الحدث- محمد غفري
أجمع عدد من الإعلاميين وخبراء القانون الدولي، على أهمية الدور الذي يمكن لوسائل الإعلام الفلسطينية أن تلعبه في دعم التوجه الفلسطيني لمحكمة الجنائية الدولية، من أجل محاكمة قادة إسرائيل على الجرائم التي ترتكبها بحق شعبنا.
وشدد الإعلاميون وخبراء القانون خلال مشاركتهم في اللقاء الصحفي التفاعلي حول "الانضمام الفلسطيني للمحكمة الجنائية الدولية.. والاستعداد الإعلامي"، الذي نظمته صحيفة الحدث بالتعاون مع مؤسسة الحق، اليوم الثلاثاء، على مسؤولية وسائل الإعلام المحلية في نشر التوعية للمواطنين حول قضية التوجه لمحكمة الجنايات الدولية، وما هو مطلوب والنتائج المتوقعة.
وقدم خبراء القانون الدولي، توضيحا كاملا حول المحكمة الجنائية الدولية، من حيث التأسيس، والقضايا القانونية، وكيف تتم المحاكمات والتحيقيات في القضايا المرفوعة، كذلك فرص الفلسطينيين في هذه المحكمة، وإلى أين يمكن أن تصل.
وطالب وكيل وزراة الإعلام محمود خليفة، وسائل الإعلام بألا تكتفي في تغطيتها لقضية الجنائية الدولية بالخبر الصحفي فقط، وإنما أن تتعمق إلى أكثر من ذلك، من خلال إعداد التقارير الصحفية المعمقة والأبحاث، والتحقيقات الصحفية.
وأوضح خليفة أن المواطن الفلسطيني لم يعد بحاجة للخبر فقط، إنما هو بحاجة لأن يفهم كل ما يتعلق بهذه القضية، من حيث التحضير المسبق، والتعريف بالجنائية الدولية، وما هي النتائج الممكن تحقيقها من محاكمة إسرائيل، وطبيعة الضغوط الإسرائيلية الأمريكية التي من الممكن أن تمارس علينا، كذلك كيف تتعاطى المحكمة مع القضايا المطروحة.
وقال "من حق المواطن الذي يقع عليه ظلم الاحتلال الإسرائيلي، وتسرق موارده الطبيعية والبشرية، أن يعلم كيف سيقدم ملفه، وكيف ستحاسب إسرائيل، ومن حق هذا المواطن أيضا أن يبدي رأيه إما بالقبول أو بالرفض".
بدوره، تحدث نقيب الصحفيين ناصر النجار، عن الضغوط التي تمارسها إسرائيل والولايات المحدة الأمريكية على القيادة الفلسطينية، من أجل ثنيها عن التوجه إلى الجنائية الدولية، كما تم قبل يومين عندما أغلقت إسرائيل كافة مدن الضفة الغربية.
وقال النجار: إن اللجنة الوطنية العليا المسؤولة عن المتابعة مع المحكمة الجنائية الدولية، التي تم تشكيلها هي سيدة نفسها، وهي من تتخذ القرارات، ولا يستطيع الرئيس ولا اللجنة التنفيذية ولا المركزية أن تملي عليها أي قرار.
وأكد أن اللجنة، اتخذت قرارها بالإجماع على إحالة ملفين إلى محكمة الجنائية الدولية، في الأسبوع الأول من نيسان المقبل، داعيا إلى اعتبار يوم الأول من نيسان، هو يوم وطني لا يقل أهمية عن ذكرى النكبة وحرب لبنان، وذكرى الانتفاضتين، من حيث الأهمية الوطنية.
وعن دور الإعلام في ذلك، أوضح النجار أن اللجنة تنبثق عنها ثلاث لجان، هي اللجنة الفنية، واللجنة التوعوية، واللجنة الإعلامية، مشيرا إلى أن اللجنة الإعلامية تتكون من إعلاميين من الضفة الغربية وقطاع غزة، وكل المعلومات التي تتعلق بملف الجنائية الدولية تصدر فقط عن هذه اللجنة، التي تنبثق عنها لجان مساعدة، وتركز عملها على الإعلام الداخلي من حيث التوعية، والإعلام الخارجي الأكثر أهمية، من أجل إيصال الرسالة السليمة إلى العالم.
وأكد النجار أن اللجنة الإعلامية ليست حكومية وغير مسيسة، وتعمل في كافة الاتجاهات المرئية والمسموعة والمكتوبة.
وأبدى تفاؤله في فرص نجاح القضايا في الجنائية الدولية، على الرغم من حديثه عن كافة الأمور الخطيرة المتوقعة، والضغوط التي شرعت إسرائيل والولايات المتحدة فيها مسبقاً.
وعن نقابة الصحفيين، بين النجار أنها شرعت بتحضير قضية الاعتداءات الإسرائيلية على الصحفيين في غزة، وربما نستمع خلال الأسابيع المقبلة عن رفع دعوى قضية على إسرائيل في بعض المحاكم الدولية.
