يبدو أن رؤية العرب للمشروع الصهيوني قد افتقرت منذ البداية إلى استراتيجية المواجهة الثورية الهادفة إلى دحره بالقوة من أجل حماية الوطن والأمة من أخطاره. كان هناك على ما يبدو "استدخال مبكر للهزيمة" إذا شئنا استخدام مصطلح من مصطلحات عادل سمارة الطريفة. في هذا السياق نستحضر طرفة ذات دلالة بالغة من مذكرات دافيد بن غوريون. يروي مؤسس دولة إسرائيل أن تفاهمات سرية كانت تحكم العلاقة مع إمارة شرق الأردن التي كان يحكمها الأمير عبدالله بن الحسين. ولكن تقدم القوات المصرية والعراقية وكتيبة فوزي القاوقجي أشعرت الأمير أن العصابات الصهيونية ستخسر الحرب. فاندفع بقواته ليسيطر على ما يستطيع من أراض بغرض توسيع إمارته. حاول بن غوريون دون نجاح أن يتواصل معه لتذكيره بالتفاهمات، لكن لم تكن هناك أية فرصة للاتصال. وفقط بعد أن دارت الدائرة على القوات العربية، وحققت العصابات الصهيونية مكاسب واضحة، ظهر الأمير كأنما نبت من باطن الأرض ليذكر بن غوريون بالتفاهمات. هذا المثال حاسم في التدليل على أن الأمير عبد الله نفسه ما كان ليرفض أن يكون قائدا منتصرا ومحررا… الخ. لكنه كان مقتنعا أن الهزيمة هي نصيبه مهما فعل، وهكذا لم يكن هناك من مناص من التسليم للصهيونية المدعومة من قوى كونية كبيرة بما تريد بغية الحفاظ على كرسي الإمارة وإن يكن الثمن التنازل عن فلسطين بكل ما لها من قيمة رمزية كبيرة في وعي العرب والمسلمين.
بعد "النكبة" بأربعة أعوام، جاءت ثورة الضباط الأحرار في مصر لتصوب الأوضاع السياسية والاقتصادية في أكبر بلد عربي. وخلافاً لما هو شائع، فقد "أدرك" ناصر منذ البداية أن بناء الدولة يستلزم التخلص من الخطر الذي يمثله الكيان الصهيوني الناشئ. ولذلك فقد دخل في اتصالات سرية مع موشيه شاريت محاولاً أن يتوصل إلى "تسوية" تنهي الصراع عن طريق الاعتراف بإسرائيل في مقابل إعادة اللاجئين إلى ديارهم. بن غوريون هو الذي أجهض تلك الاتصالات: كان يخشى من قيود تحد من فرص مستقبل التمدد الصهيوني في المنطقة. وعلى ما يبدو فإن ذلك كان ما هدف إليه ناصر: "إقناع" الحركة الصهيونية بالاكتفاء بما أنجزته، والتحول إلى دولة عادية في المنطقة. لكن تدخل بن غوريون الناجح أثبت أن ذلك التوجه كان وهماً، وأن إسرائيل إنما ولدت لتقوم بأدوار أهم وأخطر من مجرد أن تكون دويلة صغيرة لليهود.
بعد حرب حزيران التي أوقعت ما تبقى من فلسطين في قبضة المشروع الصهيوني إضافة إلى مساحات لا يستهان بها من مصر وسوريا، تحولت الهواجس العربية والفلسطينية على نحو مضمر على الأقل ناحية "إزالة آثار العدوان". لقد أصبح الهدف الجديد هو "تحرير الأراضي" المحتلة في العام 1967. وفي هذا السياق دخلت مصر في حرب استنزاف في آخر أيام عبد الناصر توجتها بمشروع روجرز الذي استجلب غضب منظمة التحرير وإذاعتها التي كانت تبث من القاهرة مما اضطر ناصر إلى إغلاقها.
