الثلاثاء  26 تشرين الثاني 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

رفح: مكب نفايات "صوفاه" بيئة ملوثة تجتذب عشرات الفقراء

2015-03-08 11:58:49 AM
رفح: مكب نفايات
صورة ارشيفية
الحدث - محمد مصطفى
 
وصل الفقر والعوز في بعض مناطق قطاع غزة إلى درجة لا يمكن لأحد تخيلها، بحيث باتت العائلات الفقيرة ترسل أبنائها للبحث عن أي شيء يمكن بيعه وتحصيل مالا من ورائه، حتى وإن كان ذلك في أكثر مناطق القطاع تلوثاً وخطورة.
 
فما كان من الفتية والأطفال وحتى بعض الشبان، إلا أن قصدوا ما يسمى محلياً بمكب نفايات "صوفاه"، وهو أكبر مجمع للنفايات الصلبة في منطقة جنوب قطاع غزة.
 
المكان يبدو صادماً للوهلة الأولى، فالمكب لم يعد قادراً على استيعاب كميات النفايات المتزايدة التي تصله يومياً، وبدت تلك النفايات متراكمة، ومرتفعة لأكثر من 20 متر في بعض المناطق.
 
مهبطا للفقراء
ولم تمنع الروائح الكريهة والتلوث البيئي الكبير والخطير، العشرات من الأطفال والفتية وحتى النساء، من التوافد إلى المكب، بحثاً عما يمكنهم استغلاله سواء بهدف بيعه، أو من أجل استخدامه على صعيد الأسرة.
 
ففي كل زاوية أو جانب من المكب، كان ينتشر هؤلاء، بعضهم جلب عربات كاروا واستوقفوها جانباً، لنقل ما يجدونه صالحاً بين أكوام النفايات إليها، وآخرون يضعون ما يعثرون عليه في شوالات كبيرة.
 
الفتى "ناصر"، يبلغ من العمر 14 عاما، كان ينبش أكوام النفايات بيديه، باحثاً عن قطع معدنية بهدف جمعها وبيعها لبعض المصانع، التي تهتم بجمع "الخردة المعدنية".
 
وبين ناصر ورفض ذكر اسمه كاملاً، أنه كثيراً ما يجد خلال بحثه أواني زجاجية وأطباق أو أدوات منزلية أخرى، وهذا يقوم بنقله إلى البيت، حيث تقوم والدته بتنظيفه، واستخدامه في المنزل.
 
وبين أنه يتوجه في معظم الأيام إلى المكب، "المليء بالخيرات"، على حد تعبيره، ليبحث عما يمكنه بيعه ومساعدة عائلته الفقيرة بثمنه، منوهاً إلى أنه لم يعد يتأثر بالرائحة، وقد ألف المكان واعتاد عليه.
 
وتعاون صديقان على إخراج قطعة معدنية كبيرة، يبدو أنها بقايا مقعد مدرسي، من تحت أكوام النفايات، وراحا ينقلانها إلى عربة الكارو بعد سحبها.
 
ويقول الفتيان: إنهما يأتيان إلى المكب معظم أيام الأسبوع، ويقضيان ساعات وهما يبحثان عما يمكن الاستفادة منه، موضحين أنهما كثيراً ما وجدا حاجيات جيدة أو ثمينة، وكما صدفا أشياء يمكن استخدامها على صعيد المنزل.
 
وأوضح أحدهما ويدعى بكر، أن المكب يحتوي على الكثير من الأشياء الصالحة للبيع والاستخدام، بعضها ألقي عمداً من عائلات غنية، وأخرى تم جمعها وإلقائها مع نفايات المنزل دون قصد من ملاكها، وجميعها تصل المكب، مبيناً أنه سمع عن عثور بعض الأشخاص على حلي ذهبي ونقود معدنية وورقية، وأشياء ثمينة، لكنه شخصياً لم يعثر على أشياء مماثلة.
 
أما رفيقه عبد الناصر، فقد بدا مجبراً على العمل في المكب، يتمنى لو غادره بلا رجعة، مشتكياً من إصابته بحكة جلدية مستديمة، وضيق في النفس، وغثيان مستمر جراء قوة الرائحة المنبعثة من المكان.
 
وأوضح أنه يضطر للمجيء إلى المكب بإيعاز من ذويه، ليبحث عن أشياء يمكن بيعها، لمساعدة عائلته.
 
وتنتشر في محيط المكب المئات من الطيور الجارحة والعصافير الصغيرة، التي وجدت في المكان بيئة ملائمة توفر لها الغذاء، ما يجتذب بعضاً من الصيادين إلى المنطقة، لصيدها.
 
بيئة ملوثة
من جانبه أكد م. أسامة أبو نقيرة، مدير دائرة الصحة والبيئة في بلدية رفح، أن المكب المذكور امتلئ عن آخره، منذ سنوات، ولم يعد يستوعب كميات النفايات التي تصل إليه، ما اضطر البلدية وبتعاون مع العديد من الجهات للبحث عن حلول، إلى أن استقروا على مشروع تدعمه جهة مانحة، يتمثل في توسيع حجم المكب، عبر شراء أراضي جديدة في محيطه على مرحلتين، إضافة إلى الاستمرار في عمل مصنع تدوير وفرز النفايات الصلبة في حي تل السلطان غرب رفح، والذي يمكنه التخلص من جزء كبير من النفايات التي تنتجها مدينة رفح.
 
وبين أبو نقيرة أنه ولحين الانتهاء من المشروع المذكور، يستقبل المكب أكثر من 180 طن من النفايات الصلبة بصورة يومية، وهذا تسبب في تكون تلال من النفايات الخطيرة.
 
وأشار إلى أن المكب والبيئة المحيطة به ملوثة، وهو يشكل خطر على كل من يقترب منه، سواء أخطار صحية جراء انتشار الجراثيم والبكتيريا الضارة، أو من خلال وجود أجسام حادة وربما متفجرة، قد تلحق أذى بمن ينبشون القمامة.
 
وأكد أن البلدية بالتعاون مع الجهات الأمنية، حاولت مراراً وتكراراً منع ظاهرة وصول الفتية للمكب، لكن صعوبة المنطقة الأمنية الملاصقة لخط التحديد، يجعل من هكذا مهمة أشبه بالمستحيلة.