الحدث - محمد بدر
يؤكد المهندس محمد الجلاد، مدير دائرة الكهرباء في بلدية طولكرم، أنه في حال لم يتم تنفيذ "وعود الحل" التي قطعتها الحكومة الفلسطينية ممثلة بسلطة الطاقة، فإن البلدية ستقوم بإعداد برنامج لساعات قطع الكهرباء، يشبه إلى حد كبير البرنامج المعمول به في قطاع غزة، والذي يعاني من أزمة كهرباء بسبب الحصار الإسرائيلي المفروض عليه. لكن المفارقة في حالة طولكرم، أن أزمتها، التي بدأت في عام 2012، وفق ما أفاد الجلاد، حملت معها عشرات الوعود من جهات الاختصاص، إلا أن شيئا لم يطبق على أرض الواقع.
ويوضح الجلاد أن معالجة الأزمة بدأت بحلول مؤقتة، وفي عام 2013 طرح الإسرائيليون حلا للأزمة من خلال تمديد خط كهرباء جديد لتغذية المنطقة، وطلبوا رسوما لنقطة الربط الجديدة بقيمة 1.5 مليون شيقل من أصل 7 مليون تكلفة المشروع ككل، وقد قامت البلدية بدفع الرسوم الأولية. لكن وحتى لحظة كتابة هذا التقرير لم يقم الإسرائيليون بتمديد الخط الثالث بحجة اعتراض بعض الأطراف التي يمر الخط بالقرب من مصالحها أو منشآتها مثل: سكة الحديد الإسرائيلية، خط الغاز وشارع 60، وذلك رغم وعودهم في عام 2018 بتمديد الخط الثالث مع نهاية عام 2019.
ويشير الجلاد إلى أن عدم التزام الإسرائيليين بوعودهم، وعدم وجود حل حقيقي لحل الأزمة، دفع البلدية إلى إدارة الأزمة من خلال جداول قطع الكهرباء، التي تنشر على صفحة البلدية على الفيسبوك، لكن هذا لا يمكن اعتباره حلا بسبب أن الطلب على الكهرباء يتزايد، وفي المقابل فإن البدائل التي عملت عليها الحكومة من خلال شراء مولدات الكهرباء تعد مكلفة، إذا أن الأخيرة تعمل بالسولار، وهذا أمر مكلف، وقد دفعت البلدية من 1 أغسطس الماضي وحتى 1 أيلول الجاري حوالي نصف مليون شيقل لمحطات الوقود ثمنا للسولار.
وبيّن المهندس الجلاد أنه على سبيل المثال في 17 أيلول الجاري (يوم معتدل الحرارة، يكون معدل استهلاك الكهرباء فيه غير مرتفع) تم شراء أكثر من 9000 لتر سولار، وفي الأيام التي ترتفع فيها درجات الحرارة يصل حجم الشراء إلى 13 ألف لتر. وقال إن معالجة الأزمة من خلال المولدات مرهق للبلدية لأنها بالإضافة لتكاليف السولار، تقوم أيضا بدفع فاتورة الكهرباء بشكل شهري، بما يشمل المؤسسات الحكومية والمخيمات، والتي يجب أن تدفع فاتورتها السلطة، وقد هدد الإسرائيليون بقطع الكهرباء في حال تراكمت الديون، وهو ما قاموا به لمرة واحدة فقط.
وقال الجلاد إن المولدات، التي بحوزة البلدية، مستعملة متهالكة، وكانت تعمل في البداية 8 ساعات وبسبب تزايد الطلب على الكهرباء أصبحت تعمل 12 ساعة، وخلال العام الجاري أصبحت تعمل حوالي 20 ساعة، وهو ما تسبب في خروج أحد المولدات عن الخدمة، كما أنها بحاجة لمتابعة بشكل يومي، حيث يلزم تعبئتها بالماء صباحا وعند الظهيرة، وبسبب زيادة عدد ساعات التشغيل لبعض المولدات، كانت هناك حاجة لإصلاحها وصيانتها بعد 3 أشهر من عملها، رغم أنها لم تكن مستعملة من قبل.
وأوضح أنه خلال فترة الإغلاق بسبب جائحة كورونا، كان الشعور بالأزمة أقل، لكن بعد أن تم فتح المرافق الاقتصادية وعاد النشاط إلى طبيعته تفاقمت الأزمة وأصبح المواطن يشعر بها بشكل أكبر، وأصبحت الانقطاعات تتكرر وهو ما ولد حالة من الاحتقان لدى المواطنين.
وكشف الجلاد أنه خلال اجتماع عقد في 15 أيلول الجاري مع رئيس الوزراء محمد اشتية، كانت هناك وعود بتشغيل محطة صرة، وبعد ذلك بأسبوعين من المفترض أن تشتغل محطة عناب، وبالتالي تحل مشكلة الكهرباء في المدينة، وهو ما وعد به رئيس سلطة الطاقة ظافر ملحم، الذي أكد أن حل أزمة طولكرم سيكون خلال أسابيع قليلة، "وإن شاء الله يتم الالتزام بهذا الوعد وأن يكون الأخير قبل حل الأزمة".
لكن الجلاد أكد أن تشغيل محطة عناب يساهم في حل أزمة الكهرباء في طولكرم لعام أو عامين فقط، بانتظار الحل الاستراتيجي، الذي وعدت به سلطة الطاقة والمتمثل في تزويد المدينة بالكهرباء بشكل مباشر من محطة صرة، لكن هذا يتطلب إنشاء خط بطول 13 كم وإنشاء محطة تحويل من (33) إلى (22) بحسب ما طرح رئيس سلطة الطاقة ملحم في الاجتماع مع رئيس الوزراء.
