الحدث – ياسمين أسعد
اتفق محللون على أن اقبال إسرائيل على التنقيب عن النفط في الجولان السوري المحتل، يأتي ضمن سياق السيناريو الانتخابي الذي من شأنه دعم نتنياهو في الانتخابات المقبلة، وضمن سياسة التوسيع الإقليمي الذي يروي العقلية الإسرائيلية رغم مخالفته للقانون الدولي الذي يمنعها من ذلك.
في هذا السياق، قال الخبير الاقتصادي في البنك الدولي، الباحث في جامعة تل أبيب سامي المعري، إنه يحظر على إسرائيل سرقة الموارد الطبيعية الموجودة في المناطق المحتلة والتي عرفت بذلك ضمن قرارات الأمم المتحدة، وبالتالي هذه عملية استحواذ غير قانونية للموارد كما يحدث في المناطق "ج".
وأضاف المعري لـ"الحدث": أن "برتوكوول باريس الاقتصادي لم يحمي الاقتصاد الإسرائيلي من قضية الاستغلال والسيطرة على الموارد الطبيعية في المناطق المحتلة، وكذلك العوائد الضريبية التي تجبيها إسرائيل نيابة عن السلطة الفلسطينية وتمنع تحكمها في موارد الدخل للشعب الفلسطيني".
وتابع: "الجولان معرفة كمنطقة محتلة، وبالتالي تلك الموارد لا يحق لإسرائيل استخدامها خاصة أن نسبة كبيرة من سكان الجولان الذين يحملون الهوية السورية، ما زالوا يعرفون أنفسهم كمواطنين سوريين يعيشون في دولة الاحتلال".
وعن التقديرات المتوقعة بكميات النفط في الجولان، أوضح الباحث أنه "من الصعب جدا في هذه المرحلة تقدير كميات النفط التي يتم الحصول عليها في مناطق الجولان، لكن أعتقد أنه سيكون لها تأثير ايجابي على الاقتصاد الإسرائيلي حيث ستنخفض أسعار الطاقة تبعاً لانخفاض تكلفة الانتاج في المناطق الإسرائيلية".
وعقب التصعيدات العسكرية على الحدود الشمالية مع سوريا ولبنان، قال المعري "لا أعتقد أن إسرائيل ستدخل في صراع مع سوريا، فالأخيرة لديها ما يكفي من الصراعات الداخلية دون وجود أفق مرتقب لحلها في الفترات المقبلة".
وأضاف لـ"الحدث": "أعتقد أن التزامن للتنقيب عن النفط وتحديدا في هذه المنطقة يأتي بشكل موازي للصراعات الداخلية الموجودة في سوريا، فليس للحكومة السورية القدرة للرد لا على المستوى الدبلوماسي الدولي في الأمم المتحدة، ولا في قضية خوض صراع أمام إسرائيل وتجنيد دول لأنها عاجزة أمام عدة دول تقف ضدها لإدعائها أنها تقوم بالمجازر ضد المواطنين العزل، وبالتالي الحكومة الحالية لا توجد لديها القدرة على المقاومة أو معارضة هذا المخطط".
وحول التوقيت للإعلان عن التنقيب، أشار المعري إلى أن التوقيت ملائم لإسرائيل لخوض المغامرة الحالية في قضية الاستثمار في التنقيب في الجولان، وتخصيص الموارد المالية خاصة في ظل الظروف الاقتصادية التي تمر بها إسرائيل في الفترة الأخيرة، فهذا بالتأكيد يأتي بعد يقين ودراسات حددت أن هنالك موارد نفطية في تلك المنطقة".
وأضح أن إسرائيل لم تمتلك الجرأة في ظروف عادية قبل عشرة سنوات أن تخوض هذه المغامرة، فهي مكلفة جداً ولم تكن تملك الأدوات العلمية الكافية ولا البرهان اليقين بقضية وجود النفط في الجولان".
وعن العطاءات المقدمة لعملية التنقيب، قال المعري "من المفترض أن يشارك في عطاء التنقيب شركات أجنبية ومحلية أيضا، وبالتالي تقام لجنة في داخل وزارة المالية في قضية توسيع النفط وكم سيحصل الفرد والمواطن الإسرائيلي على حصته من الكمية، وكذلك الشركة الخاصة التي تجدي هذا النفط".
من جهته، أكد الخبير في الشؤون الإسرائيلية وليد المدلل، أن هذا القرار يأتي ضمن مشاريع إسرائيل الطموحة لفرض مزيد من السيطرة على الأرض، رغم أنها تتجاوز في ذلك قرارات الأمم المتحدة حيث سبق هذا الإجراء قرارات تمثلت في فرض القانون الإسرائيلي على الجولان، وهذا أمر في غاية الخطورة".
وأوضح المدلل أن للأمر علاقة بالانتخابات الإسرائيلية المقبلة "فنتنياهو يبحث عن مشهد بطولي يذهب به للانتخابات، علما أن هذا الموقف قد يثير حالة من الانتقادات الدولية وموجه عالية يستغلها قادة اليمين في إسرائيل".
وأضاف لـ"الحدث": "اختبار هذا التوقيت بالذات له علاقة بالتوسع الإقليمي وهي مسألة بنيوية في العقلية الإسرائيلية، فقد كان بإمكانه تأجيل ذلك إلى ما بعد الانتخابات، لكن نتنياهو يريد أن يذهب إلى الانتخابات وهو يحمل العديد من الانجازات لتحسين نسبته".
وحول ردود فعل المنطقة الإقليمية "حزب الله لا يحتاج للمبررات لاستهداف إسرائيل، فبغض النظر عن أفعاله يعتقد أن وجود الاحتلال بحد ذاته حالة من التعدي ويحتاج للمواجهة".
وعن سوريا، قال المدلل إن "النظام السوري بني على عدم رد، ومسألة سرقة الموارد من الممكن طرحها في المحافل الدولية لكنها قضية تستغرق وقتا طويلا، لكن إسرائيل لا تكترث بالمجتمع الدولي (الفيتو الأمريكي) الذي يحميها من أي عقوبة، إضافة إلى أن عملية التنقيب تأخذ وقت طويل تصل لعقود".
وأضاف: "رغم أن ذلك سيشكل الكثير من الغضب الدولي، لكن إسرائيل لا تكترث بالانتقادات الدولية، وهي تنظر للمنظمات الدولية بصورة سيئة، وبينها وبين المجتمع الدولي حالة فشل ذريعة تدين إسرائيل في محافل وساحات متعددة".