الحدث - سجود عاصي
أثار تصريح رئيس الوزراء محمد اشتية حول قرب انتهاء الأزمة المالية وتأكيده على "أننا في الربع ساعة الأخير من الأزمة" تساؤلات حول الخيارات الممكنة للخروج منها، خاصة وأنها ألقت بظلالها على الحركة الاقتصادية الفلسطينية ككل، مع الإشارة إلى أن أساسها سياسي ويتمثل في رفض السلطة استلام أموال المقاصة تنفيذا لقرار القيادة الفلسطينية بوقف كل أشكال التنسيق مع دولة الاحتلال ردا على مخطط ضم أراض في الضفة الغربية.
ويرى الخبير الاقتصادي هيثم دراغمة، أن هناك تدخلات دولية في ما يخص العلاقة المالية بين الفلسطينيين ودولة الاحتلال (أموال القاصة)، ويبدو أن هناك تطمينات من جهات دولية كانت قد تدخلت في موضوع الضم، وقد يتم الإعلان عن ذلك بصيغة تتناغم مع ما قطعه الفلسطينيون على أنفسهم بقطع العلاقات مع دولة الاحتلال بكافة أشكالها دون التراجع بشكل واضح وصريح عن عملية الضم، بمعنى وضع ملف الضم بالنسبة للطرفين طي النسيان.
وقال دراغمة، إن السلطة الفلسطينية أصرت سابقا على استلام أموال المقاصة كاملة غير منقوصة، في حين أصر الإسرائيليون على خصم الأموال التي تصرفها السلطة لصالح الأسرى وعوائل الشهداء، و"كلاهما صعدا على الشجرة وتراجعوا بشكل غير مفهوم وحتى اللحظة لم يوضح أحد ما حصل بين الطرفين، ولكن يبدو أن تسوية قد حصلت لأن كلمة الفصل كانت حينها للجانب الأمني في دولة الاحتلال، وهو الأمر الذي قد يكون قد طبق فيما يخص قضية الضم التي شكلت أزمة حقيقية".
وأضاف: "نحن الاقتصاديين نلتمس الوضع الاقتصادي الكارثي والحقيقي في الأراضي الفلسطينية، على سبيل المثال هناك شيكات بقيمة أكثر من 10 مليار دولار صدرت فقط خلال الشهرين الماضيين، وهذا يدلل على رأس المال الوهمي وهو ما يخلق إشكالا في الشأن الاجتماعي الفلسطيني".
وبحسب دراغمة، فإن الربع ساعة الأخيرة التي تحدث عنها اشتية، قد تكون عدة أيام وقد تصل إلى أشهر أو سنوات. مضيفا، أن السلطة الفلسطينية لم تتسلم أموال المقاصة لمدة أربعة أشهر متتالية، وفي حال تم التوصل إلى تسوية حقيقية تقضي باستلامها، فإن السلطة الفلسطينية ستحصل على مبلغ 2.5 مليار شيقل تقريبا فقط، وهو مبلغ لن يحل الأزمة الاقتصادية والمالية التي تعاني منها السلطة، خاصة وأنها تعتمد على أموال المقاصة بنسبة 70% وفي ظل توقف الدول الخارجية عن تقديم الدعم المالي للسلطة باستثناء الجزائر، وكذلك ضعف الإيرادات الداخلية خلال الأشهر الماضية والتي وصلت في أفضل أحوالها إلى 5% فقط. موضحا أن جميع الدول التي توجهت لها السلطة الفلسطينية مؤخرا لدعمها بقروض أو مساعدات رفضت أو لم ترد على طلبها ومن بينها قطر.
ويعتقد دراغمة، أنه لن تكون هناك انفراجة حقيقية في الأزمة المالية الفلسطينية، حتى لو حصلت السلطة على أموال المقاصة، وستبقى الأزمة قائمة، خاصة وأن الأموال التي ستستلمها من المقاصة أقل من المعتاد بسبب الانكماش والركود الحاصل، فقد كانت في السابق تحول بقيمة تصل إلى 800 مليون شيقل شهريا والآن تقدر بـ 500 مليون شهريا مثلما حصل في شهري فبراير ومارس مطلع العام 2020، حيث كانت في أدنى مستوياتها.
وأكد الخبير في الشأن الاقتصادي نور أبو الرب لصحيفة الحدث على ما أشار إلية دراغمة وقال، إن رئيس الوزراء استند في تصريحه إلى بيانات تشير إلى قدرة السلطة على الحصول على دعم دولي أو عربي أو قروض أو حل لأزمة أموال المقاصة بطريقة ما من خلال وعود تلقتها السلطة بهذا الخصوص، خاصة بعد رفض دولة الاحتلال دفع أموال المقاصة للسلطة في حال استمر قرار الأخيرة بوقف التنسيق الأمني.
ويرى أبو الرب، أن المجتمع الدولي تدخل ولو جزئيا لكي تعاد عجلة الاقتصاد إلى الدوران بما يضمن استمرار تقديم السلطة لخدماتها. وقال إن السلطة الفلسطينية إذا ما توفرت لديها الأموال فإنها ستدفع رواتب الموظفين كاملة.
وبحسب أبو الرب، فإن دولة الاحتلال لا تفعل شيئا مجانيا بدون مقابل، "فهي تحاول ابتزاز السلطة قدر الإمكان".