الحدث- غزة
في قلب أحد أشهر وأقدم الأحياء السكنية بمدينة غزة، تنتصب شجرة معمّرة، لا تكف الأجيال المتعاقبة عن سرد الحكايات الغريبة حول تاريخها، حتى بلغ الشائع حد استحالة قطعها وإزالتها من مكانها.
على مفترق أربعة طرق رئيسية، تقع شجرة من فصيلة "السدر" (النبق)، يطلق عليها محلياً اسم "السدرة"، وسط حي "الدرج" شرقي مدينة غزة، وقد أحيطت من قبل البلدية بسور حديدي.
ولهذه الشجرة، التي يتجاوز عمرها الـ200 عام أو ربما يزيد، كما قال عبد الرحيم أبو القمبز، مدير الصحة والبيئة في بلدية غزة، الكثير من القصص والروايات التي يتناقلها سكان الحي.
أضاف أبو القمبز، أن "أكثر الحكايات حول الشجرة وما يُروى عنها، بعيد عن الواقع.. خيالي إلى أبعد حد".
ويتناقل السكان رواية شهيرة تقول إن بلدية غزة حاولت قطع الشجرة أكثر من مرة، لكن الجرافة التي كانت على وشك البدء في مهمتها، تعطلت فيما أصيب سائقها بفعل "بركة الشجرة".
لكن أبو القمبز ينفي بشدة هذه الرواية، قائلاً: "لم نفكر يوماً في إزالتها (الشجرة)، فهي معلم من معالم قطاع غزة، ومن مهمتنا الحفاظ عليها".
وعن تاريخ تلك الشجرة، أوضح أن "السدرة هي أقدم شجرة في غزة.. لا يوجد أقدم منها، ربما هناك شجر زيتون لدى بعض العائلات، لكن في مفترقات الطرق، والشوارع، لا يوجد أقدم من هذه الشجرة".
وتابع:"الشجرة ستبقى إلى أن يشاء الله، فهي أولا تقع بين مفترق طرق، ولا تعيق حركة السير أبداً، وشكلها هندسياً لا يتعارض مع أية تحسينات في الشارع والحي، والأهم أنها صارت معلما من معالم غزة وجزء من تاريخها".
و"تمتد جذور الشجرة أسفل الأرض لعشرات الأمتار، الأمر الذي يجعل من انتزاعها أمراً مستحيلاً"، وفق أبو القمبز.
ووفقاً لنشرة وزعتها بلدية غزة عن آثار المدينة، فإن الشجرة تسمى باسم "سدرة الخروبي"، نسبة إلى عائلة "الخروبي"، التي يقال إن أحد أسلافها زرع تلك الشجرة.
وحتى اليوم، ما تزال الشجرة تلقي بعض ثمارها (نبق)، ويسكن أغصانها المئات من أنواع الطيور.
قنن تحدث عن الشجرة قائلاً، إن "هناك قبوراً لأولياء صالحين تحتها"، مضيفاً: "أذكر جيداً ما رواه جدي عن أن تلك الشجرة مباركة، ولا يستطيع أحد أن يقتلعها".
وبحسب قنن، فإن "الكثير من المواطنين يقطفون أوراق شجرة السدرة التي يقول عطارون إنّها مفيدة للعلاج من أمراض عضوية ونفسية".
وتقول إحدى الروايات التي يتناقلها سكان حي "الدرج"، إن قبور "الأولياء الصالحين" الواقعة تحت الشجرة، "تحميها من الاقتلاع أو مسها بسوء".
وشجرة السدر ورد ذكرها في القرآن الكريم، حيث قال: "وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى، عِندَ سِدْرَةِ المُنتَهَى، عِندَهَا جَنَّةُ المَأْوَى، إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى، مَا زَاغَ البَصَرُ وَمَا طَغَى، لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الكُبْرَى"، حيث أن المقصود بـ"سدرة المنتهى" شجرة سدر عظيمة تقع في الجنة.