الحدث-تل ابيب
لم يُثر قرار المحكمة الإسرائيلية قبول ترشيح الرئيس السابق لحركة "كاخ" اليهودية باروخ مارزيل، إلى انتخابات الكنيست في 17 مارس/آذار الحالي، ردود فعل مهمة داخل الأوساط السياسية والثقافية الإسرائيلية، باستثناء أصوات قليلة احتجّت على القرار. فقد قبلت الأوساط الصهيونية أن يضفي الجهاز القضائي شرعية، على حق الشخص الأكثر تماثلاً وتأييداً مع التنظيمات اليهودية التي عملت، وتعمل، ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية والداخل الفلسطيني.
لقد كان مارزيل الذراع اليمنى للحاخام مئير كهانا، مؤسس حركة "كاخ"، التي دعت إلى طرد الفلسطينيين عبر وضعهم في حافلات وتوجيهها للدول العربية. وعندما اغتيل كاهانا في مدينة نيويورك الأميركية في العام 1991، تولّى مارزيل قيادة الحركة. ومن مقر إقامته في الجيب اليهودي في مدينة الخليل، خطط ونفذ المئات من عمليات الاعتداء على الفلسطينيين داخل الضفة وفي إسرائيل. ولا يوجد من الفلسطينيين في مدينة الخليل وضواحيها من لا يعرف مارزيل، الذي اشتهر بقيادته العصابات اليهودية التي تنكّل حتى الآن بالفلسطينيين، تحت حماية جيش الاحتلال.
" يشارك مارزيل بشكل فعّال في أنشطة منظمة "ليهافا"، التي وصفها موشيه يعالون، بأنها "إرهابية" " وقد عرضت قنوات التلفزة الإسرائيلية خلال العقود الثلاثة الماضية، عشرات المواد البصرية، التي توثق قيام مارزيل بالاعتداء شخصياً على الأهالي في الخليل. ولا تقف الأمور هنا فحسب، بل إن جهاز الاستخبارات الداخلية "الشاباك"، يشتبه في أن لمارزيل علاقة وثيقة بتنظيم "الأمن على الطرق"، وهو تنظيم إرهابي يهودي نشط خلال انتفاضة الأقصى، عبر إطلاقه النار على السيارات الفلسطينية الداخلة والخارجة من الخليل.
كما يشارك مارزيل بشكل فعّال في الأنشطة التي تنفذها منظمة "ليهافا" اليهودية، التي وصفها وزير الأمن الإسرائيلي موشيه يعالون، أخيراً بأنها "إرهابية"، لمسؤوليتها عن إحراق مدارس في مدينة القدس المحتلة، يتعلّم فيها طلاب يهود وفلسطينيون. كما أحرق التنظيم العديد من المساجد والمدارس الفلسطينية، ونفّذ اعتداءات وحشية ضد الفلسطينيين في القدس، تحديداً ضد الذين يعملون في أماكن تعمل فيها نساء يهوديات. وتقوم نظرية "ليهافا" على "منع الاختلاط بين الشباب الفلسطيني والشابات اليهوديات، بأي ثمن، لأنه يؤسس لعلاقات زواج".
وفي السياق، تنظر محكمة إسرائيلية، في اتهامات موجهة لزعيم التنظيم بينتزي غوبشتاين، بعد اتهامه بـ"المسؤولية عن عمليات إرهابية كبيرة داخل الضفة الغربية". ولا يكاد يمرّ عام من دون أن يحرص مارزيل، ورفيق دربه إيتمار بن غفير، على تنظيم مسيرة استفزازية داخل بعض مدن وبلدات فلسطينيي 48، للمطالبة بترحيلهم. وترأس الثنائي مسيرة داخل مدينة أم الفحم، في العام الماضي، للمطالبة بتهجير أهلها خارج حدود فلسطين.
ويدلّ هذا الأمر على أن الخط الفكري الذي يمثله مارزيل بات يمثل التيار الصهيوني العام، خصوصاً في ظلّ ترشحه على قائمة حزب "ياحد"، الذي شكله وزير الداخلية السابق الحاخام إيلي يشاي، المنشقّ عن حركة "شاس". ونظراً لثقته في قدرات مارزيل الاستفزازية، فقد وعد يشاي، بـ"الحرص" على أن يجلس مارزيل في الكنيست المقبل، إلى جانب النائبة العربية حنين الزعبي، من أجل استفزازها واستفزاز زملائها في "الكتلة العربية الموحدة". ومن المؤكد أن مارزيل، كنائب يتمتع بحصانة برلمانية، سيواصل الحملات الممنهجة لتدنيس المسجد الأقصى، خصوصاً أنه يجاهر بموقفه المطالب بتدمير الحرم وإقامة الهيكل على أنقاضه.
وسيُمثل دخوله البرلمان فرصة لزيادة التنافس بين زعماء اليمين، من أجل سنّ القوانين العنصرية. حتى أن الصحفي رفيف دروكير، وصف وجود مارزيل في الكنيست، بـ"التلوث الأخلاقي"، مستهجناً حالة اللامبالاة السياسية والجماهيرية تجاه إمكانية دخوله الكنيست. واعتبر دروكير في مقال نشرته صحيفة "هآرتس" في 22 فبراير/شباط الماضي، أن "إضفاء الشرعية على مشاركة مارزيل في الانتخابات، يعكس مظاهر المرض الذي ينخر المجتمع الإسرائيلي". وهاجم دروكير قرار المحكمة العليا "الجبان"، مشيراً إلى أن "قضاة المحكمة لم يرغبوا بالاصطدام مع اليمين الإسرائيلي.