الإثنين  25 تشرين الثاني 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

وتنتصر المصلحة العليا لشعبنا/ بقلم سامي سرحان

2020-07-22 09:07:13 AM
وتنتصر المصلحة العليا لشعبنا/ بقلم سامي سرحان
مؤتمر رجوب- العاروري

 

وأخيرا انتصرت المصلحة الوطنية العليا للشعب العربي الفلسطيني على الفصائلية والانقسام والمسائل الخلافية الثانوية التي توقفنا عندها طويلا، وما كان لنا أن نقف هذا الزمن لتصبح قضيتنا ثانوية في صراع المنطقة وعرضة للتصفية أرضا وشعبا، ويراهن المطبعون وبنيامين نتنياهو ودونالد ترامب على ديمومة الانقسام وتغذيته بالمال والأوهام.

وترجم لقاء فتح وحماس الذي مثله جبريل الرجوب وصالح العاروري، خطوة متقدمة على طريق تعزيز الوحدة الوطنية الفلسطينية في مواجهة صفقة القرن وتفرعاتها وأهمها قرار الضم الذي بات هدفا مشتركا في برنامج حكومة الرأسين نتنياهو – غانس ومباركة إدارة ترامب.

ويحظى التوجه الوحدوي الذي بدأته فتح وحماس بتأييد وإجماع فلسطيني شعبي وفصائلي وحزبي في إطار منظمة التحرير الفلسطينية، وقد أعلنت حماس أنها ليست بديلا للمنظمة ولا تسعى لذلك وأنها مستعدة لدفع ثمن المصالحة بكل ما تعني الكلمة.

ولا شك أن تفعيل منظمة التحرير الفلسطينية ودخول حركة حماس في أطرها وكذلك الجهاد الإسلامي والقوى الفاعلة في الساحة الفلسطينية في الداخل والشتات هو الخطوة الأهم بعد اللقاء الثنائي التي ينتظرها كل فلسطيني للاتفاق على برنامج مواجهة للرهان الإسرائيلي على فصل قطاع غزة عن الضفة الغربية وضم الضفة الى الكيان الإسرائيلي وطمس المشروع الوطني الفلسطيني وتضحيات الشعب الفلسطيني على مدى قرن ونيف في مواجهة المشروع الصهيوني.

ولا نشك أن التوجه الوحدوي الفلسطيني أربك حسابات إسرائيل في المقام الأول التي راهنت على ديمومة الانقسام وعملت من أجله على مدى 15 عاما، كما أربك حسابات بعض الأعراب المنقسمين على أنفسهم ولكنهم موحدون في الرهان على التطبيع مع الكيان الإسرائيلي على اعتبار أن إسرائيل هي الحامية المستقبلية للأنظمة المطبعة من غضبة شعوب المنطقة عربا ومسلمين ومسيحين.

وندرك أن مسيرة الوحدة الوطنية بعد اللقاء الثنائي لا تزال تراوح مكانها رغم الأجواء الإيجابية التي تعم فلسطين والعالم العربي أصدقاء الشعب الفلسطيني.

ولا شك أن شح الموارد المالية للسلطة الوطنية يعكس أثره على الدفع قدما بالمصالحة ذلك أن المصالحة جاءت في ظروف اقتصادية غاية في السوء أولا لانعكاس جائحة كورونا على الحالة الاقتصادية للسلطة وتراجع واردات الخزينة العامة من الضرائب والجمارك، وثانيا توقف إسرائيل عن تحويل مستحقات السلطة من أموال المقاصة وربط التحويل بإعادة التنسيق والاتصال على النحو السابق لإعلان الرئيس أبو مازن أن المنظمة في حل من الاتفاقات مع إسرائيل والولايات المتحدة وأي تنسيق بما في ذلك التنسيق الأمني الذي اعتبرته حركة حماس ومختلف الفصائل بما في ذلك حركة فتح سببا لعدم التوصل إلى اتفاق ينهي حالة الانقسام، إضافة لأسباب أخرى كثيرة منها الرؤية المختلفة حول إشكال النضال السياسي والدبلوماسي والقانوني أو المقاومة الشعبية والمقاومة المسلحة وضرورة وحدة القرار في كل من مراحل النضال وهل يمكن استخدام  هذا الشكل أو الآخر أو الدمج بينهما ضد الاحتلال الإسرائيلي.

وثالثا: توقف أو لنقل شح الدعم المالي العربي والأوروبي وتوقف الدعم الأمريكي للسلطة وللأونروا ولعبض المشاريع التي ترعاها، ويظهر توقف الدعم العربي والأوروبي تواطؤ الجانبين مع المخطط الصهيو-أمريكي لتركيع الشعب الفلسطيني وقيادته للقبول بصفقة القرن رغم الرفض الواضح والحازم للصفقة الذي أبدته القيادة الفلسطينية وعلى رأسها السيد الرئيس أبو مازن الذي شكل رفضه الواضح وغير المتردد منذ أول يوم ظهرت فيه الصفقة "الصفعة" وبدت أساسا للرفض الفلسطيني والعربي والدولي وبدت تظهر أهدافها في تصفية القضية الفلسطينية وشطب حل الدولتين على حدود الرابع من حزيران 1967. لقد كان قبول منظمة التحرير الفلسطينية بإقامة دولة فلسطينية على حدود الرابع من حزيران 1967 نقطة جدل مع حركة حماس التي ترى في فلسطين التاريخية وطنا للشعب الفلسطيني وحقا له في إقامة دولته على كامل فلسطين إلى أن عدلت حماس رؤيتها بقبول إقامة دولة فلسطينية في حدود الرابع من حزيران (الضفة  - غزة - القدس الشرقية) وعاصمتها القدس الشريف. واشترطت للقبول بذلك أن تكون الدولة الفلسطينية العتيدة خالية من جميع المستوطنات الكبيرة والصغيرة والتأكيد على حق عودة اللاجئين الفلسطينيين وفق قرار الأمم المتحدة رقم 194.

