الخميس  26 كانون الأول 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

بي بي سي: داخل أنفاق غزة، المسلحون يستعدون لـ"الحرب القادمة"

2015-03-01 05:58:20 AM
بي بي سي: داخل أنفاق غزة، المسلحون يستعدون لـ
صورة ارشيفية
الحدث- بي-بي-سي- كوينتن سومرفيل

داخل بستان من أشجار الزيتون، بالقرب من منازل المواطنين جنوبي قطاع غزة، تنفتح طبقات الأرض بسهولة، لتكشف عن مشهد يرعب إسرائيل.
 
حفرة عميقة بها مدفع هاون عيار 120 مليمتر، وثلاثة مسلحين من حركة الجهاد الإسلامي الفلسطينية.
 
ويرتدي الرجال، الذين كانوا بكامل أسلحتهم ويلبسون زيا عسكريا، بطاريات إضاءة في رؤوسهم، ويتحركون بسرعة في حركات مدربين عليها جيدا، حيث يحملون ويفرغون القذائف من كومة قذائف هاون كانت خلفهم.
 
إنه استعراض للجاهزية والقوة، استعدادا للحرب القادمة مع إسرائيل. الحرب التي يعتقد كلا الجانبين، المسلحون والجيش الإسرائيلي على الجانب الأخر من الحدود، أنها قد تحدث قريبا.
 
وتقع حفرة الهاون المخفية إلى جانب الحدود مع إسرائيل مباشرة، أو هكذا أخبروني.
 
لا أستطيع الجزم بذلك تماما، لأن المسلحين عصبوا عيني، وفتشوني بحثا عن أي أجهزة تتبع، كما منعوني من اصطحاب هاتفي النقال خلال تلك الرحلة.
 
وتهدف حركة الجهاد، التي يعتبرها الغرب جماعة إرهابية، إلى القضاء على دولة إسرائيل.

 

عصب المسلحون عيني كوينتين سومرفيل، قبل اصطحابه إلى النفق

 

وخلف موقع إطلاق النار تجد ساترا ترابيا صغيرا يؤدي إلى نفق تم حفره في الأرض، وهو أكبر وأعمق وقد يصل عمقه إلى عشرين مترا.
 
وحوائط النفق مثبتة بالإسمنت، وله سقف مقوس مرتفع، يسمح لمقاتلي الحركة أن يقفوا فيه بكامل طولهم وأن يجروا خلاله.
 
هذا هو طريقهم للهروب، عبر الجري لمئات الأمتار، ومخرجه أو مخارجه غير معروفة.
 
وتومض حوائط النفق المبنية بشكل جيد، بسبب انعكاسات الأضواء التي تولدها بطارية سيارة، وتمتد بطول النفق.
 
ويتسم هواء النفق العميق بالبرودة.
 
وقال لي أحد مقاتلي الحركة واسمه المستعار أبوحمزة، وكان واقفا داخل النفق ومغطيا وجهه: "خلال الحرب الأخيرة لاحظنا أن كل شيئ يتحرك على سطح الأرض يتم قصفه، سواء كان سيارات إسعاف، أو مدنيين أو مقاتلين يمشون في الشوارع".
 
وأضاف "ولذلك فإن الأنفاق هي مكاننا الخفي، بعيدا عن أعين العدو الصهيوني. نحن نستخدمها لإطلاق قذائف الهاون والصواريخ المضادة للدبابات".
 
وقال: "لقد استخدمنا هذا النفق خلال الحرب الأخيرة، وسوف نستخدمه خلال الحرب القامة".
 
وفي ظل استمرار التوتر، بما في ذلك الهجمات، بين حركة حماس التي تحكم قطاع غزة والسلطة الفلسطينية، ترغب حركة الجهاد في أن يكون لها حضورا ملموسا.
 
وخلال الحرب الأخيرة في غزة، والتي استمرت نحو خمسين يوما، قتل 2189 فلسطينيا على الأقل من بينهم نحو 1486 مدنيا وفق الأمم المتحدة، وأصيب نحو 1100 شخص آخرين.
 
وعلى الجانب الإسرائيلي، قتل 67 جنديا وستة مدنيين، وأصيب عشرات آخرون.
 
ودمرت مناطق واسعة من أحياء غزة، ويعاني القطاع من أزمة إنسانية طاحنة، في ظل نزوح آلاف الأسر عن منازلها.
 
