يشعر الفلسطيني فادي عقيلان، صاحب مقهى ومطحنة "برادايس" (الجنة) في قطاع غزة، بالرضا كلما انضم شخص جديد إلى "محبي القهوة"، فزيادة استهلاكها يعني فتح المزيد من شركات إنتاج ما يُوصف أحيانا بـ"الذهب الأسود".
وهو يشرف على تحميص وطعن حبات البن بنكهاتها المتنوعة، ومن أبرزها "الهيل"، يقول عقيلان (35 عاما)، لوكالة الأناضول، إن "تزايد إقبال المواطنين في غزة على احتساء القهوة وتناول الكافيين هربا من توتر الحياة والتعقيدات اليومية ينعش الحالة الاقتصادية، ويفتح أبواب رزق".
وبينما روائح القهوة تنبعث في المكان، يضيف عقيلان، صاحب المقهى والمطحنة التي بدأت عام 2012، أن "الاستهلاك المحلي من القهوة زاد بشكل كبير في غزة خلال الأعوام القليلة الماضية، فوفقا لإحصائيات شركات صناعة وإنتاج القهوة في غزة يستهلك أهالي القطاع نحو 7 أطنان يوميا من القهوة".
وفي غزة، يوجد نحو 30 شركة تستورد البن وتحمصه وتطحنه وتضيف إليه نكهات يعتبرها أصحاب تلك الشركات "سر المهنة"، ومن أبرز أنواع القهوة في القطاع هما البرازيلي والكولومبي.
ويتحدث الشاب الفلسطيني عن "إقبال كثيف على تناول القهوة في غزة، حتى باتت تنافس المشروب الأول، وهو الشاي .. في السنوات القليلة الماضية لم يكن الإقبال على احتساء القهوة بهذا الشكل، أما الآن فالنسبة ترتفع بشكل كبير من عام إلى آخر".
وبجانب أنها صارت مشروب الضيافة في كافة أنواع المناسبات بغزة، يفضل الكثير من أهالي القطاع بدأ يومهم بشرب القهوة.
وفي داخل المقهى الذي يملكه عقيلان يعمل أكثر من 20 عاملا قال إنهم "تمكنوا من إيجاد فرصة العمل هذه بفضل القهوة" التي يتناولها الرجال والنساء وتقدم في الأفراح والمآتم.
وانتشار المقاهي والعديد من شركات إنتاج القهوة يوفر، بحسب عقيلان، "مصادر رزق للعشرات من العاطلين عن العمل".
ووفقا لتقرير صادر عن الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، الشهر الماضي، فإن معدل البطالة في غزة، خلال الربع الأخير من العام الماضي، بلغ 42.8 %، فيما بلغ عدد العاطلين عن العمل قرابة 194.7 ألف.
ويحتضن قطاع غزة نحو 1,9 مليون نسمة على مساحة تبلغ 360 كيلومتر مربع فقط، ما جعله أكثر بقاع العالم اكتظاظا بالسكان.
وخلال العشرة أعوام الماضية، لم يكن في غزة سوى عدد محدود من شركات إنتاج القهوة، غير أن إقبال المواطنين على هذا المشروب زاد من انتشار العمل في مجال صناعة القهوة.
فقد وجد الشاب معاذ رجب (23 عاما) في فتح متجر صغير مع ثلاثة من أصدقائه لتحميص القهوة وبيّعها، فرصة لتوفير مصدر رزق.
وعن هذه الفرصة يقول رجب لوكالة الأناضول: "عملي في القهوة وفر لي ما يكفي من المال لإعانة أسرتي المكونة من تسعة أفراد في ظل مرض أبي".
ويتابع أن "القهوة باتت من أكثر المشروبات المفضلة في غزة، وهذا ما شجعني أنا وأصدقائي على فتح متجر صغير لإنتاج القهوة نستطيع من خلاله أن نوفر لنا دخلا".
ولا يقتصر بيع القهوة داخل المقاهي في غزة، بل انتشر في ميادين وطرقات وحتى على شاطئ بحر غزة، حيث تروج مهنة "صبّاب القهوة" بواسطة "إبريق نحاسي".
وهو يحمل "صباب القهوة" النحاسي، يقول الفتى سيد بكر (16 عاما)، لوكالة الأناضول، إنّ "مرض والدي دفعني أنا وأشقائي إلى العمل في بيع القهوة للسائقين والمارة".
بكر يضيف أن "هناك إقبالا كبيرا على القهوة من قبل المواطنين.. وبيعها، ولو بشكل متقطع، يوفر لأسرتي لقمة عيش كريمة".