الحدث الثقافي
صدرت عن منشورات المتوسط - إيطاليا، الرّواية الجديدة للكاتبة السورية مها حسن، والتي جاءت بعنوان: "في بيت آن فرانك". الرواية صدرت الآن في طبعتها الفلسطينية، ضمن مشروع "الأدب أقوى" الذي أطلقته المتوسط لإصدار طبعة فلسطينية لعدد من كتُبها بالتزامن مع طبعتها في العالم العربي، لتكون كتب الدار جزءًا من العمل المقاوم لسلطات الاحتلال، وكسر الحصار الثقافي المُمارس على القارئ الفلسطيني، وهو مشروع يتم بالتعاون مع الدار الرقمية في فلسطين. وستصدر الرواية خلال أيام في طبعتها العربية عن منشورات المتوسط. وستتاح الكترونياً على منصة أبجد للكتاب العربي، ومنصات أخرى.
لا تخرجُ رواية "في بيت آن فرانك" عن أسلوب الكاتبة مها حسن في السِّيرة واليوميات والمذكِّرات، بل تُعمِّقه في قالبٍ روائيٍّ يجمعُ الخيال الأدبي بالواقع. تبدأ الحكاية ولا تنتهي في أمستردام، في بيتٍ يعرفهُ الكثيرون، بيت أنيق وهادئ، صارَ متحفًا ومكانًا للإقامات الإبداعية؛ أين تقضي كاتبةٌ، بعد تردُّدٍ، سنةً كاملةً في مواجهةِ ذاكرةٍ مزدوجة، وحيدة لساعاتٍ طويلةٍ، يُفارقها النَّوم وتكبر بداخلها المخاوف، بل وتأتيها في شكلِ طيفِ فتاةٍ، اجتثَّها يومًا النَّازيونَ من مكانِها، وحرموها أن تعيشَ حياتها في بيتٍ آمن، بيتٍ مليء بالمخابئ السّرية التي لم تنفعْ بعد الوشاية بالعائلة، وإرسالها إلى معسكراتِ الاعتقال، لتقضي وأختَها هناكَ، غالباً بسب وباء التيفوس عام 1945.
إنَّها آنْ فرانك، صاحبة كتاب "مُذكِّرات فتاةٍ صغيرة"، والكاتبةُ هي مها حسن، صاحبة هذا الكتاب الذي تسيران فيه روائيًّا في خطَّينِ يتلامسانِ حدَّ الالتصاق، لنقعَ في اللُّبسِ، وفي السِّحرِ أيضًا، حينَ تستعيدُ الفتاةُ الصغيرة صوتَها، في سردٍ مشتركٍ، يعبرُ بنا من صراع الهويّة، ومآسي الماضي، إلى همومِ الكاتبتيْن الشَّخصية وقد تقاطعت مساراتُ حياتيْهما، إلى أنْ سكنت روحُ إحداهُما ذاكرةَ الأخرى، وأعلنتا معًا: «هيا لنُغيِّر العالم بلعبة الكتابة!».
روايةٌ استغرقت حسب تصريح الكاتبة 13 سنةً لتخرج في صيغتها النهائية، والتحرُّر أخيراً من آن فرانك، التي سكنت بيتها وذاكرتها. هو كتاب عن السفر والصداقة والقصص المشتركة، وعن تلك البلاد الجميلة التي تسمّيها مها: «أرض الكتابة».
أخيراً جاءت الرواية في 184 صفحة من القطع الوسط.
بدأتُ اليوم أحبُّ المكان، شعرتُ أن أمستردام حنونة. كنتُ وصفتُها بالرتيبة والرصينة، المتماثلة، حيثُ لا مشاهد تُدهِش. العمارة في باريس متألِّقة، صور تتجدَّد ومشاهد جديدة وحَيَّة في كل لحظة، أمَّا أمستردام، فهي هادئة وفعلاً رصينة. اليوم وقد خرجتُ للمرَّة الأولى وحدي، أحسستُ أنها حنون، رتابتها، كجَدَّة رصينة لا تتحرَّك كثيراً، لكنها تحتوي وتحتضن بحنو، على عكس باريس الجميلة والمضيئة، والمُتخَلِّية. باريس تشبه امرأة جميلة، فاتنة، غاوية، متعالية، يمكنها أن ترميك في أيِّ لحظة.
باريس هي العشيقة التي لا يمكن الوثوق بها، بينما أمستردام هي الجَدَّة التي لا تغادر مكانها، وتستقبل كل حماقاتنا، بقلبٍ واسع.
أشعر اليوم أنني أُحقِّقُ وجودي المادِّيَّ ككاتبة، ليس عليَّ هنا سوى أن أكتب وأكتسب الخبرات.
مها حسن، روائية سورية، من مواليد مدينة حلب، وتقيم حاليا في فرنسا، صدر لها العديد من الأعمال الروائية من أبرزها "اللامتناهي - سيرة الآخر"، 1995. "جدران الخيبة أعلى"، 2002. "تراتيل العدم"، 2009. "حبل سري"، 2010. "بنات البراري" 2011، "طبول الحب" 2012. "الروايات"، "نفق الوجود"، 2014، "مترو حلب"، 2016. "عمت صباحاً أيتها الحرب"، 2017. "حي الدهشة"، 2018.
وصلت رواياتها "حبل سري" و "الروايات"، إلى اللائحة الطويلة للجائزة العالمية للرواية العربية (بوكر)، كما وصلت رواياتُها "مترو حب"، "عمت صباحاً أيتها الحرب"، "حي الدهشة" إلى اللائحة الطويلة لجائزة الشيخ زايد للكتاب.