احتفلت الإمارات يوم السبت الماضي بتدشين أول كنيس وإقامة أول صلاة سبت فيه، كأنها تحتفل مقدماً باتفاق السلام الذي تفاخر نتنياهو في مؤتمره الصحفي بأنه اتفاق السلام الثالث مع دولة عربية، قاصداً بذلك مصر والأردن والإمارات، ومتجاهلاً تماماً اتفاقاته مع الفلسطينيين. وهو تجاهلٌ يأتي في سياق فكر نتنياهو اليميني الصهيوني المتطرف، المعبر عنه في مقارنة الإمارات بصحراء تحولت إلى مكان مزدهر مليء بناطحات السحاب تماماً مثل إسرائيل التي تأسست في أرض صحراء.
وبحسب نتنياهو فإن الإمارات ستتستثمر في إسرائيل بينما ستستثمر إسرائيل في قطاعات التكنولوجيا والطاقة والمياه في الإمارات. فعلياً، وبعيداً عن عبارات فقدت معناها مثل "طعنة في الظهر، والخروج عن الإجماع العربي.."، وبعيداً عن التحليلات القائلة بأن الاتفاق يُشكل بالأساس إنقاذاً أساسياً لنتنياهو وترامب، اللذين يُعانيان من شعبية متضعضة، ورغم صحة التحليلات والعبارات، يظل التساؤل الأساسي متمحوراً حول: لماذا فعلت الإمارات ذلك؟
بالأساس لا يُمكن أن تقدم الإمارات على حركة سياسية بهذا الثقل وهذا الحجم دون أن تكون قد نسقت الأمر مع دولتين كبريين في المنطقة الأولى هي السعودية، والثانية هي مصر والتي عبرت عن مباركتها لهذه الخطوة في أقل من ساعة من خلال تصريح صادر عن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، ما يعني أن مصر بكل تأكيد كانت على علم بهذا الاتفاق، تماماً مثل السعودية التي هي عراب وولي أمر دول الخليج العربي.
ومثلما تعتبر الإمارات حليفاً أساسياً تابعاً للسياسة السعودية في المنطقة وفي تقسيمها لمحاور واصطفافات، فإنها تعتبر أيضاً بالون الاختبار أو كبش الفداء أو حفرة الامتصاص أو الفاتحة أو التمهيد لما سيتبع ويلحق من مفاجأة مدوية أكثر من مفاجأة الاتفاق العلني مع إسرائيل. ذلك لأن توقيع الإمارات لاتفاق السلام مع إسرائيل، يعني أساساً، وبلا شك، بأن السعودية حليفها الأساسي، في حربها في اليمن، وضد إيران، وضد محور المقاومة ستُعلن قريباً عن اتفاقٍ مشابه.
السعودية ستكون الدولة الكبرى الأخرى التي ألمح إليها نتنياهو في مؤتمره الصحفي من أنها ستوقع اتفاق سلام مع إسرائيل. وسيكون هذا الاتفاق طوق النجاة للثلاثي ترامب نتنياهو ومحمد بن سلمان الذي ستُغلق القضية المرفوعة ضده في الولايات المتحدة مقابل اتفاق مشابه.
أما نحن الفلسطينيون، الذين أثبتنا الفشل المدوي لمشروعنا الدبلوماسي، عربياً ودولياً، فعلينا إعادة النظر في طريقتنا وفي تعاطينا مع مشروعنا الوطني وقضيتنا وهويتنا.