ليست إسرائيل حليفاًعادياً للولايات المتحدة. إنها ولاية أمريكية صغيرة نشطة وفاعلة، أشبه بكاليفورنيا أو نيويورك من حيث الفاعلية الهائلة التي تتمتع بها في نسيج الاتحاد، مع أنها صغيرة جداً من حيث الحجم، وتتمتع بميزة أن أمريكا لا تتحمل مسؤولية أفعالها على نحو مباشر. ن.ش)
جورج فلويد، أمريكي أسود قتل على يد ضابط شرطة مينيابوليس الأبيض ديريك تشوفين وثلاثة من زملائه في مينيابوليس بولاية مينيسوتا لمحاولته استخدام فاتورة مزورة بقيمة 20 دولارًا في متجر. وبعد مصرعه احتلت الاحتجاجات العنيفة العناوين الرئيسية عوضاً عن وباء كورونا.
قد يكون نهب المتاجر والعنف الذي أعقب ذلك ذريعة للمؤسسة الحاكمة لفرض دولة بوليسية كاملة. ولا بد أن بعض المتظاهرين مثل ANTIFA يمهدون الطريق لتقييد الحريات المدنية القليلة المتبقية للمواطنين الأمريكيين. ومع ذلك، فإن القتل المأساوي لجورج فلويد يحمل العلامة المميزة للتدريب الاسرائيلي المتصل بطرق التعامل مع المشتبه بهم. وتسمح العديد من الولايات والمدن والبلدات الأمريكية بتدريب أقسام الشرطة التابعة لها من قبل الشرطة الإسرائيلية وقوات الجيش الإسرائيلي وجهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي المعروف باسم الشين بيت المتمرس في قمع الفلسطينيين عقوداً عدة باستخدام الأساليب الشرطية الوحشية. الإسرائيليون خبراء في اضطهاد الفلسطينيين وتعذيبهم منذ العام 1948، لذا فإنهم يدربون الآن قوات الشرطة الأمريكية التي تستخدم الأساليب نفسها لإخضاع المحتجين أو لاعتقال الأشخاص بطرق عنيفة. هناك مقال في الصوت اليهودي من أجل السلام في 2018 عنوانه "تقرير التعاون المميت" يكشف عمق برامج التدريب الضخمة بين الأجهزة الشرطية الأمريكية من جهة والشرطة الإسرائيلية والجيش الإسرائيلي والشين بيت من جهة ثانية. ويبدأ المقال بذكر من يشارك في تلقي أساليب التدريب الإسرائيلية:
تمتد الرقعة من نائب مديرشرطة الهجرة والجمارك إلى رئيس الشرطة الحالي في واشنطن العاصمة، ومن سان دييغو إلى شيكاغو إلى أتلانتا. ومنذ العام 2002، تدرب الآلاف من مسؤولي الأمن الأمريكيين في إسرائيل لدى الشرطة الإسرائيلية والجيش وشين بيت. وشارك آلاف آخرون في مؤتمرات وورش عمل أمنية جمعت العسكريين الإسرائيليين مع مسؤولي الشرطة والأمن في الولايات المتحدة. ولكن على الرغم من وصفهم بأنهم أفضل الخبراء في مكافحة الإرهاب، فإن عناصر الشرطة الإسرائيلية وعملاء الأمن ينتهكون الحقوق المدنية بانتظام، ويطبقون السياسات العنصرية والتمييز العنصري وغير ذلك من السياسات القاتلة.
يضرب المقال مثلاً إحدى دراسات حالات ضباط الشرطة الذين قاموا برش سائل "سكانك" الذي يسبب الغثيان عند رشه على المتظاهرين خلال احتجاجات 2014 في فيرغسون/ ميزوري بعد إطلاق النار على مايكل براون وإردائه من قبل ضابط الشرطة دارين ويلسون.
تم تطوير "سكانك" من قبل الشرطة الإسرائيلية، وتقوم بتصنيعه شركة أودكترك الإسرائيلية. ويبدو سكانك سائلاً ذا رائحة كريهة مصمماً ليسبب الغثيان والإجهاد لعدة أيام عندما يتم رشه بضغط مرتفع على المتظاهرين. وبناءً على فعاليته المثبتة ضد الاحتجاجات الفلسطينية، لا سيما في التظاهرات القروية في الضفة الغربية ضد جدار الفصل العنصري، بدأت الشركة الأمريكية مسترال سيكيورتي Mistral Security ببيعه لإدارات الشرطة الأمريكية، بما في ذلك شرطة سانت لويس متروبوليتان، بعد احتجاجات 2014 في فيرغسون/ميسوري.
ووفقًا للتقرير الصادر عن "بحث التحالف الأمريكي الإسرائيلي" (RAIA) بالشراكة مع الصوت اليهودي من أجل السلام، بعنوان "التعاون القاتل: العواقب الخطيرة لتدريب قوات الأمن الأمريكية في إسرائيل"، فأن الجيش الإسرائيلي والشرطة والعاملين في وكالات الاستخبارات يدربون قوات الشرطة الأمريكية على الأساليب الإسرائيلية في مكافحة الإرهاب التي تتضمن أيضًا مهارات التنميط العنصري.
