انتهت محادثات اسطنبول بين وفدي حركتي فتح وحماس، دون الاعلان عما تم التوصل اليه الجانبان، ومن المحتمل الاعلان عن بنوده اثناء انعقاد اجتماع جديد محتمل للأمناء العامين للفصائل الفلسطينية مجددا نهاية الشهر الجاري بعد نقاشه في الهيئات القيادية لكل طرف.
وبعيدا عن " التبصير والضرب بالرمل" عن بنود هذا الاتفاق، فانه مما لا شك فيه ان اتفاق اسطنبول لن يكون مصيره الفشل كالاتفاقيات والتفاهمات السابقة التي رعتها مصر والسعودية، لان التغيرات الجيوسياسية والاصطفافات الاقليمية والدولية اليوم تغيرت عما كانت عليه خلال العشر سنوات الماضيه ..
إن الاتفاقيات التي توصلت اليها الحركتان خلال الــ 13 سنة االماضية ، وكان مصيرها الارشيف بدءً من اتفاق مكة عام 2007 ، الى اتفاق القاهرة في 2017 ، مرورا بالورقة المصرية 2009 ، واتفاق القاهرة 2011 ، واتفاق الدوحة 2012 واتفاق الشاطئ 2014، كل هذه الاتفاقيات جرت في وقت كانت فيه قنوات الحوار بين السلطة الفلسطينية واسرائيل مفتوحة، وامكانيات التوصل الى اتفاقية سلام بين الجانبين لاقامة دولة فلسطينية واردة ، في حين ان حماس كانت متمسكة بالكفاح المسلح طريقا لحسم الصراع مع اسرائيل، الامر الذي اعتبرته "فتح" آنذاك تهديدا لمشروعها السياسي..
ومع اعتراف الرئيس الامريكي دونالد ترامب بالقدس عاصمة لاسرائيل في نهاية العام 2017 ،ونقل سفارة الولايات المتحدة من تل ابيب اليها، وكذلك إعلانه عن خطة السلام المعروفة بـ "صفقة القرن" والتي ترى فيها حركة فتح والفلسطينيون عموما تهديدا وجوديا لــ "الكيانية" الفلسطيينة، بالاضافة الى البدء بتطبيق هذه الصفقة ، باعلان اسرائيل خطط لفرض سيادتها على مناطق الاغوار والمستوطنات في الضفة الغربية، واخيرا انهيار جدار "تضامن" دول عربية مع القضية الفلسطينية، وعقدها اتفاقيات التطبيع مع اسرائيل، امام هذا كله هذا أُجبر الرئيس عباس عن النزول عن "شجرة السلام" مع اسرائيل، والتنازل عن الكثيرمن مواقفه المتشددة للتوصل الى اتفاقية للمصالحة مع حماس والعمل على اعادة الروح لمنظمة التحرير ومؤسساتها وضم حركتي حماس والجهاد اليها..
وفي ظل هذه المتغيرات السياسية الاقليمية والدولية التي تصب في خدمة اسرائيل، وتأتي بعكس ما تشتهيه رياح سفينة السلطة الفلسطينية، وفي ظل ضعف فلسطيني والذي يزداد ضعفا بعقد اتفاقيات التطبيع بين اسرائيل ودول عربية، وادارة هذه الدول الظهر لمبادرة السلام العربية التي طالما اعتبرها المسؤولون الفلسطينيون اساسا للتوصل الى السلام، اصبح الرئيس عباس اكثر قبولا بل واكثرسعيا لاجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية المعطلة منذ اكثر من 10 سنوات، وانهاء الانقسام بين الضفة العربية وقطاع غزة ، بالاضافة لترميم منظمة التحرير التي هجرت منذ اكثر من 25 عاما، ويتطلع وهو في الخامسة والثمانين من العمر لأن يذكره التاريخ على انه حقق الانجازات سالفة الذكر..
ان إجراء المحادثات بين فتح وحماس في اسطنبول، واحتمال الاعلان عن اتفاق ناجح وناجز بين الجانبين سيعزز موقف المحور التركي - القطري في مواجهة المحور السعودي - المصري ، حيث أن تركيا نجحت في الخروج باتفاق بين فتح وحماس قابل للتنفيذ، فيما لم يتم تطبيق عدة اتفاقيات تم التوصل اليها سابقا برعاية مصريه وسعودية ، وفي هذه الحالة فان ردة فعل مصر تجاه حركتي فتح وحماس لتوصلهما لاتفاق برعاية عدوتها تركيا وبدعم عدوتها الاخرى قطر لم تتضح بعد ..