من جهته، طالب مدير مؤسسة الحق شعوان جبارين، الصحفيين بضرورة توخي الحذر والدقة، في كافة المواد الإعلامية التي يتم تداولها، لما تشكله من خطورة، من حيث المصطلحات والمفاهيم، وما ينجم عنها من تعريفات، وأن على الإعلاميين أن يكونوا على قدر واسع من الإلمام والمعرفة بكل ما يتعلق بهذا الموضوع، ليس بمستوى العلم الشامل بها بقدر ما هو مطلوب وضروري.
وأكد جبارين أن موضوع الجنائية الدولية قضية قانونية بحتة، وليست سياسية، لذلك يجب الانتباه إلى كل ما ينشر في وسائل الإعلام.
وأضاف الخبير في القانون الدولي، أن أية قضية يمكن أن ترفع إلى الجنائية الدولية، قد تأخذ وقت طويل، ولن تأتي النتائج بتلك السرعة، والطريق فيها ربما ممل، لذلك هي تحتاج منا إلى نفس طويل.
وأوضج جبارين أن الأمور جرت بسرعة، وقفزنا عن كل الخطوات السابقة قبل الذهاب إلى الجنائية الدولية، الأمر الذي يفرض علينا التحضير الدقيق والدراسة الشاملة لكل قضية يتم رفعها.
وقال إن قرار التوجه للمحكمة جريء ويدل على أن هناك إرادة سياسية واضحة، لكن المسألة تحتاج إلى وقت طويل حتى نحصد النتائج، لأن للمحكمة إجراءاتها وآلياتها، والحديث عن جرائم حرب يعني وجود كم كبير من المعلومات التي تحتاج إلى تجهيز.
وعن المعيقات التي من الممكن أن تواجه الفلسطينيين في الجنائية الدولية، أشار جبارين إلى أن المحكمة مستقلة بشكل كامل، لكنها في النهاية تعتمد على المال الذي يأتي من مساهمة الدول الغربية فيها، ولا نريد أن ننسى أن الغرب ينحاز لإسرائيل، لذلك قد نتفاجئ في بعض الأحيان أن المحكمة أوقفت التحيقيق في قضية معينة لعدم وجود تمويل لذلك.
وفي السياق ذاته، قال الجبارين إن السلطة مطالبة عندما توقع على اتفاقيات دولية أن تعرف على ماذا توقع، لتجنب ما قد يحدث، كما حصل عندما وقعت على مواثيق دولية، واستمرت في العمل ضدها داخليا.
من جانبها، دعت رئيسة تحرير صحيفة "الحدث" رولا سرحان، الصحفيين إلى بذل الجهد المستمر والمتابعة الدائمة، لقضية الجنائية الدولية، وأن تكون هناك آلية معينة من أجل التواصل مع كافة الجهات ذات الصلة بهذا الأمر.
وأضافت سرحان في كلمتها خلال المنتدى، أن على وسائل الإعلام الفلسطيني تبني رواية وخطاب إعلامي واضح، في مواجهة الخطاب الإعلامي الإسرائيلي.
واتفقت مع المتحدثين، على ضرورة توخي الدقة في نشر كل ما يتعلق بهذه القضية، لما له من أثر قد تترتب عليه نتائج معينة.
وقدم كل من رئيس دائرة المناصرة المحلية والإقليمية في مؤسسة الحق د. عصام عابدين، ورئيس دائرة الرصد والتوثيق في مؤسسة الحق د. تحسين عليان، شرحا مفصلا حول تاريخ المحكمة الدولية ونشأتها، وإجراءاتها وطبيعة القضايا التي تحقق بها.
وأشار د. عابدين إلى أن المحكمة الدولية تنظر في القضايا المرفوعة ضد الأفراد الذين ارتكبوا إبادة جماعية والجرائم ضد الإنسانية إضافة إلى الحروب والعدوان، والقضايا التي يتم النظر فيها في المحكمة الجنائية الدولية، تتعلق في الإبادة الجماعية، والجريمة ضد الإنسانية، وجرائم العدوان، وجرائم الحرب، التي ستشرع المحكمة النظر فيها بدءا من العام 2017.
وأوضح أن المحكمة الجنائة الدولية، هي محكمة دائمة وليست خاصة، كتلك التي تنشأ بقرار من مجلس الأمن من أجل قضايا خاصة تنتهي عند انتهائها، متطرقا إلى أقسام المحكمة ووظيفتها.
وطالب د. عليان بضرورة أن تأخذ فلسطين زمام الأمور والإعلان عن لجنة تحقيق داخلية في الحالة الفلسطينية من تاريخ 14/6/2014 لأن أخذ الجانب الفلسطيني هذه المبادرة سيجبر المدعية على أن تتنازل عن التحقيق لجانب ما تجريه لجنة التحقيق الفلسطينية.
وقدم أمثلة ونماذج حول تقارير صحفية تم نشرها في وسائل إعلام عديدة احتوت على معلومات ومصطلحات ومفاهيم خاطئة، مؤكدين أن هذا الأمر يضر بالقضية.
وشدد على ضرورة سير الإعلاميين على استراتيجية واضحة المعالم، لأن المواد الإعلامية التي تنشر تأخذ بعين الاعتبار عندما تكون بمستوى عالي من الدقة والشفافية.