الأحد  24 تشرين الثاني 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

لن أقول ارحل يا سيادة الرئيس/ بقلم: زياد البرغوثي

2020-10-16 02:15:11 AM
لن أقول ارحل يا سيادة الرئيس/ بقلم: زياد البرغوثي
زياد البرغوثي

  لن أقول ارحل يا سيادة الرئيس..

فأنت من الرعيل الأول المؤسس للفكرة التي تحولت في الشتات إلى وطن يحمل وجع النكبة واللجوء وزغاريد عيلبون، وآهات دير ياسين وكفر قاسم ويافا وحيفا وعكا الأبية..

وطن يحمل بندقية أقسمت أن يكون تراب الوطن محراباً للروح المقدسة التي تاهت في المنافي وعلى أطراف وطن اغتصبته قرارات التقسيم على وقع العنتريات العربية ومؤتمرات الحركة الصهيونية..

لن أقول ارحل يا سيادة الرئيس..

وإن خانتك البصيرة حين آمنت بحتمية السلام مع هذا المحتل، في زمن كانت الفكرة مصدر إلهامٍ لكل حركات التحرر، وعنواناً لكل الشعوب المقهورة، العربية منها والعالمية..

والتي كانت ترى فينا طليعة الثوريين والمفكرين والمثقفين الأحرار، والشهداء على طريق الفداء والحرية.

 

لن أقول ارحل يا سيادة الرئيس..

وأنت الشاهد الأول على انقسام الوطن والمشروع والقضية..

وطن ما زلنا نجتر فيه مصطلحات الانقسام والإخوان، ومسرحيات الكلام عن الاستقلال والوحدة الوطنية، ونتداول بين شِقَيهِ الألقاب الكبيرة من فخامة ودولة ومعالي بعد زمانٍ كان فيه لقب الأخ والرفيق والشبل يستنفر الساحات الدولية وجميع الشعوب الحرة الأبية..

 

لن أقول ارحل يا سيادة الرئيس..

بعد أن أصبحنا نستجدي اجتماعاً للرؤساء في حواري الجامعة العربية، أو حتى اجتماعاً على مستوى وزراء الخارجية..

ونبكي أطلال التضامن مع القضية، فكيف نطلب التضامن معنا بعد أن افتتحنا جسور التطبيع والتنسيق وأصبحنا الشاهد الحاضر الغائب على زواج المتعة على الطريقة الكوشنيرية؟

 

لن أقول ارحل يا سيادة الرئيس..

وأنت من صمتَ عن تجاوزات مرحلة، اعتقل فيها الأحرار من أبناء شعبك وتسيَّد فيها عابروا الزمان من بوابات الصدفة التي عَهرت الحالة الوطنية، في زمن أصبحت فيه كرامة أرملة الشهيد ورفيقة درب الأسير وجهة نظر في موازين الإرهاب والمسيرة السلمية..

 

لن أقول ارحل يا سيادة الرئيس..

وأنت شاهد حي على ما تبقى من الفكرة التي كانت وطناً معنوياً ورواية شعب

وعنوان قضية وهوية..

فكرة ضاعت في دهاليز اتفاق سلام وأنفاق انقسام وتنسيق والتزامات أَمنية..

 

أمّا وقد وصلنا إلى ما نحن فيه من غربة واغتراب للقضية، في وطن الجوع وقمع الحريات وانهيار الروح المعنوية..

فإني أدعوك يا سيادة الرئيس إلى استحضار الروح السرمدية لشاعر الرواية الفلسطينية التي امتلأت بكل أسباب الرحيل، بعد أن نثرت حروفها نجوماً في فضاءات الحرية..

 

”أما أنا وقد امتلأت بكل أسباب الرحيل فلست لي أنا لست لي أنا لست لي.."

 

هل كانت الروح السرمدية تودع الفكرة أم تودع الجسد؟

ما جدوى البقاء إن كنا قد امتلأنا بكل أسباب الرحيل يا سيادة الرئيس؟