السبت  23 تشرين الثاني 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

(وثائق) كيف تحولت حياة الدكتور رائد عواشرة إلى جحيم بسبب عدد من ضباط الشرطة في رام الله؟

2020-11-25 08:23:57 AM
(وثائق) كيف تحولت حياة الدكتور رائد عواشرة إلى جحيم بسبب عدد من ضباط الشرطة في رام الله؟
رائد عواشرة

خاص الحدث

لم يتوقع رائد عواشرة، الحاصل على شهادة الدكتوراه في السياسات العامة، أن يصبح ضحية للسياسات العامة في وطنه فلسطين، مما أجبره على "الهروب" بحسب وصفه، إلى إحدى الدول العربية بعدما فشل في مواجهة مجموعة من المتنفذين المدعومين من بعض ضباط جهاز الشرطة الفلسطينية، وفق ما يؤكد في مقابلة مع صحيفة الحدث.

ويقول عواشرة إنه "تعرض لجملة من الممارسات، التي يمكن وصفها بالفساد، وهي ممارسات منظمة من قبل أفراد وضباط في الشرطة الفلسطينية، وبدلا من الحفاظ على القانون وضمان تطبيقه، تم خرقه والتلاعب به، فقد نصّب بعض أفراد وضباط الشرطة أنفسهم في مكان الادعاء والقضاء، وأخفوا المعلومات عن القضاء، وتدخلوا في إفادات أشخاص حصلت بيني وبينهم مشكلة".

وحول تفاصيل ما جرى معه، يروي عواشرة أنه في تاريخ 2013/ 10/ 15 تعرض لاعتداء من قبل ثلاثة أشخاص مجتمعين داخل مجمع فلسطين الطبي بينما كان في زيارة لطفله المريض، "وعندما أصبحت في عهدة رجال الشرطة بعدما قمت باستدعائهم، تم الاعتداء علي بالضرب من شخص رابع".

وتفاجأ عواشرة، وفق روايته، بأن "الشرطة لم تحرك ساكنا، بل وتركت المعتدين طلقاء، حتى هوياتهم لم تحصل عليها رغم طلبي منها ذلك، بل وتكتمت على ضربي أمام النيابة رغم أنه تم الاعتداء علي بعهدتها، وقد طلب رجال الشرطة مني عدم تقديم شكوى ضد بعض المعتدين بحجج واهية".

ويضيف عواشرة: "بتاريخ 23/10/2013 شنت شرطة رام الله ( مديرية رام الله) وشرطة مستشفى رام الله حملة مضايقة ضدي وضد عائلتي لصالح المعتدين. وقد استخدم المتصلون من ذوي الرتب العالية أسلوب التهديد والوعيد من أجل إسقاط حقي عن الأشخاص الذين تجمعني بهم المشكلة، والذين لهم نفوذ داخل الأجهزة الأمنية، وقد سجلت جميع الأرقام وتقدمت بشكوى بهذا الخصوص، لأن فحوى التهديدات كان خطيرا ويمس بحياتي وحريتي".

ويؤكد عواشرة أنه توجه برسالة للواء حازم عطا الله، مدير عام الشرطة الفلسطينية، أكد له فيها "أن ليس لي معرفة بأحد من ضباط وأفراد الشرطة، ولا أتجنى على أحد. كما لا أهدف إليّ بالإطاحة بأي من ضباط وأفراد الشرطة وقطع مصدر رزقه. فهذا شأنكم، أنتم تقررون العقوبة، وما أريده هو رفع الظلم والأذى الذي لحق بي بسبب الشرطة الفلسطينية. وبسبب ممارسات منتسبيها، فمشكلتي لم تعد على الإطلاق نزاعا بين أفراد، طرفين مدنيين، بل أصبحت وللأسف مع الشرطة الفلسطينية.. إنني إذ أكتب لكم أوكد أن مصداقية الجهاز وشرعيته تأتي من التمسك بتطبيق القانون على الجميع، وأطلب منكم تحمل المسؤولية بصفتكم المدير العام للشرطة الفلسطينية والانحياز التام إلى حقوق الأفراد وسيادة القانون".

.

وبحسب عواشرة، "لقد حولت الشرطة الفلسطينية حياتي إلى جحيم بسبب ممارسات بعض أفرادها وضباطها. وتدخلت في حياتي الاجتماعية الخاصة لأهداف خاصة تتعلق ببعض الضباط، ووقفت إلى جانب طرف ضد آخر، وتدخلت في عمل الأطباء ومضمون تقاريرهم الطبية، وتآمرت مع أفراد مدنيين ضد مدنيين آخرين. كما تم انتحال رتب في الأجهزة للضغط علي، وهذا كله بينما كان ابني يرقد في المستشفى، واستغلوا معاناتي بدوافع شخصية".

وأوضح عواشرة أنه تقدم بشكوى رسمية لأمن شرطة محافظة رام الله والبيرة، وكانت إفادته مكونة من ثلاث صفحات، وفيها كل التفاصيل، وأن وحدة المظالم في الشرطة قد حصلت على نسخة من الشكوى، ولكن وحتى هذه اللحظة (منذ 2013) لم يصله أي استيضاح من قبل الشرطة سواء وحدة المظالم أو غيرها.

.

