السبت  23 تشرين الثاني 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

صراع الطاقة الشمسية الفلسطينية وإسرائيل.. سبل النجاة من كارثة الـ 2030 (فيديو)

2020-10-27 04:35:06 PM
صراع الطاقة الشمسية الفلسطينية وإسرائيل.. سبل النجاة من كارثة الـ 2030 (فيديو)
الطاقة الشمسية

الحدث الاقتصادي

في عام 2017 حذر البنك الدولي في تقرير له عن الاقتصاد الفلسطيني وتأثير الطاقة فيه كعامل مهم في النمو الاقتصادي؛ من حدوث كارثة إنسانية واقتصادية مع حلول عام 2030 إذا لم تتوفر الاحتياجات الأساسية من الكهرباء للفلسطينيين في ظل زيادة سنوية في عدد السكان بنسبة 3.5%. وشدد التقرير على ضرورة تشجيع استثمارات القطاع الخاص لتلبية احتياجات الطاقة المستقبلية والاستثمار في مجال الطاقة الشمسية، وأن الاستثمار المطلوب لن يتحقق ما لم تخلق السلطة الفلسطينية وإسرائيل بيئة مواتية مناسبة لذلك.

 بعد ثلاث سنوات من هذا التقرير الذي حذر من وقوع الكارثة؛ فتحت "صحيفة الحدث" ملف الطاقة مع الجهات المسؤولة عن الاستثمار في مجال الطاقة، خاصة وأن الموضوع لم يعد مرتبطا في النمو الاقتصادي فقط، وإنما بالابتزاز السياسي الممارس ضد الفلسطينيين من مدخل التحكم بالطاقة، كما هو الحال في قطاع غزة وأيضا في الضفة الغربية.

يقول رئيس سلطة الطاقة، ظافر ملحم، في مقابلة مع "صحيفة الحدث"، إن الاستراتيجية الفلسطينية في مجال الطاقة تتلخص في الوصول إلى الأمن الطاقي، والذي يعني أن تتوفر الطاقة الكهربائية للمواطنين والمصانع والمنشآت التجارية بشكل مستمر ودون انقطاع أو تذبذب على مدار العام، وهذا يتطلب مصدرا موثوقا للتيار الكهربائي.

وأضاف ملحم أن "الخطة الاستراتيجية في قطاع الطاقة تبنت سياسة تنوع مصادر الطاقة، وتخفيف الاعتماد على مصدر واحد، وهذا من شأنه أن يؤدي إلى تقليل الاعتماد على المصدر الإسرائيلي، ومن أجل تحقيق هذا الهدف، كانت الرؤية بأن الطاقة في فلسطين يجب أن يتم تأمينها من أكثر من مصدر، بالإضافة للمصدر الإسرائيلي الذي لا يمكن الاستغناء عنه في الوقت الحالي".

وتابع ملحم: "في السابق كنا نعتمد على إسرائيل بنسبة 100% في مجال الطاقة، وهذا انخفض في السنوات الأخيرة إلى 87%، وخلال العامين الماضيين زادت مساهمة الطاقة الشمسية بالكهرباء من 5 ميجاوات إلى 90 ميجاوات، وهذا أمر غاية في الأهمية، والآن تشكل الطاقة الشمسية حوالي 3% من احتياجات فلسطين للطاقة، والهدف الاستراتيجي هو الوصول إلى الاعتماد على الطاقة الشمسية بنسبة 20% حتى عام 2025".

 وبيّن ملحم أن الانفكاك التدريجي عن الإسرائيليين في مجال الطاقة يتطلب بناء محطات طاقة شمسية لتوليد الطاقة الكهربائية، وأيضا محطات تعمل بالغاز الطبيعي أو الوقود الصناعي.

وشدد على أنه "يجب أن تتوفر بنية تحتية كهربائية من شبكات نقل وتوزيع قادرة على استيعاب المصادر المتعددة للطاقة، وقد تم بناء 4 محطات تحويل في الخليل وجنين ونابلس ورام الله، وهذه المحطات تساهم في استيعاب قدرات أكبر من مصادر طاقة فلسطينية".

وأشار رئيس سلطة الطاقة إلى أن الإسرائيليين يحاولون إعاقة مشاريع الانفكاك في مجال الطاقة، فمثلا: بعض محطات التحويل جاهزة للعمل منذ عام 2016 لكن تشغيلها تم في 2020 بسبب التأخير الإسرائيلي والمعيقات المتمثلة في التصاريح والموافقات لربط هذه المحطات والتوصل إلى اتفاقية لتشغيلها بشروط لا تنسجم مع طموحاتنا.

 وبحسب ملحم، "هناك ضرورة لبناء نظام كهربائي متكامل من خلال ربط مراكز الأحمال والمدن الفلسطينية ببعضها البعض بشبكة نقل فلسطينية على الجهد العالي، وبناء هذه الشبكات يحتاج للمرور من المناطق المصنفة (ج) بحسب اتفاق أوسلو، وهذا ما قد يواجه بمعيقات إسرائيلية، وقد حاولنا في السابق العمل في هذه المناطق وكان الاحتلال يقوم بملاحقة العاملين ومصادرة معدّاتهم، ولكن بالنهاية تمكنا من إتمام العمل".

