الحدث ـ سوار عبد ربه
يأتي توقيع اتفاقي التطبيع بين "إسرائيل" وكل من الإمارات والبحرين في وقت صعب يعيشه الفلسطينيون، جراء تخاذل الحكومات العربية، وضعف الحالة الفلسطينية، إلى جانب منع التجمعات الكبيرة بسبب فيروس كورونا، فلم تشهد الساحات العربية مظاهرات حاشدة رافضة للتطبيع كما هو مرجو منها، واستعاضت عنها بمظاهرات إلكترونية عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
في هذا الشأن يقول المحلل السياسي عبد المجيد سويلم إن "النظام العربي مستبد ولا يسمح لأحد بالحراك لصالح فلسطين وربما يجب أن ندرك أن هذه الأنظمة باتت ترى أن بقاءها مرتبط بترامب ونتنياهو".
ويؤكد سويلم على أن "كل شيء يعتمد على الحالة الفلسطينية وليس على الحالة العربية، فالحالة العربية تتحرك دائما عندما ترى أن ابن الشارع الفلسطيني موجود في الشارع".
وأثار الاتفاقان، رفضًا واسعا من جانب الفلسطينيين والشعوب العربية حيث انطلقت في فلسطين يوم أمس فعاليات يوم الغضب الشعبي في مختلف محافظات الوطن وفي الشتات، التي دعت إليها القيادة الوطنية الموحدة للمقاومة الشعبية في بيانها الأول يوم الأحد 12 أيلول 2020، استنكارا ورفضا لاتفاقي التطبيع.
ويرى المحلل السياسي أن ردود الفعل المحلية في بداياتها، والأساس في هذه المسألة أن يكون هناك حراك شعبي مبني على قرار وطني فلسطيني بالتصدي، انطلاقا من قاعدة توحد المؤسسة الوطنية والحالة الفلسطينية في إطار من الشراكة الوطنية".
ويضيف سويلم: "الأمور حتى الآن لا تسير بهذا الاتجاه، ما زالت في بداياتها الأولى وقد لا تتحول إلى حالة وطنية شاملة بدون وحدة الشعب الفلسطيني وتعبئته الوطنية الشاملة، في مواجهة الأخطار لتصفية القضية الفلسطينية".
في سياق آخر، أظهرت مواقع التواصل الاجتماعي تفاعلا عربيا كبيرا، وتصدرت وسوما كثيرة رافضة للتطبيع قائمة الأكثر تداولا في مختلف الدول العربية، منذ أن أعلن ترامب أن الإمارات و"إسرائيل" توصلتا إلى اتفاق لإقامة علاقات رسمية بينهما، في الرابع عشر من آب 2020، لتحذو حذوها البحرين بعد أقل من شهر، وصولا إلى توقيعهما على اتفاق التطبيع أمس في البيت الأبيض.
وتخطى عدد الموقعين على "ميثاق فلسطين"، الذي أطلقته رابطة إماراتية مناهضة للتطبيع، حاجز الـ600 ألف من رافضي التطبيع مع الاحتلال.
وجاء في نص الميثاق: "إيمانًا منّي بعدالة القضية الفلسطينية والتزامًا بمسؤوليتي تجاهها، فإنني أتشرف بالتوقيع على ميثاق فلسطين، الذي من خلاله أوكد على أن فلسطين دولة عربية محتلة وتحريرها واجب، والكيان الصهيوني كيان محتل وعنصري ومغتصب لمسجدنا الأقصى ولأرض فلسطين، والتطبيع بكافة أشكاله خيانة".
ويقول المحاضر في جامعة بيرزيت وخبير مواقع التواصل الاجتماعي محمد أبو الرب: "المتابع لمواقع التواصل الاجتماعي يلاحظ حالة رفض عام شعبية في المنطقة وهذا ما شهدناه بشكل واضح في حالة البحرين".
ويضيف أبو الرب: "التفاعل يرتفع وينخفض حسب الأحدث، فمثلا يوم أمس وهو اليوم المعلن للتوقيع، في ساعات التوقيع وقبلها وبعدها وصل التفاعل إلى ذروته".
يتابع خبير مواقع التواصل الاجتماعي: "الرفض الشعبي مرتبط بعاملين: النشاط والتظاهر والاحتجاج على الأرض والتعبئة والتوجيه والتحشيد على مواقع التواصل الاجتماعي والتي قد تساهم في مزيد من تعبئة الناس للخروج إلى التظاهرات".
ويعزي أبو الرب أسباب ضعف الاحتجاجات في بعض المحافظات الفلسطينية يوم أمس، أن أغلب صفحات الفصائل الفلسطينية لم تنشر بشكل فعال لتجنيد وتوجيه عناصرها وكوادرها للمشاركة في الاحتجاجات، بالرغم من أنها تمثل إجماعا من مختلف الفصائل".
ويرى أبو الرب، أن مواقع التواصل الاجتماعي مدخل مهم بيدنا كفلسطينيين لمخاطبة الشعوب العربية وهناك بعض المنصات الفلسطينية تنتج محتوى ممولا وموجها مثل شكر بعض الدول لأنها ترفض التطبيع".
وأشار أبو الرب إلى أن بعض الناس تكتفي بالرفض وتغيير الصورة الشخصية وكتابة منشور ثوري، وتعتقد بأنها أنهت مهمتها، ولكن في حالات أخرى منصات التواصل الاجتماعي استخدمت كأدوات فعالة لزيادة الوعي والتعبئة والتوجيه ومن ثم تجنيد الناس للمشاركة بأنشطة وفعاليات ميدانية.