الحدث- جهاد الدين البدوي
نشرت صحيفة "سينا" الصينية تقريراً أشارت فيه إلى أن تطور الحرب الحديثة أدى إلى زيادة طلب الدول على الأداء والفاعلية القتالية للمعدات العسكرية. وعند الحديث عن الدول التي تمتلك أسلحة قوية، يمكن أن تحتل الصواريخ الباليستية العابرة للقارات المرتبة الأولى بكل تأكيد. وباعتبارها وسيلة النقل الأبعد للأسلحة النووية؛ فإنها بكل تأكيد يمكنها بشكل أساسي أن تشكل قوة ردع للعالم، بالإضافة أنها تشكل أكبر ضمان أمني للدول التي تمتلكها. لذلك، فإن الدول وبما فيها الصين تولي أهمية كبيرة لتطوير الصواريخ العابرة للقارات كما هي نفس أهمية تطوير الرؤوس النووية.
تضيف الصحيفة أن صاروخ "Dongfeng-41" يعتبر سلاحاً نووياً استراتيجياً مهماً للغاية بالنسبة للصين، والتي تراقبه جميع دول العالم عن كثب.
ووفقاً للصحيفة يعتبر صاروخ "Dongfeng-41" الأطول مدى في الصين، حيث يبلغ مداه 12000 كم، والذي يمكنه تغطية جميع الأراضي الأمريكية القارية.
تتابع الصحيفة: ومع ذلك، إذا أخذنا خط الاستواء كمثال، فإن المدى الإجمالي للرحلة حول الأرض ذهاباً واياباً تبلغ 40.000 كم. وإذا أراد صاروخ أن يغطي الكرة الأرضية، فينبغي أن يكون مداه يزيد عن نصف خط الاستواء، أي ما يعادل 20.000 كم، ولكن حتى الآن لا يوجد صاروخ في العالم يمكن أن يصل مداه إلى 20.000 كم، فلماذا؟
تنوه الصحيفة إلى أنه لو طرحت هذه القضية في الماضي، فلن تتوفر الشروط الفنية الكافية لتطوير صاروخ بهذا المدى، ولكنه ليست ضرورية اليوم بالرغم من توفر القدرة للوصول إلى مثل هذا المدى.
وتجدر الإشارة إلى أن الصواريخ الباليستية التي يزيد مداها عن 8000 كم يمكن أن يطلق عليها صواريخ عابرة للقارات، ويمكن إطلاق هذه الصواريخ من ثلاثة مواقع: برية بحرية جوية. وهي متوفرة لدى الولايات المتحدة وروسيا، ويتم اطلاقها من صوامع خاصة.
يختلف صاروخ "Dongfeng-41" عن تلك الصواريخ في أنه يمكن تثبيته على مركبة إطلاق للنشر المتنقل. وهو ما يسهل المناورة ويمكن نقله بسلاسة في المناطق الوعرة والجبلية. ويمكن أيضاً تغيير موقع المطلق وتغيير الهدف المزمع ضربه بأي وقت. ونتيجة لذلك، يمكن لصاروخ عابر للقارات أن يصيب موقع في مدى أكبر من مداه الأصلي.
تضيف الصحيفة بأنه حين يتم النظر للصواريخ العابرة للقارات باعتبارها محوراً للبحث والتطويرـ فإن الدول تود الحصول على مزيد من الحماية من القوة النارية، وبذلك ستعزز الدول دراسة القدرات المضادة للصواريخ كأنظمة الدفاع الجوي لتقليل احتمالية الضربات النووية. وإذا كان مدى الصاروخ العابر للقارات 20 ألف كيلومتر، فسيحتاج إلى المزيد من الوقود وأنظمة التحليق.
ووفقاً لمقارنة مدى الصواريخ العابرة للقارات في العالم، فيمكن القول إن صاروخ "الشيطان" الروسي هو الأبعد من حيث المدى، حيث يصل مداه لأكثر من 16.000 كم، وكلما زادت مسافة الضربة، زاد الوقود الذي يحتاجه الصاروخ وبذلك زاد حجمه. بحيث يصبح الصاروخ أثناء رحلته كبيرًا جدًا، وبذلك تقل احتمالية الضربة الناجحة.
ووفقاً لحسابات تقريبية، إذا كان مدى الصاروخ العابر للقارات أكثر من 20 ألف كيلومتر، فسيضطر إلى حمل أكثر من 10 أطنان من الوقود، ناهيك عن حمل الرأس الحربي النووي، وبالمقارنة مع الصواريخ الباليستية التقليدية العابرة للقارات، من الواضح أن هذه الصواريخ ليست عملية للغاية.
تتابع الصحيفة: بالإضافة إلى الصواريخ العابرة للقارات، يمكن للمعدات البحرية والجوية أيضاً أن تنقل الأسلحة النووية، مثل القاذفة الاستراتيجية الأمريكية "B-2"، وبصفتها قاذفة عالية الأداء فهي قادرة على التحليق لمسافة تصل إلى 12.000كم. وإذا لم تعد مسافة نقل الأسلحة النووية مشكلة، هل يستحق الأمر حقاً زيادة حجم صاروخ عابر للقارات من أجل زيادة مداه؟ وإذا كان بلد ما عقلانياً بما فيه الكفاية، فإنه يعرف تماماً أن ذلك غير مفيد.
تختتم الصحيفة تقريرها بالقول: الأن تغير أسلوب الحرب جذرياً، فقد أصبحت قدرات الضربة النووية البرية والبحرية والجوية قوة دفاع وطنية قوية، ولا يمكن حصر البحوث في مجال تطوير الأسلحة النووية البرية، بل لا ينبغي تجاهل الجانبين الآخرين. بينما نتأمل في كيفية جعل الصواريخ العابرة للقارات أكثر تقدماً، تحتاج قاذفات القوات الجوية والغواصات النووية البحرية أيضًا إلى استثمار المزيد من الجهد للتطوير، من أجل تحقيق التنمية الشاملة لقدرة الضربة النووية الثلاثية "الثالوث النووي".