مات الزعيم بعد وقت قصير لينفذ خليفته أنور السادات حرباً محدودة بالشراكة مع سوريا. ومهما يكن من أمر النقاش الواسع الذي دار بخصوص هذه الحرب، فإن أحداً لم يعد يجادل في أن السادات إنما كان يفكر في حرب "تحريكية"، وأن ما تلا ذلك من مسار سياسي ينتهي بكامب ديفد كان مرآة تعكس التوجه الفعلي لحرب "تشرين/أكتوبر". لكن هل كان هناك عربي من يفكر في خوض صراع وجودي استراتيجي ضد الدولة العبرية؟ بعبارة أخرى، هل كانت منظمة التحرير الفلسطينية بالذات تفكر في حرب تحريرية؟ أو على الأقل، هل كان هناك فصيل فلسطيني واحد يتبنى قولاً وفعلاً فكرة الحرب الشعبية الطويلة وحرب المغاوير طريقاً استراتيجيا من أجل تحرير فلسطين، كل فلسطين؟
لمقاربة هذه الأسئلة نبدأ بتقرير أنه ليس من الصعب ملاحظة أن الفلسطينيين كانوا يريدون حربا شاملة وعلى أوسع نطاق مع الصهيونية ودولتها إسرائيل. لكنهم كانوا يفترضون أن هذه الحرب يجب أن تكون من نصيب الدول العربية. إذ لا يعقل أن الشعب الفلسطيني الصغير ومنظمته المحدودة العدد والعتاد يمكن أن يلحقا الهزيمة بإسرائيل. وغني عن القول إنه لم يكن هناك أية درجة من القناعة لدى المنظمة أن مواجهة الصهيوينة عسكريا هي مهمة الثورة الفلسطينية حصريا. وقد تجلى هذا الفهم دائما في المفارق الرئيسة: مثلا في العدوان على لبنان صيف 1982 انصب جام الغضب الفلسطيني الشعبي "والرسمي" على العرب لأنهم تركوا المنظمة وحدها في مواجهة جيش إسرائيل وقائده شارون. وقد توسع البعض في غضبه ليشمل الاتحاد السوفييتي "الكاذب والمنافق والجبان" الذي تخلى عنا في حصار بيروت… الخ. لم تكن منظمة التحرير تنظيما شيوعيا يدور في فلك الاتحاد السوفييتي، على العكس تماما كانت المنظمة قريبة جدا من السعودية والخليج وغيرها من الدول شديدة العداء للاتحاد السوفييتي. وهذا يعني أنه لم يكن من المعقول منطقياً أن تتوقع من السوفييت التدخل المباشر في الحرب على الرغم من أن الاتحاد السوفييتي لم يكن ليتدخل في أي حرب ثورية على نحو مباشر، وذلك ما أوضحته قبل عقد من اجتياح 1982 ثورة الفيتكونغ التي اعتمدت على ذاتها أولا وأخيرا، وإن تكن قد تلقت الدعم السياسي والسلاح من السوفييت والصينيين على السواء.
انسجاما مع ما قلنا أعلاه لا بد من تذكر أن حركة فتح والجبهة الشعبية وبقية الفصائل إنما كانت تسعى إلى "توريط" العرب في الحرب مع إسرائيل. ولا بد من الإقرار بأن ذلك التوجه لم يكن مبنياً على أي تحليل علمي (شافي ووافي) لإمكانيات الدول العربية المراد توريطها. كان التفكير ينصب دائماً بطبيعة الحال على دفع سوريا أو مصر إلى الحرب بأي شكل ممكن. ويبدو أن ذلك قد انتقل من مستوى الممارسة السياسية إلى مستوى الاستراتيجية الفكرية كما تتجلى لدى الجهبة الشعبية في فكرة أن طريق العودة إلى القدس يمر بعمان أولا. ولا بد أن هذا الفهم "الجبهوي" ما هو إلا طبعة أخرى من فكرة أن يقوم العرب بالحرب ضد إسرائيل إلى جوار الفلسطينيين أو بالنيابة عنهم. وفي هذا السياق يمكن لنا أن نقرأ العمليات في المسرح الكوني من قبيل اختطاف الطائرات سنة 1970على أنها طريقة للضغط على العالم من أجل أن يفعل شيئا. كما أن اختطاف وزراء "أوبيك" وما أشببها من عمليات كانت تصب في الخانة ذاتها. كانت استراتجية النضال هي إجبار العرب أو العالم على التدخل. وربما كان غائبا عن ذهن القيادات الفلسطينية أن العرب "الأخيار" أنفسهم لم يكونوا يفكرون إلا في الضغط على العالم لتحريك الوضع القائم. لم يكن أحد في مدينة العرب بما فيها ضاحية فلسطين يفكر فعليا في خوض حرب تحريرية طويلة الأمد من أجل إلحاق الهزيمة بالعدو. كان الفلسطيني يحلم بأن يقوم الإخوة العرب بتلك المهمة الشاقة. وكان العرب يحلمون بأمريكا، مثلما أوضح الرئيس السادات الذي بين أن 99 في المئة من أوراق اللعبة في يد أمريكا.
