الحدث - سجود عاصي
أثار إغلاق نحو 30 مدرسة في الضفة الغربية بسبب وجود إصابات بفيروس كورونا بين طلبة الثانوية العامة قبل بدء العام الدراسي الجديد 2020/2021 بشكل رسمي والمقرر في 6 أيلول 2020، تخوف وقلق الأهالي والطلبة من استمرار العملية التعليمية في المدارس بشكل آمن.
يقول مدير عام الإشراف والتأهيل التربوي في وزارة التربية والتعليم أحمد عمار في لقاء خاص مع صحيفة الحدث، إن التربية والتعليم منذ بدء الجائحة، أخذت كل التدابير اللازمة لضمان استمرار العملية التعليمية بجودة عالية خلال جائحة كورونا، وكان هاجس التربية بشكل أساسي يتمثل في المواءمة بين صحة الطالب من جهة وحقه في التعلم النوعي من جهة أخرى. فمنذ بدء الإعلان عن حالة الطوارئ في مارس الماضي وضعت الوزارة خطة طوارئ تتضمن الاحتياجات اللازمة لإدارة العملية التعليمية خلال هذه الفترة، وعرضت هذه الخطة على جميع الشركاء المحليين من مؤسسات حكومية وغير حكومية ومؤسسات تعليمية وكذلك على الشركاء الدوليين الذين لهم علاقة بالتعليم مثل اليونسكو وغيرها، لتقديم رؤية حول التدخلات التي يمكن تقديمها للوزارة من خلال هذه الخطة.
وأضاف عمار: عندما بدأت فترة الحجر المنزلي الإجباري، أغلقت المدارس، إلا أن العملية التعليمية لم تتوقف، وكان التعليم عن بعد متاحا خلال هذه الفترة، الذي وظفنا فيه التعليم الإلكتروني، ولكن واجهتنا مشكلة وهي أن بعض الأسر لا تمتلك أجهزة إلكترونية أو لا تتوفر لديها خدمة الإنترنت، لذلك بدأنا نفكر بطرق خلاقة حول كيفية الوصول للطالب وكانت خطتنا تتناول العديد المحطات، من ضمنها البنية التحتية سواء مادية أو مرافق أو أبنية تحتية أو معدات تكنولوجية، وشملت موضوع التعلم عن بعد والتقنيات والبروتوكول الصحي والإرشاد النفسي، وتم تشكيل لجنة وزارية من ست وزارات ذات العلاقة بالتعليم (وزير التربية والتعليم مروان عورتاني، أمين عام مجلس الوزراء أمجد غانم، وزيرة الصحة مي الكيلة، ووزير التعليم العالي والبحث العلمي محمود أبو موريس، ووزير الحكم المحلي مجدي الصالح، ووزير تكنولوجيا المعلومات إسحق سدر، ووزير شؤون القدس فادي الهدمي والمساعد الأمني لوزير الداخلية محمد الجبريني)، لأن ضمان بيئة تعليمية صحية في ظل الجائحة يحتاج إلى تظافر جهود هذه الوزارات، وتوفير خدمات الإنترنت ليست وظيفة التربية والتعليم وحدها وإنما تشترك في ذلك وزارات أخرى.
وكانت اللجنة الوزارية، قد عقدت اجتماعا لها في 12 آب الجاري، لمتابعة ومناقشة ملف إعادة فتح المدارس في ظل المشهد الكوروني بشكل آمن وصحي، وتناولت اللجنة عديد الأفكار والمقترحات المتعلقة باستعدادات الوزارات ذات العلاقة في عملية التمكين التكنولوجي وأهمية الاستعانة بطلبة الجامعات لمساندة العملية التعليمية، مشددة على الدور الحيوي للإعلام في بث رسائل توعوية حول العودة للمدارس للطلبة والأهالي بشكل منظم.
