الحدث - سوار عبد ربه
تردد مؤخرا على لسان مسؤولين في حركتي فتح وحماس حديثا حول قائمة مشتركة وواحدة بينهما، لخوض انتخابات المجلس التشريعي، الأمر الذي لاقى ترحيبا من جهة، ومن جهة أخرى استبعده كثيرون؛ مستشهدين بتجارب سابقة لمحاولة إنهاء الانقسام والمضي قدما في الانتخابات.
أبرز هذه التصريحات كانت لرئيس المكتب السياسي لحركة حماس، إسماعيل هنية، الذي قال: "إن حركته وحركة فتح تدرسان إجراء قائمة مشتركة في الانتخابات المقرر إجراؤها العام المقبل للمرة الأولى منذ انتخابات 2006".
أما نائب أمين سر اللجنة المركزية لحركة فتح صبري صيدم فقال، في بيان، عقب اجتماعه مع قيادات من الحركة، "إن جولات الحوار الوطني لم تتناول تشكيل قائمة مشتركة تجمع فتح وحماس لخوض الانتخابات التشريعية المقبلة".
بدوره، قال رئيس المجلس التشريعي الفلسطيني د. عزيز دويك، إن هناك مخاوف رهيبة جدا من أي انتخابات فلسطينية في المستقبل، "ما يجعل خيار القائمة المشتركة أضعف الإيمان بهذه الحالة".
حول هذا يقول المحلل السياسي ناجي شكري الظاظا: "في تقديري، أي حالة توافق وطني هي حالة مرحلية للخروج من حالة الانقسام وبالتالي إذا استطاعت حركتا حماس وفتح الوصول إلى هذه النقطة سنكون قد تجاوزنا مرحلة الانقسام إلى مرحلة وسيطة لا أرى أنها تستمر طويلا".
وأضاف: "هذه المرحلة مهمة لتشكيل بنية سياسية قابلة لقبول الآخر والتعددية السياسية".
وإن كان هناك من يرى أن القائمة المشتركة ستكون حلا لإنهاء الانقسام والدخول في مرحلة سياسية جديدة، إلا أنها من جانب آخر ستكون على حساب خلق مشكلات جديدة تتمثل في هيمنة الفصيلين الأكبر في فلسطين، واقصاء الأحزاب الصغيرة والأصوات المعارضة.
في هذا الشأن يقول المحلل السياسي: "حالة الوحدة الوطنية ليست رفاهية في التفكير، الخروج من الانقسام هو أمر ملح وبالتالي تقليل المصادر وتقليل المشاكل هو هدف استراتيجي في هذه المرحلة ولا يمكن الحديث عن إنهاء كل مشاكل الشعب الفلسطيني طالما أن الاحتلال موجود، مؤكدا على أن التنافس الحقيقي هو مع الاحتلال فقط وما دون ذلك مشاكل موجودة في كل الشعوب والبيئات السياسية ولا يمكن لأي بيئة سياسية نشطة أن تكون غير قابلة للاختلاف السياسي.
في سياق آخر يقول المحلل السياسي عادل سمارة لـ"الحدث": "لو فرضنا أن القائمة المشتركة جرت، سيكون هذا بمثابة تقاسم للبلد، وأخشى أن يكون تقاسما غريبا، فمثلا من الممكن أن تبقى سلطة هنا وسلطة هناك وتصبح فدرالية ما بين السلطتين والاثنتين تكونا جزءا من أوسلو التابع للكيان الصهيوني".
من جانب آخر، لقيت القائمة المشتركة بين حركتي حماس وفتح انتقادات كثيرة من اليسار الفلسطيني معتبرين أنها محاصصة وتقاسم.
فقال عضو المكتب السياسي للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين جميل مزهر: "إن الحوار الشامل هو الطريق لإنهاء الانقسام، لكن الثنائية والمحاصصة بين فتح وحماس لن تؤسس لمستقبل يُنهي الانقسام"، مؤكدا أن الجبهة الشعبية ستكون قوة دفع للمصالحة الحقيقية لا المصالحة الثنائية.
وأكد نائب الأمين العام للجبهة الديمقراطية قيس عبد الكريم أبو ليلى على ضرورة إجراء الانتخابات وفق التمثيل النسبي الكامل حسب رأيه، مشيراً الى أن الجميع في حالة تحرر وطني، وبالتالي يجب أن تكون الانتخابات ممثلة لجميع القوى الفاعلة.
يقول المحلل السياسي الظاظا، إن العمل السياسي كما العمل الثوري وكل فصيل يقدم للبيئة السياسية والحاضنة الشعبية ما لديه من قوة وما لديه من برامج، "وأنا في تقديري أن التجارب الانتخابية السابقة أثبتت بشكل واضح أن الأحزاب اليسارية يتم استقطابها ذاتيا حول برنامج سياسي يتناغم مع أفكارها في النهاية".
