الحدث- جهاد الدين البدوي
نشرت مجلة "ناشيونال إنترست" الأمريكية مقالاً للخبير العسكري كايل ميزوكامي وأشار فيه إلى أن إيران تمتلك أكبر قوة صاروخية في الشرق الأوسط.
ينوه الخبير ميزوكامي إلى أن إيران لا تمتلك حالياً صاروخًا باليستيًا عابرًا للقارات. فهل يمكن لصواريخ طهران أن تصل يوماً ما إلى واشنطن العاصمة؟ فقد أثبتت كوريا الشمالية أنه حتى الدولة المصممة ذات الموارد المحدودة يمكنها أن تبني برنامجاً صاروخياً ذا مصداقية.
يوضح ميزوكامي أنه على غرار بقية القوات المسلحة الإيرانية، أصيبت القوات الجوية الإيرانية بالشلل بسبب عمليات التطهير التي أعقبت الثورة. وعلى الرغم من تفوق إيران عددياً وتكنولوجياً على القوات الجوية العراقية، فلم تتمكن من تحقيق التفوق الجوي ولم تتمكن من ضرب أهداف في عمق العراق بدقة.
يتابع الخبير أنه رداً على ذلك، اشترت إيران عدداً من الصواريخ الباليستية القصيرة المدى من طراز "R-17" السوفياتية ("سكود بي") من الحكومة الليبية. وشكلت هذه الضربات، فضلاً عن الضربات الانتقامية بالصواريخ الباليستية العراقية، ما يسمى بـ "حرب المدن". مضيفاً أن عدم دقة الصواريخ جعل المدن هدفاً سهلاً، وقد تحمل المدنيون الإيرانيون والعراقيون على حد سواء العبء الأكبر من ضربات الصواريخ البدائية.
يرى الخبير ميزوكامي بأن الحاجة إلى الصواريخ الباليستية زمن الحرب فضلاً عن العداء التاريخي بين إيران و "إسرائيل" أدت إلى قيام إيران بتطوير صناعة الصواريخ الخاصة بها. فكانت الصواريخ الأولى نسخ من صواريخ سكود. ويستند صاروخ "شهاب" على صاروخ "SCUD-B"، وتحتفظ إيران ما بين 200-300 صاروخ من هذا النوع. ويمكن لصاروخ "شهاب-1" الذي يعمل بالوقود السائل أن يحمل رأس حربي تقليدي أو كيماوي يبلغ زنته ألفي رطلاً، بمدى 186 ميلاً. ولكنه كما صاروخ "SCUD-B" معدوم الدقة. كما لدى إيران صاروخ آخر من طراز "شهاب-2" بمدى 310 أميال، ومن المرجح أن يتم التخلص منها بشكل تدريجي لصالح جيل جديد من الصواريخ التي تعمل بالوقود الصلب.
يتابع الكاتب: هناك صاروخ ثالث من طراز "شهاب-3"، وهو مستنسخ من الصاروخ الكوري الشمالي "Nodong-1" والذي تم تطويره من صاروخ سكود لرغبة بيونغ يانغ في ضرب القواعد الأمريكية الموجودة على الأراضي اليابانية.
وهناك ادعاءات مختلفة حول المسافة الي يمكن أن يقطعها صاروخ "شهاب-3" حيث يمكن أن تصل إلى 621 ميلاً، وهو أقل من مدى الصاروخ الكوري الشمالي "Nodong-1". ويذكر مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية أن صاروخ "Nodong-1". يبلغ مداها 932 ميلاً، ولكن المركز يذكر أن مدى صاروخ "شهاب-3" يصل إلى 1242 ميلاً.
ينوه الخبير إلى أن صاروخ (شهاب -3 أوNodong-1) توفر مدى أكبر من النسخ السابقة، إلى أنه غير دقيق، وقد بدأت إيران تجاربها على الصاروخ عام 1998، ودخل في الخدمة العسكرية عام 2003. ويعتقد خبراء الحد من الأسلحة النووية أن كوريا الشمالية باعت إيران خط تجميع هذا صاروخ "Nodong-1"، بينما يعتقد آخرون أن إيران تلقت حوالي 150 صاروخًا مقابل تمويل تطوير الصاروخ.
يضيف الخبير بأن إيران أنتجت متغير واحد من صاروخ "شهاب-3" وهو صاروخ قدر-1، الذي لديه مدى أقصر، ولكنه يتمتع بدقة أكبر، في حين يرجح خبراء أنه يمتع بدقة كبيرة بمدى 600 ميل. ويبدو أن رأساً حربياً جديداً تم تطويره لكلا الصاروخين، والمعروف باسم "عماد"، يجلب قدراً أكبر من الاستقرار والقدرة على المناورة والدقة للصواريخ الباليستية الإيرانية المتوسطة المدى.
