الحدث – محمد فايق
تعمل سماح أحمد (42 عاما)، منذ الصباح الباكر في حقل الفول خاصتها في الأغوار الفلسطينية، غير مكترثة بما يأتي ذكراه في هذا اليوم، الذي يصادف يوم المرأة العالمي، حيث يحتفل به العالم بانجازات المرأة على جميع الأصعدة السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية.
تنتقل أحمد بين أتلام الفول وابنها الذي لم يتجاوز الثانية من عمره، يلاحقها ماسكا بطرف ثوبها، قائلة: "أي يوم هذا الذي يحتفل به العالم بيوم النساء، نحن لا نريد احتفالات وأقوال، احتفالنا يكون بأخد حقوقنا الاجتماعية والنظر لنا بعين العدالة بيننا وبين الرجل وحتى بيننا وبين غيرنا من النساء".
وتتساءل: "أعمل في الحقل والمنزل وأساعد زوجي في الزراعة، وهو لا يساعدني في المنزل كيف هذا؟".
تتابع مستهجنة من الوضع: "في ذات يوم قام زوجي لمساعدتي في أمور المنزل لأني كنت مريضة، وعندما رأته حماتي عاتبته (..)، فالرجل هو من لا يعمل في المنزل ولا يساند زوجته هكذا ينظر له عندنا".
وتعمل أحمد منذ الصباح على تجهيز أطفالها للذهاب إلى المدرسة، ومن ثم تعمل على تقديم الطعام للأغنام، وحلبها والقيام بعمل الجبنة إضافة الى العمل في الحقل، جنبا إلى جنب مع زوجها، ويضاف لها القيام بالأعمال المنزلية.
وتحكي عن وضعها كامرأة فلسطينية، تعاني من التهميش وضغوطات الحياة والعادات والتقاليد التي تقيد المرأة وتجعلها ذليلة في بعض المواقف، وتقول: "لا يكفي المرأة تعبها وشقاها طول النهار والليل إنما يضاف عليها تدخلات من حولها في التصرفات وأمور الحياة، يريدوننا أن نمشي كما يريدون هم لا كما نريد نحن".
وتركت سماح دراستها قبل إكمال الصف العاشر الأساسي لمساعدة والدتها في تحمل مسؤولية أشقائها الأصغر منها سنا، ومعاونتها على العمل خارج المنزل في الحقل.
وتتابع: "حياة المزارع صعبة جدا، ولا تقتصر على الرجل دون المرأة، كلاهما يعمل، وأولادهما يعملون جنبا إلى جنب معهم، من أجل تأمين الاحتياجات الأساسية من المعيشة، لكن الضغوطات الأكبر تواجها المرأة وحدها".
وأشار بيان صدر عن الجهاز المركزي للإحصاء إلى أن نسبة مشاركة الإناث في القوى العاملة بلغت 19.4% من مجمل الإناث في سن العمل عام 2014 مقابل 10.3% عام 2001، وما زالت نسبة مشاركة الذكور (71.5%) تزيد 3 أضعاف مشاركة الإناث، مع وجود فجوة في معدلات الأجرة اليومية بين الإناث والذكور، إذ بلغ معدل الأجر اليومي للإناث 80.9 شيقل مقابل 105.8 شيقل للذكور عام 2014.
وغالبية النساء يعملن في قطاع الخدمات (الصحة، والتعليم، والقطاع العام)، ويعتبر قطاعي الخدمات والزراعة المشغل الرئيسي للنساء العاملات بما نسبته 57.0% و20.9% على التوالي، من مجموع النساء العاملات.
وتتابع سماح حديثها: "ليس جميع النساء مثل بعضهن، ففي المدن حياة المرأة تختلف عنها في القرى، من تسكن المدينة تعيش ظروفا معيشية وتحرر أكبر وتأخذ حقوقها أكثر من المرأة التي تسكن القرية بعيدا عن التحضر".
وتداعب سماح طفلها ليهدأ وتستطيع إكمال قطف الثمار، متحدثة لـ"الحدث" "الرجل وحده لا يستطيع القدرة على تلبية كل متطلبات الأسرة، لذلك أقوم بمساعدته وتحمل الأعباء من أجله وأطفالي".
وتضيف أتمنى فقط بعد كل هذا العناء والتعب أن يستطيع الرجال أن يحنوا أكثر على المرأة، فأنا لا أطلب المستحيل بل أريد فقط تقديرا لجهدي واحتراما لي وحبا وحنانا منه.