الحدث - سوار عبد ربه
تتصاعد نسبة البطالة في صفوف الفتيات الفلسطينيات عاما بعد عام، حتى بلغت في عام 2020 67.1% وفقا للجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني في الفئة العمرية 15-24 سنة.
هذه النسبة الكبيرة سببت إحباطا في صفوف الخريجين الجدد، الذين يقبلون على سوق العمل للمرة الأولى، لكن بعضهم حوّل إحباطه إلى مشروع حر، مكنه من الاستغناء عن البحث عن وظيفة في مجال دراسته.
فهذه ديالا قواسمي، خريجة الصحافة والإعلام من جامعة بيرزيت، أدركت منذ البداية نسبة البطالة المرتفعة في صفوف خريجي الإعلام وعملت على مشروع خاص افتتحته منتصف الشهر الماضي وأطلقت عليه اسم “BATATA CUPS”.
ووفق مسح القوى العاملة في فلسطين للربع الرابع 2019 الصادر عن الجهاز المركزي للإحصاء، بلغت نسبة البطالة في صفوف الطلبة الذين يحملون شهادات صحافة وإعلام حوالي 49.6%.
حول هذا تقول ديالا: "نسبة البطالة المرتفعة في صفوف خريجي الإعلام دفعتني للتفكير بمشروع خاص ومميز، لاسيما أن معظم المؤسسات تعمل حاليا على تصفية موظفيها في ظل كورونا، والأزمة الاقتصادية التي تعيشها البلاد".
وأضافت لـ "الحدث": "جاءت في بالي فكرة مقطورة البطاطا لأنها ليست موجودة في بلادنا، فمن يعمل في هذا المجال يحصره في البطاطا المسلوقة والمحشية، دونا عن الأشكال الأخرى غير المتداولة في أوساط مجتمعنا".
وتتابع: "باشرت بإجراءات البحث المطول والذي استمر لأكثر من شهر، ثم قمت بعمل دراسة جدوى اقتصادية للمشروع، تتضمن رأس المال الذي يحتاجه المشروع، وبعدها توجهت لمؤسسة، أعطتني قرضا نسويا لدعم المشاريع الشبابية، ومن خلاله تمكنت من شراء المقطورة ثم توجهت إلى إصدار الترخيص".
تقول ديالا: "غالبية الأشخاص الذين توجهت إليهم استهجنوا فكرة وقوفي كفتاة في عربة في الشارع، حتى أنهم لم يعطونني الأسعار الحقيقية ظنا منهم أن محاولتهم ستوقفني، فعندما توجهت إلى أصحاب العربات في شوارع رام الله كي أستفسر عن بضعة أمور، لم أحصل على إجابات حقيقة، ما اضطرني لإحضار شخص آخر معي".
ولا يخلو الأمر من بعض المضايقات، خاصة في الفترة المسائية عند اجتماع الشبان في محيط المنطقة التي تتواجد فيها ديالا لكنها أكدت أن وجود أناس يعرفونها حولها خفف من الأمر.
وأشارت قواسمي إلى أن ردود الفعل بالمجمل كانت إيجابية خاصة للأشخاص الذين حضروا إلى المقطورة واشتروا منها، كما لاقت دعما كبيرا وكلمات تحفيزية كثيرة.
حرصت ديالا على أن يكون مشروعها صديقا للبيئة حيث نمت هذه التربية لديها من خلال مشاركتها في ورش وندوات توعوية في بلدية رام الله.
وبحسب ديالا: "المشروع صديق للبيئة وأعلم أنه صغير وأثره على البيئة صغير لكني أسعى دوما إلى تقليل أي ضرر على البيئة، فالمواد المستخدمة لدينا كلها مصنوعة من الورق، حتى المقطورة تعمل بالطاقة الشمسية".
واستخدمت قواسمي مواقع التواصل الاجتماعي لعمل حملة إعلامية استمرت مدة شهر، عملت من خلالها على نشر سلسلة من المنشورات المتواصلة، التحضيرية والتشويقية.
وتطمح صاحبة مشروع مقطورة البطاطا إلى أن تتواجد مقطورتها خلال 5 سنوات في محافظتين إضافيتين على الأقل.
ليست ديالا وحدها من توجهت إلى مشروع حر، فقد بلغت نسبة الأعمال الريادية في فلسطين وفقا لإحدى الإحصائيات 23.1%
وفي تجربة أخرى مشابهة، شقت الفتاة هيام سحويل طريقها أيضا إلى سوق العمل مستفيدة من موهبتها في الرسم، بعيدا عن ضوضاء البحث عن الوظيفة.
درست سحويل التجارة في جامعة النجاح الوطنية، لكنها فضلت أن تستثمر في موهبتها التي اكتشفتها منذ الصغر.
تقول الفنانة سحويل لـ"الحدث": "بدأت الرسم منذ الصغر، اكتشفت موهبتي في حصص الرسم المدرسية، وكانت الرسمة التي تتطلب من زملائي وقتا طويلا، أحتاج لإتمامها وقتا أقصر، ومع الممارسة أصبحت أتقن رسم كل شيء".
على مدار عشرين عاما نمت موهبة سحويل حتى مكنتها من افتتاح مشروع لبيع الحقائب التي ترسم عليها بشكل يدوي، وتنهي صنعها من الألف إلى الياء بنفسها.
أوضحت سحويل أن فكرة المشروع جاءتها من الغرب، كونهم لا يستهلكون الأكياس البلاستيكية بكثرة؛ انطلاقا من حرصهم على البيئة، فبدأت الرسم على كيس قماش ثم طورت الفكرة، حتى أصبحت مشروعا تعتاش منه.
وتقول: "أستخدم أنواع قماش صديقة للبيئة وعملية، وتغني مقتنيها عن استهلاك الأكياس البلاستيكية، فيمكن استخدامها للخضراوات، والملابس، وحتى لوضع الكتب، وغيرها الكثير".
وأظهرت بيانات وزارة الحكم المحلي الفلسطينية أن البلاستيك يشكل ما نسبته 14.6% من مجمل النفايات الصلبة البلدية في الضفة الغربية، وهي ثاني أعلى نسبة بعد النفايات العضوية.
وتضيف: "لا يوجد وعي في مجتمعنا حول المخاطر الناجمة عن البلاستيك وما يمكن أن يسببه من أضرار على البيئة، لذا فإن الإقبال على المشروع لم يكن لأنه صديق للبيئة بل لجمال شكل الحقائب".
ولم يقتصر مشروع الفنانة هيام سحويل على الحقائب، بل يشمل أيضا اللوحات المنزلية ورسم الوجوه التي يتفاداها الناس فيما بينهم.
لم تفكر الفنانة بعمل معرض خاص للوحاتها، نظرا للصعوبات التي قد تواجهها في حال أقدمت على هكذا خطوة، ناهيك عن الإحباط الذي تعرضت له من قبل المحيط الخارجي.
"الناس لا تقدر الفن، كيف لي أن أفكر بعمل معرض، وأين وما هي التكلفة التي أحتاجها؟" تساؤلات راودت سحويل أثناء حديثها عن الموضوع.
وتابعت: "الناس عموما ترى الثمن الذي أطلبه في رسوماتي مرتفعا، فهم لا يقدرون الوقت والجهد الذي يتطلبني لإتمام عملي، خاصة تلك المليئة بالتفاصيل".