الحدث الثقافي- سوار عبد ربه
مشروع "هروب الأرض" الخاص بالفنانة الفلسطينية نور أبو هشهش، استلهمته من خلال التردد على أماكن بيع الورود أو على المقاهي والأماكن العامة، بعدما لاحظت وجود قوارير صغيرة تحتوي على شجر زيتون صغير الحجم يستخدم بغرض الزينة وإضافة جمالية للمكان، وكذلك للتهادي.
وترى أبو هشهش أنه وبالرغم من جمالها إلا أنه من الضروري أن نكون مدركين للمخاطر المترتبة على وجود هذا النوع من الشجر في الأماكن المغلقة لما لأشجار الزيتون من رمزية في الثقافة الفلسطينية، حيث أنها ترمز إلى الشعب الفلسطيني وحقه في أرضه، كما تعتبر عنصرا رئيسيا في الحياة الزراعية الفلسطينية.
وقالت أبو هشهش: "شعرت أن مكان الشجرة ليس داخل المطاعم ولا في الأماكن المغلقة، وقمت بالتساؤل عن سبب صغر حجمها وعدم تواجد حبات الزيتون عليها، بدءا بمدير المقهى الذي أخبرني أن هذا النوع من الشجر لا ينمو ويستخدم للزينة فقط، ثم انتقلت للاستفسار أكثر في أماكن بيعها واضعة احتمال أن تكون معدلة جينيا".
وأضافت نور: "بالفعل أخذت محلات بيع الورود في مدينة رام الله عام 2015 بتوفير نباتات لأشجار زيتون قزمة مزروعة داخل قوارير صغيرة كسلعة للاقتناء المنزلي, وأصبح الناس يتهادونها في مناسبات عدة" معتبرة أن في هذا فعلا رمزيا يتمثل في الحفاظ على هذه الشجرة، مما يحيط بها من تهديد مستمر, من خلال سحبها من المشهد الطبيعي المهدد من قبل جرافات الاحتلال ومستوطنيه, الى داخل البيت أو المكتب.
وتابعت: ربما هذا يمنح لمقتنيها القليل من الراحة النفسية والاطمئنان بأن هذه الشجرة لن يمسها سوء, بحيث يشبه الأمر إلى حد كبير احتفاظ أهالينا بمفاتيح أبواب البيوت التي هجروا منها في نكبة 1948 كتعويذة تهيئ لهم درب العودة.
وتتعرض أشجار الزيتون في فلسطين إلى استهداف واقتلاع مستمرين من قبل جرافات الاحتلال.
وأشارت صاحبة مشروع هروب الأرض إلى أن مشروعها يقوم على إنجاز سلسلتين من اللوحات حول شجرة الزيتون القزمة، السلسلة الأولى كانت بحجم واحد، وبأسلوب يقترب من المخطط، في محاولة للتهكم على فكرة إضافة رمزية جديدة إلى هذه الشجرة، ومحاولة الاحتماء من سطوة الواقع وراء رمزيات نداوم على اختلاقها حد الاجترار، أما السلسلة الثانية كانت تعبر عن مزاج أكثر سوداوية وتراجيدية حول هذه الشجرة القزمة، العاقر والمشوهة.
وردا على سؤال ما إذا كان المتلقي سيفهم اللوحات بذات الطريقة التي تدور في رأس صاحبتها قالت نور: "أحاول دائماً أن أصل لنماذج ملموسة في أعمالي الفنية تدفع المشاهد لمستوى أعمق من التفكير والتساؤل حول الفكرة، من خلال تسليط الضوء على قضية معينة، وقدرة الفنان على تقديم وطرح شكل فني يجعل المتلقي يحك رأسه ويفكر بالعمل من منظور يتعدى النظرة الأولى, وهذا الشيء لا يعتمد بالضرورة على الفنان, فيجب على المتلقي أن يمتلك قدرة لقراءة وتحليل العمل الفني من النظرة الثانية". مضيفة أنه لا يشترط أن يكون جميع المتلقين يقرأون العمل بنفس الطريقة، فالعمل الفني يقرأ بأكثر من طريقة حسب خلفية المتلقي المعرفية".
وبدأت نور الرسم في عمر الخامسة، متأثرة بوالدها رسام الوجوه الذي كان يرى الرسم هواية ومساحة حرة لقضاء وقت الفراغ واستشهدت الفنانة بقول بيكاسو: "كل طفل فنان، لكن الظروف تغييرنا والتحدي أن تظل فنانا عندما تكبر".
وتشارك نور كما كافة الفلسطينيين بقطف الزيتون الذي يبدأ موسمه في تشرين الأول من كل عام ويستمر لفترة طويلة بعدما تقوم وزارة الزراعة بتحديد مواعيد القطف للكبيس وللعصير لكل منطقة، وتحديد مواعيد تشغيل المعاصر، حسب كمية المحصول حيث يعتبر موسم قطف الزيتون في فلسطين مناسبة يشارك فيها جميع أفراد الأسرة، كذلك نشاطا تعاونيا مهما تحرص الجامعات والمدارس على إشراك طلابها فيه.