وأشار عمار، إلى أن التربية قامت بإعداد ما يسمى بدليل العودة إلى المدارس، الذي يضم كل ما يحتاجه الطلبة والمعلمين والمشرفين والمدراء وغيرهم من مصادر تساعدهم على الولوج إلى التعليم الجديد خلال الجائحة، "وأخذنا في السيناريوهات المحتملة لعودة المدارس، آراء الطلبة وأولياء الأمور والمدرسين والمدراء والمشرفين كذلك، واستعنا بخبرات إقليمية مثل الأردن التي قمنا بعقد لقاء افتراضي مع وزير التعليم فيها للاستفادة من تجربتهم، كما وقمنا بالاستعانة بتجارب اليونسكو التي خاضتها العديد من دول العالم ومدارس الأونروا حول العودة للمدارس في ظل الجائحة".
وأوضح مدير عام الإشراف والتأهيل التربوي في وزارة التربية والتعليم، أن دليل العودة للمدارس انبثقت عنه خطة العودة للمدارس التي تم إعلانها وإقرارها من قبل مجلس الوزراء الفلسطيني، والتي ترتكز على موضوع التعليم عن بعد أو التعليم المدمج، واهتمت بموضوع التقنيات والبنية التحتية التكنولوجية للمدارس، وكذلك استحقاقات التعليم المدمج والتعليم عن بعد والبروتوكول الصحي وضمان التعقيم والشروط الصحية والتدريب والمنصة التعليمية للطلبة والمعلمين ومنصة تدريب المعلمين وغيرها.
كما وانبثقت عن الخطة العامة بحسب عمار، خطة تنفيذية، وكل إدارة عامة تنفيذية ذات علاقة بالتعليم، مثل الإشراف والميدان والمناهج والصحة والإرشاد والتعليم العام والأنشطة الطلابية، قدمت خطة تفصيلية لعملها خلال الجائحة للعام الدراسي المقبل.
وأوضح عمار أن هناك سيناريوهات ثلاثة خلال الجائحة كانت وزارة التربية والتعليم تدرسها، في ظل تحكم فيروس كورونا بالمشهد المقبل، وهي:
أولا: التعليم الوجاهي، يتم تطبيقه في حال كانت القرية أو البلدة أو المدينة أو المدرسة تخلو من الإصابات بالفيروس وتتوافر فيها الشروط الصحة ضمن البروتوكول الصحي الذي أعدته الوزارة بالتعاون مع وزارة الصحة وضمن بروتوكولات منظمة الصحة العالمية مثل التباعد والتعقيم وغيرها.
ثانيا: إذا كانت الحالة الكورونية تقتضي الإغلاق لوجود إصابات أو مخالطين، يتم الاتجاه إلى التعليم الإلكتروني والتعليم عن بعد إلى حين الإقرار بالعودة إلى الحالة الطبيعية، والحكومة هي من تقرر بخصوص الإغلاقات بالشراكة مع الجهات ذات العلاقة مثل وزارة الصحة. وعند صعوبة الوصول إلى الطلبة عن بعد خاصة في المناطق المهمشة التي لا يوجد فيها إنترنت والطلبة الذين لا تتوفر لديهم أجهزة إلكترونية، يمكن تقديم المطلوب من المواد ورقيا وبطرق أخرى، ومن تتوفر لديهم هذه الإمكانيات نستغلها في التعليم عن بعد.
ثالثا: التعليم المدمج، وهو أن يتعلم الطالب جزءا من المواد الدراسية بشكل وجاهي والجزء الآخر عن بعد، وكلاهما في هذه الفترة لهما استحقاقاتهما، بحيث قامت وزارة التربية والتعليم بإعداد الاستحقاقات لهذا النوع من التعليم، وتم إقرار الفضائية التعليمية التي من المتوقع أن يتم إطلاقها مع بداية العام الدراسي الجديد، التي سيبث من خلالها الحصص المصورة للطلبة الذين يتعلمون عن بعد بسبب الحالة الصحية، ضمن برنامج تعده الوزارة، بالإضافة إلى رفع الحصص المصورة وأوراق العمل وكل ما يتعلق بالتعليم على منصة الوزارة التعليمية التي تمكن الطلبة من الولوج إليها، وأعدت وزارة التربية رزما تعليمية تستخلص فيها المفاهيم الرئيسية والمهارات الأساسية اللازمة للطالب سواء في حياته أو للانتقال من مرحلة تعليمية إلى أخرى، وسميت بالرزم التعليمية وهي موجودة إلكترونيا وبين أيدي الأساتذة، وستتاح قريبا للطلبة، وإذا كان هناك وضع معين يتعلق بكورونا سيتم استخدام هذه الرزم التي تركز على الأساسيات في المواد.
