الإثنين  25 تشرين الثاني 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

بيلا حديد- بقلم: سامي سرحان

2020-07-10 06:56:00 PM
بيلا حديد- بقلم: سامي سرحان
بيلا حديد

 

بيلا حديد، ناشطة فلسطينية على وسائل التواصل الاجتماعي وبالتحديد على "انستغرام"، نشرت بيلا حديد على موقعها صورة لجواز سفر والدها مكتوب في خانة مكان الولادة "فلسطين"، وفوجئت بيلا بحذف صورة جواز سفر والدها من الموقع فتابعة الأمر لتقف على حقيقة صادمة تتمثل في أن نستغرام حذف ويحذف كل نص يتعلق بفلسطين بناء على تعريف إسرائيلي للإرهاب ومحاولة منها طمس الهوية الوطنية للشعب الفلسطيني وتاريخه الممتد الذي تخضعه إسرائيل للتحوير والتزييف والتغييب.

لم تتوقف بيلا حديد عن متابعة الجريمة حتى اعتذر موقع انستغرام عن فعلته وتواطئه مع دولة الاحتلال الإسرائيلي وإعادة صورة جواز سفر والدها إلى موقعها. وتجند الآلاف من المتابعين والمؤيدين والمناصرين لفلسطين من مختلف أرجاء المعمورة لتسليط الأضواء على الحادثة وعلى أن منصة انستغرام وفيسبوك أيضاً هما شريكان لإسرائيل في طمس الرواية الفلسطينية ومنحازان للرواية الإسرائيلية وأنهما تغلقان أعينهما عن جرائم إسرائيل وإرهابها واحتلالها لفلسطين وتنظران بعين واحدة للصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، ولا ترى تلك العين سوى الرواية الزائفة الإسرائيلية. 

ذكرتني حادثة بيلا حديد بما حدث معي شخصياً في ثمانينيات القرن الماضي، إذ كُلفت بمهمة إعلامية في البرتغال وكنت آنذاك مقيماً في تونس وكان لزاماً علي أن أحصل على تأشيرة لدخول البرتغال "فيزا"، من السفارة البرتغالية في تونس، وعندما وصلت إلى خانة مكان الولادة في نموذج طلب الحصول على الفيزا كتبت اسم قرية "التينة"، مسقط رأسي، وهي قرية في أواسط فلسطين معرّفة ومعروفة، لكن كانت هناك خانة أخرى في النموذج هي (البلد)، أي في بلد تقع قرية التينة، فكتبت "فلسطين"، وسلمت الطلب للموظف المختص في القسم القنصلي في سفارة البرتغال في تونس العاصمة، وبالتدقيق في البيانات الواردة في الطلب قال لي الموظف المختص: ليس هناك دولة اسمها فلسطين، فقلت له ولكنني ولدت في قرية اسمها "التينة" في فلسطين، فقال لي أكتب إسرائيل، قلت ولكن "إسرائيل" لم تكن موجودة على خارطة العالم عندما ولدت، فأنا كما ترى من مواليد عام 1945، وفلسطين هي بلدي وبلد والدي وجدي المدفونن تحت شجرة الجميز على طرف أرض لنا في القرية، قال الموظف ولكنك تحمل جواز سفر أردني فاكتب "الأردن". قلت ولكن قريتي التينة لم تكن قبل النكبة في الأردن ولم تكن بعد النكبة في الممكلة الأردنية الهاشمية كانت في فلسطين وأنا ولدت في فلسطين. أصر الموظف المسؤول على أن فلسطين دولة غير موجودة، ولكنه اقتنع أنني لم أولد في إسرائيل، وترك علامة استفهام في خانة "البلد".

هذا حال كل من هم من جيلي، جيل النكبة، ولا شك أن والد بيلا هو من ذلك الجيل، فهم أكبر من إسرائيل، يحملون الهم الفلسطيني والهوية والتاريخ، ويسلم الراية اليوم إلى جيل الثورة والانتفاضة والفيسبوك والانستغرام الذين يتابعون قضية بلدهم فلسطين ويتصدون باجتهاد للرواية الصهيونية وتزييف إسرائيل للتاريخ حتى النصر.