الثلاثاء  26 تشرين الثاني 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

إغلاق الأنفاق يفرغ غزة من مخدر "ترامادول" ومدمنون يبحثون عن الفطام

2015-03-02 10:24:21 AM

إغلاق الأنفاق يفرغ غزة من مخدر
صورة ارشيفية
 
 
الحدث- محمد مصطفى
 
لم يعد خافياً التأثير السلبي الكبير لإغلاق الأنفاق الحدودية مع مصر على مختلف مناحي الحياة في قطاع غزة، خاصة الاقتصادية، بيد أن ثمة بعض المزايا لذلك، من أبرزها الحد من تهريب المواد المخدرة للقطاع، وفي مقدمتها العقار الأكثر شهرة "ترامادول".
 
فقد فوجئ مئات المدمنين على العقار المذكور، بشحه في القطاع، وارتفاع أسعاره لأكثر من 400%، كما أكدت بعض المصادر لـ"الحدث"، ما أجبر معظمهم على البحث عن بدائل، أو التوجه للمراكز الصحية طلباً للعلاج.
 
فرصة للفطام
من جانبه أكد الطبيب النفسي د. يوسف عوض الله، المختص في علاج الإدمان، إنه ومنذ نحو الشهرين، لاحظ وفريق العمل في عيادة رفح النفسية جنوب قطاع غزة، تزايد ملحوظ في أعداد المدمنين الراغبين في العلاج، ممن يصلون العيادة.
 
وأوضح عوض الله أنه وبسؤالهم، جلهم أكدوا أن العقار المذكور بات شحيحاً في غزة، وتوفيره أصبح أمر بالغ الصعوبة، وفي حال وجد فإن الحبة الواحد التي كانت تباع بثلاث أو أربع شواكل، قد يصل ثمنها إلى 20 شيكل.
 
وأكد عوض الله، في حوار مع "الحدث"، أن المدنين ابدوا رغبة حقيقية وتصميم على التخلص من هذا الوبال، خاصة بعد أن أصبح توفيره شاق ومكلف جداً، وهذا ساعد فريق العمل في تنفيذ خطة العلاج، ونجح بالفعل في تخليص معظمهم من الإدمان.
 
أما الاختصاصي النفسي والاجتماعي صبحي فرحات، فأكد أن فريق العمل في عيادة رفح، وباقي العيادات والمراكز المتخصصة في علاج الإدمان، توصلوا إلى تركيبات دوائية تعتبر بمثابة ابتكار، لها قدرة على شفاء المدمن خلال أسبوع، وهذا يعتبر انجاز في ظل الأوضاع الحالية، والحصار، وانعدام الأدوية المتخصصة في هذا المجال.
 
وأكد فرحات لـ"الحدث"، أن انقطاع "ترامادول" ربما يكون فترة مؤقتة، لكنه فرصة لكل شخص مدمن، أن يراجع نفسه، ويبحث عن طريقة للعلاج، سواء في المراكز الحكومية أو الخاصة، مؤكداً أن الأمر أسهل وأيسر مما يظن البعض.
 
وأشار إلى أنهم يتعاملون مع المدمن كمريض وضحية، ويقدمون له العلاج، الذي يساعده على العودة لحياته الطبيعية من جديد.
 
عقار مفقود
وكان مدمنون التقتهم الحدث"، تحدثوا عن معاناتهم جراء انقطاع العقار المذكور، وصعوبة الحصول عليه.
 
وقال "أ"، إنه كان ضحية للعقار المذكور، الذي بدأ يتعاطاه بكميات قليلة "ربع حبة"، يومياً، بغرض إطالة العملية الجنسية، وما لبث الأمر أن تحول إلى إدمان، وبات يتعاطى حبتين عيار 225 يومياً وأحياناً أكثر من ذلك، وفي حال غاب عنه يشعر بصداع وآلام ومتاعب.
 
وبين أنه ومنذ إغلاق الأنفاق، بات يواجه صعوبة في العثور على العقار، وكثيراً ما يضطر للجوء للمسكنات القوية غير المحظورة، في حال عجز عن توفيرها، من أجل تخفيف الأعراض التي تظهر على جسده.
 
 ولفت إلى أن شراء "ترامادول"، أصبح يرهقه مادياً، ويؤثر على احتياجات أسرته، ويتمنى أن يتخلص منه اليوم قبل غداً، لكنه لا يمتلك الجرأة للتوجه إلى إحدى العيادات، ولا القوة لاحتمال الأعراض الانسحابية، عند توقفه عن تناول العقار المخدر.
 
أما "م"، فأكد أنه عالج نفسه ذاتياً، من خلال خطة علاج قرأها على أحد مواقع الانترنت المتخصصة، إذ بدأ يقلل الجرعات التي كان يتناولها سابقاً، من حبة ونصف الحبة، وصولاً لربع ثم التوقف كلياً.
وأكد أن الإقلاع عن "ترامادول" أمر صعب، لكنه بحاجة إلى إرادة وعزيمة، ناصحاً كل مدمن أن يبذل ما بوسعه للتخلص من هذا الوبال.
 
ضرورة التوعية
من جانبها أكدت الإعلامية ميرفت الشريف، من وكالة فلسطين اليوم، أن تخليص غزة من مخاطر المخدرات، وتحديداً "ترامادول"، يمر عبر مراحل عدة، أهمها منع وصولها للقطاع، أو على الأقل الحد من ذلك، وهذا يبدو أنه تحقق بفعل ظروف إغلاق الأنفاق.
 
وأشارت إلى أن المرحلة الثانية تتمثل في مراقبة الأبناء، خاصة المراهقين، والتقرب منهم، وهذا ما تفعله بصفتها أم، ولا تترك لهم مجال لمصاحبة رفقاء السوء، مشددة في الوقت ذاته عل أهمية التوعية بمستوياتها المختلفة.
 
فالمدرسة والجامعة لها دور في توعية الطلاب، وكذلك أولياء الأمور، بتوعية أبنائهم، مقترحة مشاركة خطباء المساجد في تلك الحملة، إضافة إلى تنظيم ندوات ومحاضرات، تعرف الناس بمخاطر "ترامادول".
 
وأكدت الشريف في حوار مع "الحدث" أن الإعلاميين لهم دور في هذه الحملات، من خلال إعداد ونشر مواد إعلامية مطبوعة ومسموعة ومرئية، ذات طابع توعوي هادف، يصل إلى الجميع، ويساهم في توعية وتثقيف المجتمع، من أجل التخلص من آفة المخدرات عامة، و"ترامادول" على وجه الخصوص.
 
يذكر أن عقار "ترامادول" الذي يصل قطاع غزة عبر الأنفاق، يختلف كلياً عن العقار الطبي الذي يستخدم كمسكن للآلام، من حيث الشكل والجرعة، وقد شكك مختصون في تركيبته، معتقدين انه يحوي مواد مخدرة أكثر تركيزاً، بدليل قدرته السريعة على تحويل متعاطيه إلى مدمنين.