وحذر الجلاد أن العام القادم سيشهد فترات قطع طويلة للكهرباء، كما الحال في قطاع غزة، في حال لم يتم حل أزمة الكهرباء في طولكرم. مؤكدا أن البلدية تلقت وعودا كثيرة بحل الأزمة، وأنها طوال فترة الأزمة كانت في اتصال مستمر مع الجهات المختصة المسؤولة عن ملف الكهرباء.
والنقص الذي تعاني منه طولكرم حوالي 10 ميجاوات، وهو نقص لا يمكن تغطيته بسهولة، وفق المهندس الجلاد. مشيرا إلى أن "إحدى الشركات الفلسطينية تقدمت بمشروع لتوليد الكهرباء من الطاقة الشمسية بقدرة 20 ميجاوات، لكن البلدية أوقفت التعاون مع المشروع لفترة من الزمن من أجل فهم بعض التفاصيل من السلطة الفلسطينية، وأيضا بسبب التخوف من تعطيل نقاط الربط الأصلية من قبل الإسرائيليين في حال تمت الموافقة عليه. ومن أجل بلورة موقف موحد تواصلت البلدية مع شركة النقل وجهات أخرى".
وكشف أن سلطة الطاقة منحت شركة قدرة مؤخرا رخصة مؤقتة لإقامة مشروع توليد كهرباء من خلال الطاقة الشمسية بقدرة 20 ميجاوات، وقد طلب منهم تقديم دراسة للشبكة من أجل تحديد مدى استيعابها للكمية التي يمكن توريدها والمتطلبات الخاصة بالربط وأثرها على الشبكة الموجودة، وهي ذات الشركة، التي توقف التعاون مع مشروعها في وقت سابق، كما يفيد الجلاد.
وقال الجلاد إن أكثر من 250 مشتركا يتلقون الطاقة الكهربائية من خلال الطاقة الشمسية بمجمل قدرة حوالي 4 ميجاوات، "ومنذ عام 2016 بعد أن صدر قانون سلطة الطاقة بشأن تنظيم قطاع الطاقة المتجددة، أخذ المجلس البلدي قرارا بتطبيق هذا القانون، والآن هناك حوالي 4.5 ميجاوات مصدرها الطاقة الشمسية، وفي عام 2018 صدر قانون آخر للقدرات المتوسطة، وتقدمت شركات لقدرات متوسطة وتم توقيع اتفاقيات بينهم وبين البلدية ولكن الأمر يتعلق بتراخيصهم من قبل الجهات المختصة وحتى اللحظة لم تبدأ هذه الشركات بالعمل". وردا على ذلك يقول رئيس سلطة الطاقة ظافر ملحم إن القانون يلزم هذه الشركات بالتوقيع مع شركات النقل وليس مع البلدية.
وأوضح رئيس سلطة الطاقة ملحم في مقابلة مع صحيفة الحدث، أن إنجاز المشروع الذي قدمته شركة قدرة، والذي يمكن من خلاله تزويد طولكرم بـ 20 ميجاوات، يعتمد على قيام البلدية بتسهيل مهمتهم، والمعيق يتمثل في موافقة البلدية على الموضوع، مضيفا: نحن منحنا رخصة للشركة، وهم بدورهم توجهوا للبلدية للحصول على المعلومات المتعلقة بالشبكة، وهذا كله يقع على عاتق البلدية، والموضوع كله لدى البلدية ونحن انتهى دورنا بمنح الترخيص.
ويرجع رئيس اتحاد قطاع الطاقة المتجددة في فلسطين، حسن أبو لبدة، أزمة الطاقة في الضفة الغربية، إلى كون شبكة الكهرباء قديمة ومهترئة وتتعرض أيضا لسرقات بالإضافة إلى أن كمية الوارد من الإسرائيليين لا يفي للغرض، والحل لهذه الأزمة يكمن في اعتماد مشاريع طاقة بديلة قادرة على سد هذا العجز. وقال إنه في طولكرم هناك تأخير لمشاريع طاقة شمسية يمكن أن تسد العجز، فلماذا لم يتم البدء بها.
وأضاف في مقابلة مع صحيفة الحدث، أنه لا يوجد إرادة سياسية لبناء محطات طاقة شمسية قادرة على معالجة أزمة الكهرباء، وهذا من الممكن أن يتم خلال عامين، وما يتم التذرع به اليوم بأن هناك نقصا في الأراضي، يمكن تعويضه من خلال الاستثمار بأسطح المباني العامة بالإضافة للأراضي المتاحة، لأن المسائل الفنية لا يمكن أن تشكل عائقا ويمكن تداركها.
وفي وقت سابق من الشهر الجاري، طالبت فصائل العمل الوطني في المدينة، مجلس الوزراء، بتنفيذ ما تم الاتفاق عليه من وعود بحل الأزمة في شهر فبراير الماضي من خلال زيادة القدرة الكهربائية للمحافظة. وحول الوعود التي تتلقاها البلدية، يقول المهندس الجلاد إن الوعود تأتي بناء على وعود، فمثلا: رئيس سلطة الطاقة وعد في آخر اجتماع رئيس الحكومة بحل المشكلة خلال أسابيع، وبناء على ذلك تقدم لنا الحكومة وعدا بهذا الخصوص، "على أمل أن يكون هذا الوعد الأخير".
وطالبت الفصائل سلطة الطاقة والحكم المحلي بتشكيل لجان خبراء مهنية وفنية محايدة للعمل على حل مشكلة الكهرباء المستمرة في المحافظة والمدينة، ودعت البلدية بكافة طواقمها الإدارية والهندسية والفنية والمالية للقيام بواجباتها ومسؤولياتها تجاه ما تتعرض له مدينة طولكرم من جراء الانقطاع المتكرر للكهرباء لما له من آثار ضارة على كافة المواطنين والمرافق العامة.