الحدث - سوار عبد ربه
أثرت جائحة كورونا على الأشخاص الذين اعتادوا على ارتياد العيادات النفسية لتلقي الخدمات النفسية على اختلاف أوجهها، مما اضطر بعض الأخصائيين لتحويل العلاج النفسي من وجاهي إلى إلكتروني باستخدام مواقع التواصل الاجتماعي والتطبيقات التي تتيح للأخصائي فرصة التواصل مع مرضاه من خلالها، الأمر الذي واجه عقبات كثيرة في بدايته نظرا لعدم الجهوزية التامة لهذا الأمر الطارئ والمفاجئ.
وفي هذا الشأن تقول الأخصائية النفسية غادة السخن، والتي شاركت في دورات ارشاد نفسي خلال جائحة كورونا :"أصبحنا مضطرين للتدخل عن بعد من خلال مواقع التواصل الاجتماعي والاتصالات الهاتفية نظرا لعدم قدرتنا على التواجد في الحقل أو بين الناس، وعملنا على عقد جلسات على تطبيق زووم، لكننا لسنا مجهزين ومؤهلين بشكل كاف كي نستخدم هذه الآليات الجديدة، ونحتاج إلى تدريب كأخصائيين ومنتفعين على حد سواء.
ولخصت السخن العقبات التي واجهت الأخصائيين بالتالي: فقدنا امتياز التواصل الوجاهي مع المريض وهو عنصر مهم في الجلسات النفسية لأن الاعتماد يكون عليه من أجل قياس لغة الجسد وعمل فعاليات معنية تعتمد على التفاعل ما بين المعالج والمنتفع أو الشخص المتلقي للعلاج. مشيرة إلى أن الاعتماد الأساسي أصبح على الكلمات التي يختارها المنتفع، وهل يتقبل فتح الكاميرا أم يتجنبها وتفاصيل أخرى مشابهة.
وتؤكد السخن، أن الضغط أصبح أكبر لأن الأخصائي يحتاج إلى فهم المشكلة وادراكها في أسرع وقت ممكن، كذلك يواجه الأخصائيون مشكلة في عدم قدرة على تحديد ما إذا كان المنتفع ليس على دراية كافية باستخدام مواقع التواصل الاجتماعي أم أنه متوتر من مسألة معينة، لذا الجلسات التي تعقد عن بعد لا تعبر بالضرورة عن حجم اهتمام المنتفع فيها، مضيفة أن إحساس المنتفع المادي بالجلسة يعبر عن كثير من الأمور.
وتتطلع غادة إلى أن يكون الوضع أفضل مستقبلا مع التدريب والتمكين وتهيئة الأفراد، مؤكدة على أن الاتصال عن بعد بين المنتفع والأخصائي يمكن أن يكون عاملا مساعدا لكثير من الحالات كالأشخاص الذين يعانون من قلق اجتماعي معين.
من جانب آخر ترى الأخصائية النفسية أن المنتفعين في هذه المرحلة أصبحوا أقل خجلا وخوفا من وصمة اجتماعية معنية كي يعبروا عن مرورهم بضائقة لأنهم يعرفون أنه بطبيعة الحال الغالبية من الناس تعاني من ذات الضغوطات بسبب الأزمة العالمية والمجتمعية، فكورونا ساهم في تعزيز الوعي من خلال التجربة وليس من خلال التلقين.
وتتابع السخن: شهدنا في الآونة الأخيرة الكثير من المبادرات والتطبيقات التي تعنى بموضوع الجلسات النفسية والجمعية لمعالجة هذا الموضوع.
وبرزت منصة إلكترونية عام 2019 تحمل اسم نيرفاتكس وتعرف نفسها على أنها "تتبنى منهجية علم النفس المجتمعي القائم على فكرة التغيير والوصول للرفاهية المجتمعية والنظر بزاوية إيجابية إلى الأفراد على أنهم جزء لا يتجزأ من المجتمع بغض النظر عن الثقافة الاستقصائية المجتمعية التي تحاول تصنيف الناس الى أنواع".
بدورها، قالت المتدربة في فريق نيرفاتيكس وطالبة علم النفس في جامعة بيرزيت نادين قرط: "بدأت فكرة المشروع من شابين جامعيين يدرسان علم الحاسوب بحيث فكرا بآلية لتوظيف الذكاء الاصطناعي بطريقة يستطيعون من خلالها دراسة الفرد وسلوكه وإمكانية مساعدته والتطوير من نفسه. جاء ذلك نتيجة لاهتمامهم بالإحصاءات النفسية كالإحصائية التي تقول إن كل 40 ثانية ينتحر شخص، وفلسطين فيها أكبر نسبة اكتئاب بين الدول العربية".
ويقدم الموقع خدمات متنوعة مثل مجموعات للدعم النفسي الجماعي واختبارات ذكية لتحليل الشخصية، إضافة إلى محتوى إرشادي متخصص.
وتتابع قرط: "أنشأ الشابان منصة وصفحة فيسبوك وتطورت الفكرة لتضم أخصائيين نفسيين لهم باع طويل في هذا المجال وطلاب جدد يدربونهم".
وبحسب المتدربة في فريق نيرفاتكس، فإن المشروع يهدف إلى تشجيع الناس وتأهيلهم كي يكونوا قادرين على مواجهة الاكتئاب أو أي اضطراب نفسي يتعرضون له، وكان الإقبال كبيرا خاصة في ظل كورونا.