ولم يكن هناك تعارض في ذلك مع برامج حركة فتح وكذلك برامج م. ت .ف التي تتمسك بحق العودة باعتباره جذر القضية الفلسطينية والسبب الرئيسي في إدامة الصراع مع العدو الإسرائيلي كما تتمسك بإنهاء الاحتلال الإسرائيلي عن الأرض الفلسطينية المحتلة عام 1967 وإزالة لمستوطنات وضمنت ذلك في المبادرة العربية التي اعتمدت في قرارات كثيرة للأمم المتحدة.

غير أن نية إسرائيل ضم أجزاء من الضفة الغربية وفرض سيادتها على نحو 30% من الضفة وتحرير عشرات الآلاف من فلسطينيي الداخل من حق المواطنة في إسرائيل وربط مصيرهم بالمجهول وفق صفقة القرن؛ بدد أحلام الشعب الفلسطيني في إقامة دولة خاصة ولو على جزء هزيل من وطنه التاريخي (22%) بل يتهدد مشروع الضم الشعب الفلسطيني كأفراد ومجموعات بالترحيل القسري وتهجيرهم والاستيلاء على مدنهم وقراهم أي أن نكبة جديدة ووعد بلفور جديد في الطريق لتحديد مصير الفلسطينيين.

ولم يكن هناك شيء أكبر من هذا التهديد والمصير المجهول ليوقظ الشعب وقيادته من وهم السلام المنشود مع دولة عنصرية يقودها شخص مسكون بالعنصرية والغرور والعظمة التي لا تقف عند حد وتتغذى بالأوهام التوراتية وإنكار الحقيقة الفلسطينية الضاربة في تاريخ الإنسانية قبل التوراة وبعد الإنجيليين وحماقات ترامب ومستشاريه الصهاينة الذين يرون في بنيامين نتنياهو الفاسد سيد العالم.

هذا الخطر الداهم والتحديات المتمثلة بصفقة القرن والضم والتطبيع العربي الرسمي يفرض على الحركة الوطنية الفلسطينية بمختلف فصائلها وأحزابها وحركاتها وخصوصا فتح وحماس والجهاد والشعبية وحزب الشعب الخ .. وشعبنا أينما تواجد الاتفاق والتوافق على رأي واحد وهدف واحد في هذه المرحلة وهو التخلص من الاحتلال الإسرائيلي للأرض الفلسطينية المحتلة عام 1967 والتمسك بحق العودة وفق القرارات الدولية ووضع القضايا المختلف عليها جانبا وليس فقط رفض أو تأجيل الضم.

لقد استبشر شعبنا خيرا بلقاء فتح وحماس وبالتصريحات التي تلت اللقاء وأسقط الاجتماع الثنائي الانقسام الفلسطيني الذي اتخذه بعض الأعراب وبعض المتربصين بالحق الفلسطيني ذريعة للتطبيع أو التنكر للحقوق الوطنية المشروعة للشعب الفلسطيني والتجرؤ على المقاومة الفلسطينية وتاريخها بالصمود والتضحيات وما يطمئن الفلسطيني بعد الاجتماع الثنائي (فتح وحماس) أن كلا من فتح وحماس تقف كل واحدة منهما موحدة حول المصالحة وحتمية إنهاء الانقسام وتوحيد الصف الفلسطيني كمقدمة لتوحيد موقف شعبي عربي داعم ومساند ومشارك للشعب العربي الفلسطيني والقضية المركزية للأمة العربية وفرض ذلك الموقف على الأنظمة العربية التي تتفلت من التزاماتها القومية متعذرة بالأوضاع الداخلية المتردية، والتي لا تدرك حتى الآن أن أوطانهم وشعوبهم وثرواتهم هي هدف المشروع الصهيو-أمريكي وعندها لن تبقى حاجة لوكلاء تابعين يسمون حكاما أو قادة أو أمراء أو رؤساء أو ملوكا.

فالمشروع الصهيوني لم يتوقف منذ أن وضع هدفا له بإقامة وطن قومي لليهود في فلسطين منذ القرن التاسع عشر ورفع شعار "حدود إسرائيل من الفرات إلى النيل".

ووحدة الشعب  الفلسطيني تعزز أدوات التصدي للمشروع الصهيوني وصولا إلى جبهة عربية- إسلامية ودولية مساندة تصد الأطماع الصهيو-أمريكية رغم كل ما ينتاب الجسد العربي في أقطاره العديدة من أمراض وعوارض كنا نظنها لوقت قريب عوارض طارئة وأذابتها أمراض مزمنة استوطنت بالقطرية والسلطة المطلقة والثروة المفسدة وقد آن الأوان للاستيقاظ من الغفلة المهلكة فنحن شعب يستحق واقعا خيرا من واقعه ومستقبلا يليق بتاريخه المشرق لا بمصير ملوك الطوائف.