في مضمار الحديث عن فصائل منظمة التحرير يسود ميل واسع للاعتقاد بأن الجبهة الشعبية هي الفصيل الأكثر تشددا فيما يتصل بتحرير فلسطين من "النهر إلى البحر". وينظر إلى الشعبية على أنها مختلفة جذريا في رؤيتها للصراع قياساً إلى فصائل مثل فتح -ممثل البرجوازية الحالمة بأية قطعة أرض ممكن أن تكون ساحة لأنشطتها الاقتصادية- أو حتى الديمقراطية صاحبة البرنامج المرحلي المبكر (1974).
عند قراءة تاريخ الجبهة الشعبية نجد أنها مثل أخواتها قد تعرضت للكثير من التحولات على امتداد مسيرتها التي تضرب جذورها في حركة القوميين العرب. كانت قيادات حركة القوميين العرب بمن فيهم الراحل جورج حبش معادية للشيوعية والفكر الماركسي. لكن هذه القيادات قفزت قفزة واسعة باتجاه الماركسية بعد كارثة 67 دون أن يسبق ذلك أية مقدمات تعطي المراقب أساساً ليفكر في وجود عوامل أخرى للقفزة غير ردة الفعل الانفعالية على ما جرى في ذلك العدوان المدمر. كانت تلك أيام الغضب و"التطرف" والمواقف الجذرية… الخ. وقد كان العرب أنفسهم غاية في التشدد "اللغوي" مثلما انعكس في لاءات الخرطوم بعد أشهر قليلة من "النكسة". لذلك جاءت لغة الوثيقة الصادرة عن مؤتمر الجبهة الشعبية في آب 1968 واضحة في تحديد المعاني والمصطلحات في الأمور السياسية الحساسة من قبيل معنى الوحدة الوطنية التي تعدها الوثيقة: "ضرورة وطنية سياسية، ولكن أية وحدة وطنية؟ إنها الوحدة الوطنية التي تحقق إنجازات تحررية، وتقود حركة المقاومة على طريق النصر بتعبئة الجماهير العربية وتسليحها واستنهاض هممها الوطنية الجذرية والجماعية، على طريق حركة مقاومة طويلة الأمد، تعتمد على العنف في مواجهة عدو يعتمد استراتيجية الضرب بسرعة وتحقيق الانتصار بسرعة. وهذه الوحدة هي وحدة جميع الطبقات والقوى السياسية في ظل قيادة الطبقات الوطنية الثورية التي حملت السلاح على امتداد تاريخ فلسطين الحديث، وحمل أبناؤها السلاح بعد حزيران". وبدون ذلك –كما تضيف الوثيقة –فإن قيادة حركة المقاومة البرجوازية الصغيرة والكبيرة ستضع حركة المقاومة في مأزق تاريخي صارم سيحولها إلى ورقة تكتيكية ضاغطة تنتظر مصيرها كجزء لا يتجزأ من التسوية السياسية المنتظمة".