ضباط الشرطة كسروا يده أمام طفلته.. ظل بلا علاج

سافر عواشرة هربا من ما أسماه الجحيم الذي عايشه والتهديدات التي تلقاها، وكل ذلك سببه أن مشكلته كانت مع مواطنين لهم صلات مع الأجهزة الأمنية، وقد خسر وظيفته في جامعة بيرزيت نتيجة لذلك، حيث كان يعمل محاضرا فيها في كلية الإدارة العامة، لكن هذا السفر لم يكن نهاية الجحيم، كما يؤكد في مقابلته مع "صحيفة الحدث".

خلال عودته من الخارج بتاريخ 13/8/2020، وهي المرة الأولى التي يعود بها بعد خروجه من الوطن في عام 2014، أقدم عناصر وضباط من الشرطة الفلسطينية على افتعال مشكلة معه كما يقول، من خلال التعرض له بأسئلة شخصية استفزازية غير ذات صلة بعمل الشرطة، وعندما رد بأن على الشرطة احترام المواطنين لأنهم مصدر شرعيتها ورواتبها، قاموا بالاعتداء عليه وكسر يده اليمنى.

ويقول عواشرة لـ"الحدث" إن الاعتداء عليه تم أمام طفلته، التي قامت بالصراخ على ضباط الشرطة خلال عملية الاعتداء، وقد تم احتجازه دون علاج ليوم كامل، ونقلت طفلته إلى أحد مراكز الحماية، وقد تبيّن فيما بعد أنه موقوف بسبب تراكم نفقة لطفله، وبسبب دعوى رفعتها عليه طليقته، التي كانت أصلا سببا في مشكلته قبل السفر، كما يوضح.

وأوضح أن طفله توفي وفق الأوراق الرسمية التي استصدرها من وزارة الداخلية في ديسمبر 2016، لكن صندوق النفقة استمر بدفع النفقة لأمه المطلقة حتى ديسمبر 2019، حيث أبلغت شقيقة الطفل المتوفى صندوق النفقة بأن شقيقها توفي وبالتالي لا تحق لأمها النفقة، علما أن الأطفال جميعا كانوا في عهدة أبيهم بناء على طلب الأم.

شهادة وفاة

ويتابع عواشرة: "تم توقيفي بغير وجه حق، وقد تبين أن لا نفقة مترتبة علي، وتم الاعتداء علي، وهذا كله لأن لي مشكلة مع طرف له نفوذ ومعارف، وانتحل أحد الضباط في شرطة أريحا صفة المستشار القانوني للواء حازم عطا الله، وطلب مني أن أزوده بالتفاصيل لأن مهمته الاستماع لما يقوله المشتكي ورفع تقرير للواء عطا الله، وتبين لاحقا أنه ضابط تحقيق فقط".

وقالت رئيسة صندوق النفقة الفلسطيني، فاطمة مؤقت، إن الصندوق معني في وصول الأموال لمستحقيها فقط لأن هذا يحقق العدالة، وهناك رقابة ومتابعة للبيانات التي تقدم من قبل المستفيدين من الصندوق، بالإضافة لطلبنا توقيع كفيل على المعلومات التي تعطى للصندوق، ومع ذلك هناك حالات نادرة جدا تستفيد من الصندوق من غير وجه حق، وهؤلاء يتم تحويلهم إلى النيابة عند انكشاف أمرهم. وحول حالة عواشرة، أكدت مؤقت أن الملف حول للنيابة بعدما تبين أن طليقته استفادت من عدة نفقات من غير وجه حق ويجري البحث إن كان لديها قصد جرمي أم لا، كما وتمت استعادة الأموال، لأنها أموال عامة، وبجميع الأحوال لا يمكن التهاون في قضايا من هذا النوع.

ويضيف عواشرة: "مكثت پومين دون الحصول على العلاج ودون تسجيل الاعتداء عند الخدمات الطبية، وكان الضباط يريدون إخفاء حقيقة الاعتداء، وتوجهت بطلب للنيابة العسكرية من أجل محاسبة المشتكى عليهم وإعطائي ورقة من النيابة للوصول إلى السجل الطبي لدى المستشفيات الحكومية والخدمات الطبية، ومنحي الإذن لتلقي العلاج في مستشفى رام الله".

ويشير عواشرة إلى أنه لم يتلق أي رد من أي جهة كانت، حول كل الاعتداءات والممارسات التي تعرض لها. وتواصلت صحيفة الحدث مع الناطق الإعلامي باسم الشرطة، لؤي ارزيقات، لكنه رفض التعقيب لأن القضية منظورة لدى القضاء، كما وحاولت التواصل مع هيئة القضاء العسكري من خلال توجيه رسالة رسمية عبر البريد الإلكتروني لكنها لم تتلق أي رد حتى تاريخ نشر هذا التقرير.

وفق عواشرة، "أثرت هذه الممارسات على حياتي الشخصية، وأصبحت بلا عمل، وأنا الآن غير قادر على الانتساب إلى أي جامعة رغم أنني أحمل شهادة الدكتوراة في السياسات العامة، لأن جامعة بيرزيت تتعامل معي في أوراقها الرسمية أنني خسرت عملي، وهذا صحيح من الناحية النظرية والقانونية، لكنني هربت من الجحيم الذي كنت أعيشه، ولم يكن لدي أي قدرة على الاستمرار".

وتظهر الوثائق التي حصلت عليها الحدث أن عواشرة خاطب عدة مؤسسات رسمية محلية ودولية، من بينها هيئة مكافحة الفساد والهيئة المستقلة لحقوق الإنسان والأمم المتحدة والشرطة الأوروبية من أجل البت في ما يحصل له، وتوفير الحماية اللازمة له، مؤكدا أنه حتى كتابة هذا التقرير ما زال يتعرض للمضايقات والتهديد.