 وتابع ملحم قائلا: "شبكات النقل بحاجة لمعدات ثقيلة ولا يمكن إخفاؤها، وما دامت هناك سيطرة إسرائيلية في مناطق (ج) قد يكون من الصعب إتمام مثل هذا المشروع، وفي عام 2017 تقدمنا بطلب بناء خط ناقل بين محطة الجلمة ومحطة صرة في نابلس لنقل الكهرباء من الجلمة إلى نابلس ولم نتلقى حتى الآن أي رد".

 ويعتقد رئيس سلطة الطاقة، ملحم، أنه في صالح الإسرائيليين أن يبقى هناك اعتماد عليهم كمصدر وحيد للطاقة، لأسباب اقتصادية وسياسية وخدماتية، وهم معنيون بالتحكم في الفلسطيني في مجال الطاقة، كما أن هذا يشكل دخلا مهما لشركة كهرباء إسرائيل خاصة وأن الفلسطينيين يستهلكون 6% من الكهرباء المنتجة في إسرائيل، كما يتم استخدام الكهرباء للضغط على الفلسطينيين سياسيا كما الحال في قطاع غزة، فقد أوقفوا أكثر من مرة توريد الوقود لمحطة التوليد وقصفوها في 2006 و 2014 بطريقة متعمدة أحدثت أضرارا كبيرة فيها.

وعلى طريق الانفكاك وتقليل الاعتماد على المصدر الإسرائيلي في الطاقة، قال ملحم: "نقوم بترخيص كل مشاريع الطاقة الشمسية التي تصل لنا، ونشجع استخدام هذا النوع من الطاقة بما يتناسب والمعطيات الفنية. هناك تعليمات من الحكومة وسلطة الطاقة بتنظيم استخدام الطاقة الشمسية بما يسمح بتسهيل مهام المطورين والمستثمرين، وقد شجعنا تركيب مشاريع طاقة شمسية على أسطح المؤسسات الحكومية والمدارس والمراكز الصحية، وقمنا بتركيب مشاريع طاقة شمسية على أسطح 200 مدرسة، وهناك مشاريع طاقة شمسية لـ500 مدرسة تنفذ عن طريق صندوق الاستثمار الفلسطيني، وقمنا بتغطية كل المؤسسات الطبية في قطاع غزة بالطاقة الشمسية".

وختم ملحم بتوضيح دور "الصندوق الدوار" في تركيب مشاريع طاقة شمسية للبيوت والمؤسسات الصغيرة ومتوسطة الحجم، وبدل أن يدفع المستفيد فاتورة كهرباء، يقوم بتسديد قسط من ثمن المشروع، والعائد يتم استخدامه في مشاريع طاقة شمسية أخرى، وهناك مشاريع مع الفرنسيين والأوربيين يقومون من خلالها بتغطية الفائدة على القروض في ما يتعلق بمشاريع الطاقة البديلة".

ويؤكد رئيس مجلس إدارة الشركة الفلسطينية لنقل الكهرباء، زياد جويلس، في مقابلة مع "الحدث"، أن الإسرائيليين غير معنيين بحصول الفلسطيني على كمية طاقة، التي تمكنه من الاستثمار والتصنيع والقيام بمشاريع تحقق التنمية الاقتصادية القادرة على محاربة الفقر والبطالة، ولذلك يقومون بتوريد الطاقة بالحد الأدنى للحياة كمتطلب حيوي، ويضعون المعوقات أمام إمكانية تحقيق الانفكاك الكهربائي، الذي يساهم في تحسين الواقع الاقتصادي.

وأضاف جويلس: "الطاقة قطاع سيادي ولا يمكن فصله عن السياسة، وله علاقة بمجمل حياة الدولة والوضع الاقتصادي ومستوى حياة السكان، والمشكلة أن النقص في الطاقة يعيق كل ما سبق. التطور التكنولوجي ووجود أجهزة كهربائية لاستخدامات متعددة ساهم في زيادة الطلب على الطاقة، وفي ظل النقص، لا يمكن للفرد العادي الاستفادة من هذه الأجهزة".

 وأوضح أن "أمن الطاقة يشمل استقرار الطاقة والانفكاك عن الإسرائيليين، وفي سياق الانفكاك هناك مشاريع طاقة شمسية متزايدة سواء في قطاع غزة أو الضفة الغربية. مشاريع الطاقة الشمسية تساعد في توفير الأمن الطاقي، وهي في تصاعد مستمر وهناك إمكانية واعدة للاستفادة من الطاقة الشمسية خاصة وأن الدراسات تشير إلى أن فلسطين تتعرض للشمس 360 يوما من أصل 365 يوما في السنة".

وتابع رئيس مجلس إدارة الشركة الفلسطينية لنقل الكهرباء قائلا: "في السنوات الأخيرة برز مستثمرون ومطورون صادقون، بدأوا بالاستثمار في قطاع الطاقة الشمسية، ويوجد محطات في معظم مدن الضفة الغربية، ويدور الحديث عن محطات جديدة، وهناك حراك جدي لإنتاج الطاقة الكهربائية من الطاقة الشمسية".