ورغم مرور ستة أشهر على انتهاء الحرب، إلا أن أنقاض المنازل لا يزال معظمها مكانه لم يرفع، ولم يعاد بناء إلا عدد قليل منها. مخاوف إسرائيلية
 
في إسرائيل، فإن المجتمعات على طول الحدود مع القطاع مدربة جيدا على الاستجابة لهجمات الهاون والصواريخ.
 
لكنهم يخشون من أن حركتي الجهاد وحماس لم تحفرا أنفاقا داخل قطاع غزة فقط، بل ربما تكونا قد حفرتا تحت الجدار الفاصل نفسه.
 
واكتشف نحو 32 نفقا عابرا للحدود بين الجانبين، ويعتقد أن هناك مئات الأنفاق داخل القطاع.
 
وتعهد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو بتدمير الأنفاق عبر الحدود، ولكن رغم تراجع هذا التهديد، يبدو أنه لا يزال قائما.
 
وجرت الحرب في غزة جوا، بين المدفعية والطائرات الإسرائيلية وبين قذائف الهاون والصواريخ، التي يطلقها المسلحون من قطاع غزة.
 
لكن كان هناك أيضا معركة تحت الأرض، واضطرت إسرائيل لدخولها دون استعداد، حيث استخدم المسلحون حرب الأنفاق إلى مدى لم يحدث من قبل.
 
ويقول الكولونيل دادو قائد منطقة جنوب غزة في قوات الدفاع الإسرائيلية "الهدف الرئيسي للأنفاق ليس صنع السلام، وإنما مهاجمة المدنيين، وأسر أو اختطاف الجنود. نحن قلقون منها ونحاول ابتكار حلول لهذه المشكلة".
 
ولم يعط القائد الإسرائيلي تفاصيل حول خطط إسرائيل للتعامل مع هذه القضية. لكن يعتقد أنها تستخدم أجهزة مسح متطورة، من أجل كشف الأنفاق ومن ثم تدميرها.
 
"حافظنا على مواقعنا"
 
على الحدود الجنوبية لقطاع غزة تجرى معركة أخرى.
 
انفجارات شبه يومية يمكن سماعها ومشاهدتها، حيث تقوم القوات المصرية بتوسيع المنطقة العازلة مع قطاع غزة، ليبلغ عرضها نحو كيلومتر.
 
ويتحرك الجنود المصريون في عربات مدرعة، وشددوا من السيطرة على الحدود، ويستخدمون المتفجرات لتدمير المنازل وأنفاق التهريب، التي تمثل شريان الحياة لقطاع غزة.
 
ويتهم الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي حماس وآخرين، بمساعدة المسلحين الذين يشنون هجمات في سيناء.
 
وهمش قطاع غزة وأصبح معزولا بشكل أكبر عما ذي قبل.
وفي مدينة غزة نزل المتظاهرون إلى الشوارع مؤخرا، احتجاجا على السياسات المصرية.
 
وعلنا على الأقل، ترفض حركة الجهاد اعتبار السياسات المصرية عدائية.
 
وقال أبوعبدالله، وهو مقاتل آخر: "نعتقد أن الدور المصري في النزاع داعم للقضية الفلسطينية".
 
لكن حينما سألت مسلحا آخر متى باعتقاده ستحدث الحرب القادمة؟ رد مازحا: "مع إسرائيل أم مع مصر؟"
 
ويقول المسلحون من حركة الجهاد إن حدوث حرب أخرى مع إسرائيل أمر حتمي، ويضيفون أنهم فقدوا 145 مقاتلا خلال الحرب الأخيرة، وأكثر من ذلك من المدنيين، إذن ماذا تحقق؟
 
وقال أبو إبراهيم قائد في سرايا القدس الجناح العسكري للحركة "إنجازنا الأكبر هو أننا حافظنا على مواقعنا، وتحدينا المحتل".
 
وأضاف "على خلاف بقية العالم، لا نزال قادرين على أن نقول لهم لا، لا للاحتلال. لا نزال قادرين على المقاومة".
 
ولا يزال الوضع هادئا نسبيا على طول الحدود مع إسرائيل، حيث لا يزال اتفاق وقف إطلاق النار لستة أشهر قائما.
 
لكن الكولونيل دادو، مثل الرجال الآخرين من حركة الجهاد على الجانب الآخر من الجدار الفاصل، متشائم.
 
ويقول "بإمكاننا رؤيتهم على الجانب الأخر، يعيدون بناء الأنفاق ويعدون أنفسهم للمعركة القادمة. نحن نفعل الشيء ذاته، أتمنى أن تكون المعركة بعد وقت طويل من الآن، لكني لست متأكدا من ذلك".
فسألته: "إذن عاجلا وليس آجلا؟"

فأجابني "للأسف".