يتم تقديم إسرائيل بوصفها دولة تحافظ على سلامة مواطنيها في مواجهة التهديد الدائم، لكن النظام الأمني الإسرائيلي مصمم لإخضاع الفلسطينيين، ويعتمد على التفرقة العنصرية المنهجية بين الفلسطينيين واليهود الإسرائيليين، وهو ما يجسد الأبارتهايد/ الفصل العنصري على نحو واضح. وخلال الدورات التدريبية في إسرائيل، تجتمع وفود الأمن الأمريكية مع الجيش الإسرائيلي والشرطة ووكالات المخابرات الإسرائيلية للتدرب على مكافحة الإرهاب وفق الأسلوب الإسرائيلي، الأمر الذي يستلزم ضمناً، تحسين طرق التنميط العنصري.
وأضاف التقرير: "بعد أشهر من 11 أيلول، قام ممثلو إنفاذ القانون الأمريكيون بأول رحلة تدريب رسمية لإسرائيل لتبادل "الممارسات الفضلى" والمعرفة والخبرة في مكافحة الإرهاب". شمل الوفد أعضاء من مكتب التحقيقات الفدرالي، ووكالة المخابرات المركزية، ورؤساء ونواب رؤساء إدارات الشرطة في جميع أنحاء الولايات المتحدة، بما في ذلك كاليفورنيا ونيويورك وتكساس وماريلاند وفلوريدا، وغيرهم ممن تم تدريبهم على الأساليب العسكرية الإسرائيلية لجمع المعلومات الاستخبارية وأمن الحدود ونقاط التفتيش والتنسيق مع وسائل الاعلام. ويوضح التقرير أن "برامج تبادل فئات إنفاذ القانون الأمريكية مع إسرائيل أصبحت مقننة تماما مع توجه مئات المسؤولين الأمريكيين الموكلين بإنفاذ القانون من أنحاء البلاد المختلفة إلى إسرائيل لتلقي لتدريب، ومشاركة الآلاف الآخرين في المؤتمرات وورش العمل الأمنية مع الموظفين الإسرائيليين في الولايات المتحدة مما سمح باستخدام تكتيكات إسرائيل على مواطني الولايات المتحدة، وهو ما قاد إلى ترسيخ العلاقات على نحو أوثق بين البلدين.
تسهل برامج التعاون مع إسرائيل تبادل الممارسات والتقنيات بين سلطات تطبيق القانون الأمريكية والجيش الإسرائيلي والشرطة ووكالات الاستخبارات؛ وتغرس منطق الأمن العسكري الإسرائيلي في المجال المدني، وتطبع ممارسات المراقبة الجماعية، والتجريم، والقمع العنيف للمجتمعات والحركات التي تحددها الحكومة على أنها تهديد؛ وتعمق العلاقات بين المسؤولين الأمريكيين والإسرائيليين لزيادة الدعم لنموذج أمني مشترك يسوغ الانتهاكات الصارخة لحقوق الإنسان والحقوق المدنية.
نشرت منظمة العفو الدولية تقريراً في آب 2016 بعنوان "من الذي يدرب العديد من إدارات الشرطة الأمريكية؟" ويذكر التقرير أنه في سياق التدريب في إسرائيل التي تعد من أكبر منتهكي الحقوق، وثقت وزارة العدل الأمريكية "انتهاكات دستورية واسعة النطاق، مع ممارسات عنصرية، يرافقها ثقافة الانتقام" داخل قسم شرطة بالتيمور. وزعم التقرير أنه في حين يغيب الاهتمام بتفاصيل من قام بتدريب هؤلاء الضباط "إلا أن الأمر الأهم الغائب هو الجهة الرئيسة التي تلقت شرطة بالتيمور على يديها تدريبات السيطرة على الحشود واستخدام القوة والمراقبة: إنها الشرطة الوطنية الإسرائيلية والجيش وأجهزة المخابرات". وقالت منظمة العفو الدولية إن المشاركين لم يقتصروا على بالتيمور بل إن "مئات آخرين من فلوريدا ونيوجيرسي وبنسلفانيا وكاليفورنيا وأريزونا وكونيتيكت ونيويورك وماساتشوستس ونورث كارولينا وجورجيا وواشنطن بالإضافة إلى شرطة العاصمة قد سافروا جميعًا إلى إسرائيل لتقي التدريب. ومن ناحية أخرى يتلقى الآلاف من ضباط الشرطة التدريب من الإسرائيليين داخل الولايات المتحدة. ومن أجل رش الملح على الجرح، يغطي دافعو الضرائب الأمريكيين نفقات تدريب قوات الشرطة الأمريكية والوكالات الحكومية الأخرى.
وتمول العديد من هذه الرحلات نقود دافعي الضرائب بينما تتمول أنشطة أخرى من مساهمات خاصة. ومنذ العام 2002، دفعت رابطة مناهضة التشهير، واللجنة اليهودية الأمريكية لمشروع التبادل، والمعهد اليهودي لشؤون الأمن القومي، أموالاً طائلة لرؤساء الشرطة ومساعدي الرؤساء والضباط الكبار لتلقي التدريب في إسرائيل والأراضي الفلسطينية المحتلة.
هذا تذكير للعالم بأن تكتيكات الشرطة التي استخدمت ضد جورج فلويد لتودي بحياته قد تم تأسيسها في إسرائيل. وهي الدولة الصهيونية التي تستخدم تلك التكتيكات لقمع الفلسطينيين على أسس يومية. لكن هذه الممارسات البشعة تشيع الآن لدى قوى الشرطة الأمريكية على نطاق واسع.