احتدم الجدال في السنوات القليلة التالية للنكسة بخصوص الطريق الثوري القويم والصحيح… الخ. بالطبع كان جزء من ذلك مجرد صدى للنقاشات الكونية حول الماركسية وألوانها الماوية والجيفارية… الخ. وفي هذا السياق انشقت كوادر بقيادة نايف حواتمة على خلفية ما عدته أخطاء نظرية جوهرية في موقف الشعبية. كانوا يقولون مثلاً إن منظمة التحرير الفلسطينية هي إفراز بورجوازي وإننا عندما نراهن عليها فكأنما نعيد للبورجوازية شرعيتها في قيادة حركة التحرر الوطني. وبالتالي فإن علاقتنا مع منظمة التحرير يجب أن تكون علاقة صراع في الدرجة الأولى. وكانوا يقولون أيضاً إن قيادة منظمة التحرير إنما هي قيادة يمينية تقليدية، وإن الجبهة باعت ما تمثله بسبب موقفها المتراخي أو الذيلي من منظمة التحرير.
بعد قليل، وتحديدا بعد حرب تشرين 73 سيتضح أن الفروق بين الجبهة الديمقراطية والشعبية أشد التباسا وغموضا مما تم طرحه في سياق "الانشقاق". استمرت الخلافات المريرة بين ممثلي الفكر الماركسي المتنافسين بمن في ذلك الشيوعيين وجبهة النضال...الخ، لكن العلاقات مع الفصيل "البرجوازي" كانت طيبة فعلياً على الرغم من الزعيق الماركسي المرتفع النبرة. كان تقبل الاختلاف في داخل المعسكر الواحد صعباً جداً. كان فهم الفصائل للديمقراطية ملتبساً. وعوضا عن تقبل الاختلاف في الرأي داخل المعسكر الواحد مثلما تفترض الممارسة الديمقراطية المعروفة؛ فقد كانوا يقبلون الاختلاف بشكل مرن جدا عندما يتصل بالاختلاف مع فتح وقائدها عرفات. كان من المفروض أن يتمكن ممثلو العمل الوطني الفلسطيني من تحديد الخط الفاصل بين الاختلاف الوطني المقبول والاختلاف الذي يعني الخروج عن الثوابت الوطنية. لكن الأمور اختلطت إلى درجة أن كلمة وطني أصبحت تعني أن الجهة أو الشخص جزء من الشعب الفلسطيني بغض النظر عن مواقفه ومضامينها.
في تفسير ظاهرة تقبل ما هو وطني أو ما هو "مصنوع في فلسطين" نود أن نستعيد ما قلناه أعلاه: إن الفصائل الفلسطينية المختلفة بما في ذلك الشعبية لم يتن لديها استراتيجية صريحة مقصودة ومتفق على بنودها… الخ من أجل خوض حرب طويلة الأمد في سبيل تحرير فلسطين. وحتى جورج حبش الذي تحدث أكثر من مرة عن صعوبة الصراع واحتياجه إلى زمن قد يزيد على مئة سنة...الخ اضطر في الممارسة الفعلية إلى الانضمام لبرامج قيادة منظمة التحرير "البرجوازية؟" عندما اقتنعت تلك القيادة أن التحرير محال وأن التسوية هي الممكن التاريخي المتاح.
لم تذهب الشعبية ولا غيرها باتجاه القول بضرورة تأجيل الصراع، مثلا إلى الأجيال اللاحقة لتقوم هي بحسمه في ظروف أفضل. عوضا عن ذلك انخرطت الفصائل في مشروع إعلان الدولة سنة 1988 ربما من باب الواقعية السياسية والحفاظ على الوحدة الوطنية. وهكذا وجدت نفسها تدريجياً تتجه في قارب مربوط بسفينة منظمة التحرير إلى ميناء أوسلو. لكن الخطاب السياسي ظل يعيد إنتاج مقولات من زمن السبعينيات وربما من قبلها، تماماً كما تفعل إذاعات فتح المحلية عندما تعيد أغاني "الكاسيت" التي تتطرف لتقول كلاما من نوع "ما بنتحول ما بنتحول عن حبة رملة، إن كنا بنعز القدس بنعز الرملة..." طبعاً يعرف سكان القرية الكونية من عرب وأمريكيين واسرائيليين وغيرهم أن هذا الكلام موجه للاستهلاك الوطني/ المحلي في رام الله وغزة والخليل ونابلس ...الخ وأنه لا يعني شيئاً في النظرية أو الممارسة على السواء.
