المثال تسجيل المواليد الجدد أو وثائق السفر، وهذا يحتاج إلى تدخل جدي وفعلي من الدول العربية والمجتمع الدولي لإيجاد بدائل تضمن إسناد الموقف الفلسطيني في رفض التبعية للاحتلال.

وقال أبو يوسف إنه من غير المعقول التعامل مع "إسرائيل" في ما يتعلق بأموال المقاصة، في الوقت الذي توقفت فيه كل أشكال العلاقة معها، وأيضا في ظل عملية القرصنة، التي تمارسها على الأموال الفلسطينية، لذلك تسعى القيادة الفلسطينية بالتواصل مع كل الجهات العربية والدولية لوقف هذا الأمر، والبديل هو وجود دولة فلسطينية معترف بها كدولة واقعة تحت الاحتلال عاصمتها القدس، وبناء على ذلك تم اقتراح إنشاء لجنة قانونية لمناقشة الإعلان الدستوري وفي ما يتعلق بدستور دولة فلسطين وما يترتب على ذلك من تبعات قانونية وسياسية.

وتؤكد مصادر خاصة لصحيفة الحدث أنه على الرغم من توقف التنسيق الأمني إلا أن قيادة السلطة الفلسطينية اتخذت قرارا بمنع الاحتكاك بين أجهزة الأمن الفلسطينية وجيش الاحتلال الإسرائيلي خلال اقتحامه للمناطق المصنفة (أ) وفق اتفاق أوسلو، مشيرة، إلى أن القيادة لا تسعى لانزلاق الأوضاع إلى مربع الاحتكاك العسكري أو المواجهة العسكرية، وهو ما دفعها أيضا للطلب من ضباط الأجهزة الأمنية عدم اصطحاب أسلحتهم إلى المنزل، كما جرت العادة سابقا، وذلك منعا لمصادرتها من قبل جيش الاحتلال، وأيضا منعا لاستخدامها في عمليات ضد أهداف إسرائيلية. وهو ما ينفيه الناطق باسم الداخلية،  قائلا: لم أسمع بذلك، ولا أعلم ما الحاجة إلى اتخاذ هكذا خطوات.

وتشير المصادر إلى أن الأجهزة الأمنية الفلسطينية توقفت نهائيا عن نقل المعلومات إلى أجهزة أمن الاحتلال، وقد بدأت بإتلاف الملفات السرية الموجودة بحوزتها تحسبا لإعادة احتلال الضفة الغربية من قبل جيش الاحتلال، على غرار ما حدث في الانتفاضة الثانية عام 2001، حيث داهم الجيش المقرات الفلسطينية الأمنية واستولى على الوثائق الموجودة فيها، وقام بنشر بعضها على موقعه الرسمي على شبكة الإنترنت.