وشدد عمار لصحيفة الحدث على أن إغلاق المدارس بسبب وجود إصابات بين طلبة الثانوية العامة او وجود مخالطين بينهم، لا يمكن أن يؤثر على المسيرة التعليمية، لأن "الإغلاق مؤقت لفترة من الزمن ريثما يتم التأكد من الوضع الصحي المتعلق بالوباء في المدرسة، والعدد متغير بحسب القرار الصادر بخصوص كل مدرسة وكل منطقة بشكل منفرد".
وقال: نحن نتعامل مع الحالة الكورونية بحسب شدتها وخطورتها في مكانها، والعام الدراسي المقبل سيستمر وسيمضي قدما، بغض النظر عن عدد المدارس التي يتم إغلاقها، بسبب الحاجة لذلك، ويستمر الدوام في المدارس الأخرى بشكل طبيعي، والمدارس التي أغلقت سيتم استخدام التعليم عن بعد فيها ولن يكون هناك أي انقطاع.
وشدد على أن وزارة التربية والتعليم، قطعت شوطا كبيرا بالتعاون مع وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات والشركات المزودة لخدمات الإنترنت، وتم تنظيم أكثر من لقاء وأكثر من اجتماع، "وهناك أمور سنعلن عنها قريبا بهذا الخصوص"، تساهم في تمكين المعلم والطالب والمشرف والمدير من البنية التحتية التكنولوجية، وتمكين وتأهيل المعلمين ومدراء المدارس من استخدام هذا النوع من التعليم وتأهيلهم.
وأضاف عمار، أن وزارته عقدت العديد من الدورات ذات العلاقة لتمكين المعلمين وتدريبهم على استخدام أدوات الويب مثل زوم وجوجل كلاس روم وموديل وغيرها، بحيث تم تدريب أكثر من 24 ألف معلم على برامج متعددة في التعليم عن بعد إلى الآن "ونحن في طور تدريب كافة المعلمين في الضفة الغربية في ما يتعلق بالتعليم عن بعد وأطلعنا الكادر التعليمي على تجارب أخرى للاستفادة منها وهناك خطة تدريب على مدار العام فيها شركاء يعنون بشؤون التعليم والتعليم عن بعد".
وأكد وزير التربية والتعليم عورتاني، في تصريحات سابقة له، على أن الوزارة ستتعاطى مع التقويم الدراسي بمرونة تكيفية احتسابا لمستجدات غير منظورة، واعتماد نموذج التعليم المدمج بشكل مرن وطبقا للحالة الوبائية، الأمر الذي يعتبر إجراء غير مسبوق في منظومة التعليم المدرسي، والانتقال السلس إلى التعليم عن بعد في حال تعذر التعليم الوجاهي بسبب الظروف الصحة وبحسب القرارات التي تتخذها الجهات ذات الاختصاص، بالإضافة إلى تشعيب الصفوف إذا لزم الأمر استنادا إلى قواعد التباعد الجسدي.