ظل "الكلام" اليساري يعترض مثلما كان يفعل منذ مطلع السبعينيات على أداء اليمين البرجوازي...الخ دون أن يقدم أي بديل واقعي. ونتوهم في هذا السياق أن ذلك لم يكن عجزاً عملياً فحسب، ولكنه مثلما أوضحنا أعلاه انعكاس لتبني الاستراتيجية ذاتها المعتمدة على تدخلات ستقود إلى تسوية مهما علا الضجيج المخالف لذلك. ليس من المعقول بأي حال أن نفترض أن عبد الناصر كان يهدف إلى إقناع موشيه شاريت بتفكيك إسرائيل، كذلك ليس من المعقول أن الجبهة الشعبية أو غيرها كانت تتوقع أن يقوم العالم بتفكيك إسرائيل نتيجة اختطاف الطائرات. لقد كان المقصود هو الوصول إلى "حل وسط". كانت التسوية في البال. وقد قبل "الجميع" في النهاية بالدولة الفلسطينية على حدود 1967 وعاصمتها "القدس الشريف". وعندما تم نسف هذا الوهم من قبل إدارة ترامب وغضبت "القيادة البرجوازية" تنادى أبناء المعارضة إلى لقاء قيادات الفصائل من أجل إعادة الاعتبار للوحدة الوطنية...الخ.
وعندما نجح جوزيف بايدن في الانتخابات الأخيرة، بدا أن أملاً فعليا قد تجدد وأن تغييراً ما قد حصل أو أنه في طريقه إلى الوصول. وهكذا بدأت الفصائل تحلم بالعودة إلى مشروع الدولة على حدود 67 مع تعزيز الوحدة الوطنية التي تعني رصف القوى الموجودة بجوار بعضها بعضا دون أن يعني ذلك الاتفاق على أي مخطط للنضال المشترك المستند إلى النقاط المتفق عليها. كان البند الرنان الذي تداوله الجميع على مسامع الشعب وتسابقوا في تقريظه هو بند إجراء الانتخابات واستعادة الوحدة الوطنية.
في غمرة تلك الأجواء "الإيجابية" جاء الإعلان عن عودة التنسيق مع "الطرف الآخر" ليعيد فصائل المعارضة إلى مقاعد الاحتياط والمتفرجين لتواجه واقعة العجز عن فعل أي شيء حيال ما يحصل. لقد عاشت فصائل اليسار منذ الأيام الأولى لولادة مشروع المقاومة الفلسطينية في عالم البرجوازية وتبنت رؤاها الأساس على الرغم من أية أيديولوجيات تتظاهر بالعكس، وهكذا لم يكن لها من نصيب عبر المشوار كله إلا أن تظل في موقع التابع المتمنع حينا ليرضخ بعد وقت يقصر أو يطول. وعلى الرغم أننا قلنا ما نريد قوله، إلا أننا نرغب في التذكير بأن فكرة أن إسرائيل غير قابلة للهزيمة في ميدان الصراع العسكري قد تهاوت بالفعل نتيجة مواجهات الدولة العبرية مع المقاومة اللبنانية. يبدو للأسف أن القوى الفلسطينية المختلفة لم تولّ هذه المسألة الاهتمام الذي تستحقه من ناحية قدرتها على توليد استراتيجية جديدة في الصراع مع الصهيونية تقطع معرفياً وعلى نحو كامل مع الاستراتيجية الراهنة والمنغرسة منذ أكثر من نصف قرن في الوعي العربي كله بما فيه وعي المقاومة الفلسطينية.