الأحد  24 تشرين الثاني 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

العالم ينتظر 3 تشرين الثاني/ بقلم: سامي سرحان

2020-09-29 08:38:22 AM
العالم ينتظر 3 تشرين الثاني/ بقلم: سامي سرحان
جو بايدن ودونالد ترامب

يقف العالم على رجل واحدة منذ أربع سنوات، وقد أتعبته المزاجية والجهل بالسياسة الدولية والاستخفاف بالقانون الدولي والشرعية الدولية والهيئات والمؤسسات والاتفاقيات الدولية، التي طبعت الفترة الأولى من حكم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، والعالم اليوم ينتظر الثالث من تشرين الثاني لعل الناخب الأمريكي يخلص بلده أولا من شرور ونزوات الرئيس ترامب وعنصريته التي أتلفت النسيج المجتمعي الأمريكي، وثانيا يعيد الاستقرار والعقلانية في العلاقات الدولية التي نسقها حتى مع حلفاء أمريكا التقليديين في أوروبا الغربية، إضافة إلى مطاردة روسيا والصين والدخول معهما في حروب اقتصادية تكاد تتحول إلى حروب عسكرية  لولا حكمة  قادة الصين واحتوائهم لاستفزازات  ترامب ووزير خارجيته بومبيو وحذر وانتباه  القيادة العسكرية الروسية في الرد على الاختراقات وتنكره للاتفاقيات العسكرية الموقعة بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي السابق في مجالات الصواريخ قصيرة وبعيدة المدى، وتسلل حلف الناتو إلى مقربة من الحدود الروسية وإثارة المشاكل في الدول الجارة لروسيا التي كانت جزءا من الاتحاد السوفييتي مثل أوكرانيا وروسيا البيضاء، وقبل ذلك جورجيا وأذربيجان.

وإذا كان هذا هو حال إدارة ترامب مع دول وازنة في العالم كالصين وأوروبا الغربية واليابان وكوريا الجنوبية، فكيف يكون حال هذه الإدارة مع دول الشرق الأوسط الهشة المتخلفة المالكة لثروات وأموال يسيل لها لعاب تاجر عقارات يملك القوة والنفوذ، لقد تعامل مع هذه الكيانات المسماة "دول" بعقلية الصفقات الرابحة؛ فطرح على الدول الثرية منها صفقة المال مقابل الحماية فقبض المال ووعد بتوفير الحماية واختار لتوفير الحماية الشراكة مع الكيان الصهيوني في المجال الأمني والتكنولوجي تحت شعار التطبيع بين الدول العربية وإسرائيل برعاية أمريكية ومارس ضغطا على الدول الفقيرة لتفتح أبوابها وأجواءها وسواحلها أمام إسرائيل والانسحاب من الصراع العربي الصهيوني والقبول باسرائيل دولة أصيلة في المنطقة وقائدة لمجموعة هذه الدول في رسم شرق أوسط جديد يدور في الفلك الأمريكي.

لقد حمل دونالد ترامب على كتفه بنيامين نتنياهو وسار به كالحمار يوجهه كيفما يشاء، وكانت تصفية القضية الفلسطينية، ووجهه بنيامين نتنياهو فصاغ صفقة القرن وألبسها الرداء الأمريكي ليعرضها ترامب وصهره ومستشاروه كبضاعة قابلة للتداول على الفلسطينيين والعرب كحل إبداعي للقضية الفلسطينية التي رافقت تعقيداتها حربين عالميتين و75 سنة من عمر الأمم المتحدة، ومارس أقصى الضغوط على الجانب الفلسطيني للقبول بتلك الصفقة أحادية الجانب التي تنتهك القانون الدولي والاتفاقيات الدولية بما فيها اتفاقية أوسلو التي أعطت بصيص أمل ولو ضئيل في حل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي المزمن، وقضت على فكرة حل الدولتين ومبدأ الأرض مقابل السلام، ولم تمنح تلك الصفقة الفلسطينيين شيئا يمكن أن يقبلوا به، فكان رفضهم قاطعا للصفقة وتداعياتها وتكون مكان رأي عام عربي ودولي رافضا للصفقة، غير أن التاجر ترامب لم يتراجع على صفقته ومضى في ضغطة على الجانب الفلسطيني، فاعترف بالقدس عاصمة لإسرائيل، وقام بنقل السفارة الأمريكية إليها، وأغلق ممثلية فلسطين في الولايات المتحدة وأغلق القنصلية الأمريكية في القدس وقطع المساعدات عن الأونروا وعن السلطة الفلسطينية وعن المشاريع التي كانت تقوم بها بعض الجهات الأمريكية في الأراضي الفلسطينية، وبلغت جملة القرارات التي اتخذتها إدارة ترامب ضد الجانب الفلسطيني أربعين قرارا تكاد تلغي الوجود الفلسطيني على أرض فلسطين.