كما وشدد عورتاني على أن يتم ترشيق الاختبارات والتخفيف من الأعباء البيروقراطية والورقية الملقاة على كاهل المعلمين، واعتبار هذه الفرصة سانحة لإجراء تعديلات مهمة على العملية التعليمية من حيث: التفريد ومهارات التفكير العليا والتعلم الذاتي والتعليم التعاوني وصقل المهارات الحياتية والقراءة والكتابة وغيرها. كما أعلن أن وزارته تعمل بالتعاون مع فريق خبراء على بناء لائحة ناظمة لجودة التعليم عن بعد مقرونة بآليات متابعة ومؤشرات قابلة للقياس. وقال: نبذل كل جهد ممكن من أجل توفير استحقاقات الانخراط في التعليم عن بعد لكافة فئات الطلبة في أماكن تواجدهم كلها، ويجري العمل على توفير مجموعة استحقاقات من شأنها أن تحدث نقلة نوعية في هذا المجال، وتم استثناء الوصول إلى المنصات التعليمية من استهلاك حزمة الإنترنت لمستخدمي الهاتف المحمول، وتوفير إمكانية الوصول لها في حال انتهاء الحزم، وتوفير خدمة الإنترنت المجانية للمدارس في المناطق المهمشة، وذلك من خلال تقنيات ملائمة لتقديم الخدمة، وتطوير وتفعيل منصة بيئة التواصل الإلكتروني المدرسي كبيئة للتواصل الفعال بين أطراف العملية التعليمية وكمنصة معتمدة للتعلم عن بعد، وإثراء المحتوى التعليمي الإلكتروني بما ينسجم مع المنهاج، بالإضافة إلى الزيادة المجانية لسرعة الإنترنت المتاحة لجميع المدارس في إطار برنامج أبجد نت إلى 30 ميغابايت، والعمل في إطار الشراكة الوطنية بين القطاعين الحكومي والخاص على برامج متعددة للتمكين التكنولوجي بما يشمل توفير حزم انترنت بأسعار مخفضة، وحواسيب للمعلمين وللطلبة، وإعطاء الطلبة الأقل حظاً الاهتمام الخاص في هذا المجال.
ولكن، الأمين العام لاتحاد المعلمين الفلسطينيين سائد ارزيقات، دعا إلى إلى تأجيل افتتاح العام الدراسي الجديد لحين استكمال التحضير لكافة الإجراءات اللازمة، قائلا، إن ذلك يشكل خطرا حقيقيا على الطلبة والكادر التعليمي، كما تم توجيه كتاب إلى رئاسة الوزراء ووزارة التربية والتعليم بهذا الخصوص.
وأوضح ارزيقات، أن البروتوكول الصحي الذي تم إعداد بخصوص عودة المدارس يجب أن يكون أكثر وضوحا وتفصيلا مما هو عليه، "كما أن البيئة المدرسية غير جاهزة لاستقبال الطلبة والمعلمين، وهي بحاجة إلى نقاش وإجراءات إضافية لتعزيز الأمان الصحي داخل أسوار المدرسة. مطالبا بحصر قائمة بأسماء الطلبة والكادر التعليمي تتعلق بالأمراض المزمنة التي يعانون منها.
وكانت وزارة التربية والتعليم، أعلنت عن إطلاق برنامج تدريبي بالشراكة مع وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات وبالتعاون مع شركة "بيبرس" في 18 آب الجاري، برنامجا تدريبيا مكثفا بنحو 170 من معلمي التكنولوجيا ليكونوا النواة الرئيسية لتدريب باقي المعلمين في جميع محافظات الوطن، يشمل إنتاج الفيديو التفاعلي وتصميم الكتاب الإلكتروني التفاعلي بصورة محفزة للطلبة. وأكد وزير الاتصالات إسحق سدر، أن هذا البرنامج يهدف إلى تعزيز القدرات التكنولوجية لدى المعلمين ليكونوا قادرين على إدارة المحتوى التعليمي لطلبة المدارس بصورة تفاعلية وتكنولوجية حديثة، وفق رؤية الحكومة في مجال التمكين التكنولوجي. وشدد وزير التربية والتعليم مروان عورتاني خلال إطلاق البرنامج، على ضرورة الاستفادة القصوى من هذا البرنامج لإنجاح التعليم المدمج الذي أقرته الوزارة نظرا للظروف الصحية الراهنة. مؤكدا على على سعي الوزارة الدائم بالتعاون مع كافة الشركاء لتوفير مختلف الإمكانات التي من شأنها ضمان توفير التعليم العادل للجميع، مؤكداً أهمية هذا التعاون لخدمة القطاع التعليمي.
كما وبحثت وزارة التربية والتعليم مع المشرف العام على الإعلام الرسمي الوزير أحمد عساف وأمين عام مجلس الوزراء أمجد غانم، إطلاق قناة تعليمية جديدة مع بدء العام الدراسي الجديد في ظل الأوضاع الصحية وجائحة كورونا، بحيث تم الاتفاق على الشروع الفوري بإجراءات إطلاق القناة بالتعاون بين الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون وطواقم وزارة التربية والتعليم، وأوعز عساف للجهات المختصة بالبدء فورا بتجهيز متطلبات هذا المشروع.