يرى ميزوكامي بأن تطوير الصواريخ الإيرانية قفزت قفزة هائلة مع إطلاق صاروخ سجيل متوسط المدى. وعلى عكس الصواريخ السابقة التي تعمل بالوقود السائل، لا يلزم تزويد صاروخ سجيل - الذي يعمل بالوقود الصلب- بالوقود قبل الإطلاق. كما أن صاروخ سجيل في ميدان الاطلاق لا يحتاج إلى قافلة مرافقة للتزود بالوقود والتي يمكن رصدها من قبل قوات العدو. ويعتقد أن خبرة إيران في مجال الوقود الصلب قد جاءت من الصين في أواخر الثمانينات من القرن الماضي في مجال نقل التكنولوجيا.
يضيف الخبير ميزوكامي بأنه تم اختبار صاروخ سجيل لأول مرة عام 2008، وهو يحمل رأساً حربياً تتراوح زنته ما بين 1000-2000 رطلاً، ولديه مدى مماثل لصاروخ "شهاب-3". وقد يكون صاروخ سجيل بديلاً عن الصواريخ القديمة، في حين أن دقة الصاروخ غير معروفة. إلا أنه لا يمكن أن يكون أسوأ من الصواريخ السابقة التي تعمل بالوقود الصلب. وهناك تقارير غير مؤكدة توضح أن هناك صاروخ آخر من طراز "سجيل-2" تم اختباره عام 2009، ويبلغ مداه 2400 ميل، وهو قيد التطوير.
ووفقاً لتقرير صادر في عام 2005 عن صحيفة "Bild Zeitung" الألمانية، استوردت إيران ثمانية عشر صاروخاً متوسط المدى من طراز "Musudan" من كوريا الشمالية. وكان وجود هذه الصواريخ موضع نزاع لسنوات، ولكن قال مسؤولون حكوميون أمريكيون إن إطلاقها في نيسان/أبريل 2017 هو من طراز خرمشهر. ويبدو أن الصاروخ الإيراني حلق لمسافة 600 ميل قبل أن ينفجر، وهو مستوى من النجاح لم تشهده كوريا الشمالية نفسها حتى اختبارها السادس لصاروخ "Musudan". وهذا تناقض غير عادي، ويمكن أن يكون مؤشراً على أن التجربة كانت لنوع آخر من الصواريخ. وخلافاً لصواريخها الأخرى، لم تعرض إيران قط صاروخها علناً.
وفي غضون ذلك الوقت، عادت إيران إلى الوراء وحدثت أسطولها من الصواريخ الباليستية قصيرة المدى. كما يعتمد أحدث الصواريخ الإيرانية من طراز "ذو الفقار" على تكنولوجيا الوقود الصلب الصينية، حيث يمكن لهذا الصاروخ حمل رأس حربي بزنة ألف رطل، حيث أن خطأ دقة الصاروخ تتراوح في دائرة نصف قطرها ما بين 50-70 متراً. فيما يتراوح مدى الصاروخ ما بين 434-466 ميلاً، ومن الجدير بالذكر أن صاروخ "ذو الفقار" لديه رأس حربي أصغر من الرؤوس الحربية لصواريخ شهاب، إلا أنه أكثر دقة ومدى. مما يجعله بديلاً عملياً للصواريخ القديمة التي تعمل بالوقود السائل.
يؤكد الخبير ميزوكامي بأن إيران لا تمتلك صاروخاً باليستياً عابراً للقارات، فهل يمكن لصواريخ طهران أن تصل يوماً ما إلى واشنطن العاصمة؟ فقد أثبتت كوريا الشمالية أنه حتى الدولة المصممة ذات الموارد المحدودة يمكنها أن تبني برنامجاً صاروخياً ذا مصداقية. ويورد خبراء الحد من الأسلحة النووية بأن صواريخ "شهاب-5-6" يمكن أن تكون صواريخ باليستية عابرة للقارات وهو ما تم ذكره في الأدبيات الإيرانية. ولكنها أسماء افتراضية وليست تشغيلية. وبموجب خطة العمل الشاملة المشتركة، وافقت إيران على وقف تطوير أسلحتها النووية. ومن شأن استئناف البحث والتطوير في مجال الصواريخ العابرة للقارات أن يكون دليلاً عن طموحات إيران النووية التي تجددت، وهو أمر من شأنه أن يضع البلاد على حافة صدام مع الولايات المتحدة.
يختتم الخبير العسكري مقالته بالقول: بدأ برنامج الصواريخ الباليستية الإيراني الانتقال من متطلبات زمن الحرب إلى سلاح استراتيجي، وتقدم في هذا المسار ليكون ناقلاً لأسلحة نووية. كما أن إيران وكوريا الشمالية، وكيف أن الاستثمار في الصواريخ قصيرة المدى مثل صواريخ سكود يؤدي إلى تطوير أسلحة أكثر خطورة.