ولم يكتف ترامب ومستشاروه بهذه القرارات المعادية، بل توجهوا إلى الدول العربية لوقف المساعدات عن الفلسطينيين ووقف دعمهم للقضية الفلسطينية في المحافل الدولية ودفعهم إلى التطبيع مع إسرائيل وإقامة علاقات دبلوماسية معها وتبادل تجاري وتكنولوجي وأمني وعسكري، ووصل الأمر بآخر نسخة للتطبيع مع السودان أن اشترط على السودان أن يكون وطنا قوميا للفلسطينيين ومنفى لكل من تطرده الإمارات وإسرائيل والولايات المتحدة من أراضيها.

ماذا يعني هذا الشرط؛ أولا أن الشعب الفلسطيني لا حق له في فلسطين أو أي جزء منها، وعليه أن يمارس تطلعاته القومية خارج فلسطين ولتكن السودان تلك الأرض تماما كما أعطى بلفور وعدا لليهود بإنشاء وطن قومي لهم في فلسطين وهم ليسوا أصحابها ولا حقوق تاريخية أو قانونية أو طبيعية لهم فيها، وشرط آخر من بين سبعة وأربعين شرطا للتطبيع أن تشرف وتدير الولايات المتحدة وبالتأكيد إسرائيل السواحل السودانية على البحر الأحمر لتتحكم في طريق الملاحة الدولي وفي البحر الأحمر وقناة السويس وباب المندب، كل هذه الشروط يفرضها ترامب خدمة لإسرائيل على السودان وممثلها على الدول العربية الأخرى التي يستهويها التطبيع ويقول المطبعون فيها إنهم يقدمون مصالح دولهم وحل مشاكلهم على المصالح الفلسطينية والعربية، فأي مصلحة للسودان في تصفية القضية الفلسطينية والعربية، واستعمار سواحلها واختراق أجوائها، وهل يمكن أن يبيع شعب السودان الأبي كرامته ودينه بمليار دولار  ومئتي مليون تدفع منها إسرائيل عشرة ملايين وقد لا تدفعها، وهي أي السودان على حد  قول أحد المواطنين فيها أن هذا المبلغ يمكن الحصول عليه من موسم سمسم واحد أو موسم مطاط واحد. لقد توافق ترامب وبنيامين نتنياهو على إعادة استعمار الوطن العربي في ظل غياب قيادات عربية راشدة غيورة على عروبتها ومصائر شعوبها همها ملء كروشها وفيما العالم ينتظر بفارغ الصبر الانتخابات الامريكية ومغادرة ترامب للبيت الأبيض للتخلص من شروره وحمقه، فإن حكامنا يدعون الليل والنهار أن يبقى ترامب ونتنياهو سيدين عزيزين في البيت الأبيض وتل أبيب؛ فحكامنا تربوا على التبعية والعبودية للمستعمر ولا يرون ما يراه قادة العالم من مشاكل.

 أغرق ترامب العالم وبلاده فيها، ولعل فشله في إدارة أزمة كورونا والتردي الاقتصادي والبطالة المتزايدة والاضطرابات العرقية هي من العوامل الحاسمة التي قد تبعد ترامب عن البيت الأبيض ومثل هذه المشاكل تغرق من يجرها بنيامين نتنياهو الذي يحاصره فيروس كورونا والمتظاهرون والبطالة والوضع الاقتصادي المتردي وتترجم آثار هذه المشاكل استطلاعات الرأي في كل من الولايات المتحدة وإسرائيل التي تظهر تراجع ترامب أمام المرشح الديمقراطي وتراجع نتنياهو وحزبه الليكود أمام اليمين المتطرف وبالتالي سوقه إلى المحكمة للنظر في التهم الموجهة إليه من فساد وسوء ائتمان ورشوة.

ونحن كفلسطينيين، ننتظر مع العالم الثالث من تشرين الثاني القادم لعل في إدارة أمريكية جديدة ما يعيد بعض  الاعتبار للشرعية الدولية والقانون الدولي، وإن كنا لا نشك في انحياز كل الإدارات الأمريكية الكامل للكيان الصهيوني، ومع ذلك سمعنا من المرشح الديمقراطي أنه متمسك بحل الدولتين وإعادة فتح القنصلية الأمريكية في القدس ومعارضته الضم.