ويضيف: في تجارب انتخابية سابقة عندما كانت تطرح البرامج السياسية شكل اليسار تحالفا بين أحزابه باعتبار أن ما يقدمه من برامج سياسية غالبا يتلاءم مع فكرة اليسار أكثر مما يتناغم مع الاستقطاب تجاه حركتي فتح وحماس.
أما المحلل السياسي عادل سمارة فيرى أن القوى اليسارية تستحق أن تهمل لأنه من الأساس كان يجب ألا توافق على أوسلو ولا تشارك بالانتخابات لأنها تطرح نفسها على أنها ضد أوسلو ولا يمكن أن تكون معها وضدها في وقت واحد، وبالتالي اليسار الحقيقي يجب أن يكون رافضا ويجب أن يكون في محور المقاومة والممانعة فقط.
صفقة القرن، التطبيع العربي مع الاحتلال، تراجع الدعم العربي للسلطة الفلسطينية، مخططات الضم، وغيرها، أمور تدفع الفلسطينيين للمضي بجدية في الانتخابات، وبحسب الظاظا: "الوضع الحالي يختلف بشكل أساسي باعتبار أن حركتي حماس وفتح وصلتا إلى قناعة كبيرة وواسعة وعميقة بأن واحدة منهما لا يمكن أن تدير الشأن الفلسطيني منفردا وأن الشراكة الوطنية أساس لمواجهة مخططات الاحتلال والتطبيع وقرار الضم وصفقة القرن".
من جهته يعتقد المحلل السياسي عادل سمارة أن الرد على صفقة القرن وضخامتها وخطورتها لا يكون بمصالحة بين مختارين أو عشيرتين ولا يرد عليها بانتخابات في الأراضي المحتلة معتبرا أن هذا تكريس لأوسلو.
واعتبر سمارة أن الرد على صفقة القرن يقوم على عوامل واضحة ومحددة أولا: "اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير يجب ألا تكون داخل الأرض المحتلة لكي تعود منظمة التحرير ممثلة للشعب الفلسطيني أو ممثلة لشارة النضال الوطني للكل الفلسطيني وبهذه الحالة تبقى سلطة أوسلو هنا وكحكم ذاتي يقبلها الاحتلال أو لا هذا موضوع آخر".
وثانيا تنضم المنظمة إلى محور الممانعة أو على الأقل تكون خارج مظلة الاحتلال مشيرا إلى أن الانتخابات هي إلهاء ولعب.
ويوضح سمارة أننا نحتاج إلى موقف واضح ومحدد بمعنى أن تكون منظمة التحرير في الخارج وهنا تعمل الناس وتناضل بالشكل المناسب كأن تكون عمليات مسلحة وكتابة مقالات ومقاطعة، المهم ألا نكون أداة في يد الاحتلال.
القائمة المشتركة فكرة قديمة لم تنفذ، فما الجديد؟
أكد القيادي في حركة فتح والوزير السابق سفيان أبو زايدة أن "القائمة المشتركة فكرة قديمة اقترحها الرئيس محمود عباس على حماس عام ٢٠١٢ كي تطمئن بعدم وجود مؤامرة لإبعادها عن السلطة على حد قوله، مقابل أن يكون أبو مازن مرشح الرئاسة الوحيد والمتفق عليه من الطرفين، هذا الاقتراح رفضته حماس في حينه".
وفي هذا الشأن يقول المحلل السياسي ناجي شكري الظاظا: الانتخابات الرئاسية تختلف عن انتخابات المجلس التشريعي أو حتى عن انتخابات المجلس الوطني وحينها تم الاتفاق على أن تكون نسبية بشكل كامل أي قوائم، وانتخابات الرئاسة تكون بمرشح فردي وبالتالي بالتأكيد تختلف عن عام 2012 مشيرا إلى أنه بكل الأحوال البيئة السياسية الفلسطينية كلها اختلفت عن عام 2012 حيث كانت قمة الانقسام الفلسطيني.
بدوره، أرجع المحلل السياسي عادل سمارة هذا الأمر إلى احتمالين: أولا حماس غدت في مأزق معين في سلطتها على قطاع غزة وربما المصالحة تخفف الضغوطات على حماس من السلطة والاحتلال، أو أن حماس تعتقد أنه إذا حدثت انتخابات ستكسب السلطة في المكانين.
ولا يرى سمارة نوايا حسنة في العلاقة ما بين الطرفين تجاه بعضهم البعض.
من جانب آخر قال: "حماس على علاقة تحالفية قوية مع قطر وتركيا وكلاهما تعترفان بالكيان الصهيوني وبالتالي يريدون حل التسوية، والسلطة على علاقة مع الإمارات والسعودية وكلاهما تريدان الحل والتسوية، فكل طرف متحالف مع طرفه وهذه الأطراف أدوات لأمريكا".