وحول دور شركة النقل في سياق الانفكاك، قال إن شركة النقل هي شركة حكومية تم إنشاؤها وتأسيسها لتكون الناقل الوطني الفلسطيني الوحيد في جميع الأراضي الفلسطينية، والهدف من تأسيسها أن تكون المشتري الوحيد للطاقة من كل مصادرها، سواء من الإسرائيليين أو الأردنيين أو المصريين أو الطاقة الشمسية، وهي تنقل الطاقة إلى جميع نقاط التوزيع لجميع شركات التوزيع، وتتحكم في عملية نقل الكهرباء وتوحيد التعرفة بين جميع المناطق.

 واعتبر جويلس أن "من المهم التركيز على الطاقة الشمسية، وبحسب اطلاعي، فإن رئيس الوزراء محمد اشتية يؤكد في كافة الاجتماعات ذات العلاقة بقطاع الطاقة، سواء مع شركة النقل أو شركات التوزيع أو المطورين وحتى في الاجتماعات الحكومية، على أن الطاقة الشمسية طاقة واعدة على المستوى الفلسطيني في ضوء المعطيات المتعلقة بطبيعة مناخ فلسطين، وينظر لها على أنها مكمل استراتيجي في مجال الطاقة بسبب عدم تمكن الفلسطينيين من توليد الطاقة".

ويشدد مساعد المدير العام للشؤون الفنية في شركة كهرباء القدس، منصور نصار، على أن الانفكاك عن إسرائيل في مجال الطاقة، مشروع طويل الأمد، وهو ممكن في حال تم بناء محطات توليد طاقة كهربائية في شمال وجنوب ووسط الضفة الغربية.

وأوضح نصار أنه "إذا تم بناء محطات توليد وربطها بخطوط نقل، يمكن الانفكاك عن إسرائيل خلال 10 أو 15 سنة، ولأنه لا يوجد ربط مع الدول العربية القريبة في مجال الطاقة الكهربائية، تبقى الطاقة الشمسية هي الخيار والبديل الوحيد، لأن الربط مع الدول العربية بحاجة إلى موافقة إسرائيلية".

وأكد مساعد المدير العام للشؤون الفنية في شركة كهرباء القدس، في مقابلة مع "صحيفة الحدث"، أن الطاقة الشمسية هي الخيار الوحيد المتاح، الذي يساهم في الانفكاك الطاقي عن إسرائيل،  لكن توسيع الاعتماد على الطاقة الشمسية يحتاج إلى جهد كبير.

في المقابل، يؤكد رئيس اتحاد صناعات الطاقة المتجددة، حسن أبو لبدة، أن الحكومة والسلطة لا تضغطان باتجاه أن تكون خلال سنة أو سنتين، ثلث الطاقة المستهلكة بفلسطين مصدرها الطاقة الشمسية، ولا تتوفر الإرادة السياسية لمنح القطاع الخاص الفرصة لبناء محطات طاقة شمسية تتجاوز 500 ميجاوات بمجموعها وهذا يمكن استثماره خلال سنتين والقطاع الخاص تواق لذلك.

 وقال أبو لبدة في مقابلة مع "الحدث" إن "أزمة الطاقة في فلسطين مركبة وأبرز أسبابها أن كمية الطاقة الموردة محدودة وتوفر فقط 89% من الحاجة للكهرباء، وهناك إشكالية كبيرة في غزة في أن محطة الكهرباء غير مستقرة من حيث قدرة التوليد وتوفر المواد الأولية لتشغيلها، وفي الضفة، شبكة الكهرباء قديمة مهترئة وفاقدها عال جدا".

وبحسب رئيس اتحاد صناعات الطاقة المتجددة، "النقص في التوريد يمكن حله من خلال الطاقة الشمسية إذا تم بناء وإدارة محطات الطاقة الشمسية بشكل معقول نستطيع من خلاله تزويد الكهرباء بشكل ممتاز لمزودي الكهرباء، وهؤلاء يجب أن يكون لديهم نظام لإدارة شبكاتهم بما يضمن توزيع الكهرباء في حالة النقص".

 ويقترح أبو لبدة على الحكومة تجاوز عقدة المساحات الكبيرة وأيضا الاعتبارات السياسية في ما يتعلق بمناطق (ج) من خلال دعم المشاريع الصغيرة في تلك المناطق ومن ضمنها انتشار ألواح الطاقة الشمسية على الأسطح سواء على أسطح المباني الخاصة والعامة والمساحات المتوفرة.

وأوضح أن "الجوانب الفنية يمكن معالجتها من قبل جميع الجهات ذات العلاقة، لكن الأمر بحاجة فقط إلى إرادة سياسية، ويجب على الحكومة المساهمة في إنشاء الخطوط من المحطات إلى نقاط التوزيع، لأن هذه الخطوط ستتحول في النهاية إلى شركة النقل الكهربائية".