الجمعة  08 تشرين الثاني 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

"الحدث" تسلط الضوء: التسلل عبر حدود القطاع الشرقية...القفز إلى الموت هرباً من الفقر

2015-02-19 10:38:44 AM
صورة ارشيفية

الحدث- محمد مصطفى
 
لم يتوان عشرات الشبان الغزيين في خوض غمار تجارب قاسية وخطرة، هرباً من الفقر والحصار وانعدام فرص العمل، وللبحث عن آفاق رحبة، وفرص عمل وحياة أفضل.
 
فكانت عمليات هجرة جماعية لمئات الشبان الفلسطينيين، ممن غادروا القطاع من خلال أنفاق التهريب، وركبوا البحر في قوارب بالية ومزدحمة، محاولين الوصول للقارة الأوروبية، طلباً للجوء والحياة الأفضل، وقد قضى المئات منهم غرقاً في البحر، ووصل آخرون إلى مبتغاهم.
 
بيد أنه وبعد إغلاق الأنفاق، وتعذر الخروج من القطاع، وإحكام الحصار وتشديده، بات هؤلاء الشبان، ممن وصل بهم اليأس والإحباط لدرجات متقدمة، يقدمون على خوض مغامرات مميتة، من أجل مغادرة غزة، والوصول إلى الأراضي المحتلة عام 1948، للبحث عن فرصة عمل.
 
أفق مسدود
من جانبه أكد أستاذ الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة الأزهر بغزة، د. معين رجب، أن الأوضاع الاقتصادية المتدهورة في قطاع غزة منذ زمن، ساءت لدرجة غير مسبوقة بعد العدوان الإسرائيلي الأخير.
 
وأوضح رجب في حوار مع "الحدث"، أنه فور انتهاء العدوان انتعشت آمال الشبان بتحسن في الأوضاع الاقتصادية، ووفرة في فرص العمل، بعد وعود دولية وأممية بعملية إعادة إعمار شاملة، وتبرع الدول المانحة بمليارات الدولارات، غير أن هذا الأمل سرعان ما تحول إلى يأس وإحباط غير مسبوقين، مع تأخر بدء الإعمار، وعدم وصول أموال المانحين، وتشديد الحصار، وإغلاق معبر رفح وأنفاق التهريب، التي كانت توفر فرص عمل لمئات العاطلين.
 
وقال: " الأسوأ من ذلك أن الأفق يبدو قاتماً، ومستقبل الشباب في غزة لا يبشر بخير، ولا أحد يجد في الغد أفضل من اليوم".
 
وأوضح رجب أن كل هذه العوامل مجتمعة، دفعت الشبان للبحث عن أي مخرج، مهما بلغت المخاطر والصعوبات، فلم يجدوا أمامهم سوى الأراضي المحتلة في العام 1948، والتي تعرف بوفرة فرص العمل فيها، منوهاً إلى أن بعضاً منهم، ألقوا بأنفسهم في أحضان الموت والمخاطر، أملاً بتمكنهم من اجتياز الحدود الشرقية للقطاع، رغم علمهم المسبق بتحصينها الجيد، ووجود كثيف لقوات الاحتلال عليها، وعدم تواني الجنود الإسرائيليين في فتح النار صوب كل من يقترب من تلك المناطق.
 
وشدد رجب على أن ما يحدث للشباب في غزة أمر خطير، لذا يجب تحرك واسع على كافة المستويات، من أجل وقف حالة التدهور الاقتصادي، وتوفير فرص عمل تحسن حياتهم، وتوقف تفكيرهم في أمور خطرة.
 
حلول مجنونة
أما الاختصاصي النفسي د. يوسف عوض الله، فأكد أنه في علم النفس، من الممكن أن يقدم الشخص على القيام بـ"أعمال مجنونة"، في حال وصل لقمة اليأس والإحباط، وهذا ما حدث للأسف مع الشباب في غزة.
 
وتابع: " بدأت هذه الأفعال بمحاولات حرق النفس بسكب مواد مشتعلة على الجسد، ثم أخذت شكلاً آخر وهو محاولة الهجرة، وهو شكل مبطن للانتحار، أو إلقاء النفس للتهلكة، وقد وصلنا مؤخراً لمرحلة لا تقل خطورة عن سابقتيها، وهي محاولة التسلل عبر الحدود الشرقية للقطاع.
 
وأوضح عوض الله في مقابلة مع "الحدث"، أن الكارثة الحقيقية تتمثل في إدراك الشبان المسبق أن نسبة نجاح تلك المغامرة القاتلة لا يتعدى 10%، ومعظم من خاضوها إما تعرضوا للقتل أو الإصابة أو الاعتقال، ومع ذلك نجدها تتكرر، وهذا إن دل على شيء، إنما يدل على حجم الإحباط واليأس غير المسبوقين، اللذين وصل إليهما الشباب.
 
وحذر عوض الله من أن تظهر على السطح ظواهر أشد خطورة من السابق، في حال تواصلت الأوضاع في قطاع غزة على هذا النحو، مشدداً على ضرورة إيجاد حلول لتحسين سبل الحياة في القطاع المحاصر.
 
خطوة قسرية
ولم يتوقف العديد من الشبان على الاستمرار في التفكير والبحث عن طرق كفيلة بخروجهم من القطاع، خاصة أولئك ممن لهم أقرباء في مدن داخل الخط الأخضر، مثل السبع ورهط وغيرها.
 
ويقول المواطن رائد الشيخ، إن سهولة الحياة هناك، وتوفر فرص العمل وبأجور مرتفعة، دفعت بعضاً من أقربائه إلى المجازفة، ومحاولة اجتياز الحدود، وقد نجح بعضهم في ذلك، بينما تم اعتقال آخرين.
 
وأكد أن الأمر لازال محط اهتمام وتفكير الكثيرين، وبعضهم يخطط ويرصد بحثاً عن أكثر مناطق الحدود الشرقية موائمة للتسلل.
 
أما الشاب يوسف أحمد، فأكد أنه تراجع عن خطوته بالتسلل إلى داخل الخط الأخضر في آخر مرحلة، نظراً للتحصين الكبير، والإجراءات الإسرائيلية المشددة، موضحا أنه أجل خطوته، على أمل أن تتحسن الظروف، أو يجد طريقاً أسهل للخروج من القطاع، لكنه وفي حال ضاقت به السب أكثر، فسيضطر حينها لخوض غمار التجربة الخطرة.
 
وأكد أحمد أنه يتحسر حين يهاتف أصدقائه، سواء ممن هاجروا إلى أوروبا، أو نجحوا في التسلل عبر الحدود الشرقية للقطاع، ويصفوا له أوضاعهم، وكيف تغيرت ظروفهم، وأضحوا يرسلون لعائلاتهم المال، بعد أن كانوا عاطلين، لا يجدون ما يلبوا به احتياجاتهم.
وكان جيش الاحتلال نشر مقطع فيديو يظهر عملية اعتقال فتى، حاول التسلل عبر الحدود الشرقية للقطاع، وكيف تم تعريته، واعتقاله، واقتياده إلى جهة مجهولة.