حول آلية وطريقة مشاركة المقدسيين في الانتخابات يقول المحلل السياسي المقدسي راسم عبيدات: يجري اقتراع فلسطيني على تمثيل المقدسيين في مناطق داخل جدار الفصل العنصري حيث تكون صناديق اقتراع.
ويؤكد عبيدات أن عملية المشاركة ليست من خلال أن توضع صناديق الاقتراع خارج جدار الفصل العنصري أي داخل المنطقة المصنفة على أنها تحت سيطرة بلدية الاحتلال.
ويضيف المحلل السياسي: إذا كانت الانتخابات ستجري وفق التمثيل النسبي الشامل سيكون مرشحون من مدينة القدس من داخل مناطق جدار الفصل العنصري ضمن القائمة العامة التي تشكل الانتخابات.
ويتابع: أنا لا أحبذ أي مشاركة تستجيب لإملاءات الاحتلال وشروط الولايات المتحدة الأمريكية بمعنى أن تكون مشاركة المقدسيين خارج جدار الفصل العنصري والترشيح والانتخاب، عبر صناديق الاقتراع كذلك، مضيفا أنه لا مانع من أن تكون المشاركة عبر البريد الإلكتروني أو وسائل التواصل الاجتماعي كأن يتم إعطاء الناخبين رمزا معينا يجري التصويت من خلاله.
ويعتقد عبيدات جازما "في إطار الصراع يجب أن يكون لدينا موقف بالإصرار على أن يشارك المقدسيون".
اعتبرت الناشطة النسوية والأكاديمية في جامعة بيرزيت رلى أبو دحو أن الانتخابات بشكلها الحالي ما هي إلا تقاسم وإدارة للتقاسم، وهنا من غير الجدير الحديث عن المرأة أو الرجل لأنه بحسب قولها الوطن يباع فموقفها نابع من منطلق وطني وليس من منطلق نسوي.
وقالت أبو دحو: "المؤسسات النسوية جزء من التقاسم وهذا التقاسم من الأساس هو إشكالية على المستوى الوطني ولا يوجد قيمة للحديث عن تواجد النساء في القوائم".
وترى الناشطة النسوية أن النساء أداة في الانتخابات لتجميل شكل القوائم وإظهار الالتزام بالكوتا
وتتساءل ماذا فعلت سلطة فتح للنساء؟ معتبرة أنه لا يوجد قانون حماية أسرة جيد، ولا يوجد قانون أحوال شخصية جيد، ولا يوجد من يحاسب من يقتل النساء.
وأكدت أبو دحو أنها نسوية والهم الوطني هو الذي يحركها وليس الهم النسوي مشيرة إلى أن الهم النسوي جزء من الهم الوطني والعكس صحيح حيث لا يمكن الفصل بين هذين الهمين.
أما الناشطة في حقوق الإنسان والمرأة ابتسام زيدان فترى أنه من غير المعقول أن يشكل الفصيلين قوائم دون وجود نساء، وحركة فتح بالأساس هي فصيل من فصائل منظمة التحرير التي قررت بأن تكون الكوتا النسوية 30% بأي انتخابات تحدث، هذا في حال كانت القائمة مغلقة وليست مفتوحة، موضحة أنه إذا كانت القائمة مفتوحة فحظوظ النساء تكون قليلة لأن القائمة المفتوحة تعطي الحق للتصويت لأي للشخص.
وحول دور المؤسسات النسوية في الانتخابات توضح زيدان: المؤسسات النسوية إلى جانب مؤسسات المجتمع المدني تعمل بجدية من ناحية توعية النساء في موضوع الانتخابات، ومن ينتبه إلى موضوع الكوتا والنسب سيدرك أنها بجهود المؤسسات النسوية.
والانتخابات الماضية كان الاتحاد العام يرأس ائتلافا من الحركة النسوية كاملة، ولولا عمل النساء في تلك الفترة لما تواجدت النساء في القوائم؛ جاء هذا نتيجة الضغط الكبير من النساء وحينها اتفق على أن تكون 20% في القوائم نساء.
وتضيف زيدان: "الأحزاب تقول إنها مع المرأة وداعمة لها، لكن إذا حدثت مفاوضات على سبيل المثال لا يطلب من المرأة أن تفاوض، بمعنى أن المرأة حاضرة ولكن دورها محدود".
وتعتقد الناشطة النسوية أن وضع المرأة في الوقت الحالي أفضل من السابق وأنه في تقدم مستمر، فاليوم بتنا نرى الوزيرات، السفيرات، والمديرات العامات وغيرها من المراكز المهمة التي تقودها النساء.
ومن المقرر أن يلتقي الأمناء العامون للفصائل الفلسطينية مرة أخرى للاتفاق حول آليات الانتخابات القادمة ومشروع القرار المنظم لها.
ورغم التقدم الكبير الذي أحرزته حركتا فتح وحماس خلال اللقاءات التي جمعت بينهما من أجل المصالحة، لم يزل موعد الاجتماع القادم للأمناء العامين للفصائل الفلسطينية غير معلوم.