الحدث- محمد خبيصة
تواصل إسرائيل حجب إيرادات المقاصة عن الفلسطينيين منذ ديسمبر/ كانون الأول الماضي، التي تعتبر أحد أهم مصادر الدخل للحكومة الفلسطينية، وذلك عقب توقيع الرئيس الفلسطيني محمود عباس نهاية العام الماضي طلبات الانضمام إلى 20 معاهدة دولية، أهمها محكمة الجنايات الدولية.
وبحسب اقتصاديين، استطلعت أراءهم وكالة الأناضول، فإن أمام الحكومة الفلسطينية أربعة بدائل، للخروج من الأزمة التي وقعت فيها الحكومة، ودفعتها لصرف جزء من رواتب موظفي القطاع العام، فيما تأخرت مستحقات الحكومة للقطاع الخاص.
وإيرادات المقاصة، هي أموال الضرائب والجمارك التي تقوم بتحصيلها إسرائيل نيابة عن الفلسطينيين، على البضائع والسلع الواردة أو الصادرة من وإلى فلسطين عبر الحدود الدولية، والبالغ متوسط قيمتها الشهرية 175 مليون دولار.
- الصندوق الدوار
واعتبر الخبير الاقتصادي، نصر عبد الكريم إن فكرة تفعيل الصندوق الدوار، والتي عادت إلى الواجهة الشهر الماضي، ستكون بديلاً مناسباً ولا يكلف الحكومة الفلسطينية أية فوائد أو عمولات إضافية على القرض.
واتفاقية "الصندوق الدوار"، هي وثيقة يتعهد بموجبها الاتحاد الأوروبي بتوفير الأموال التي تحتاجها السلطة الفلسطينية خلال فترة زمنية معينة، على أن تقوم السلطة بسداد الديون للاتحاد الأوروبي، إلى حين وفاء إسرائيل بالتزاماتها المالية تجاه الفلسطينيين، بفائدة صفرية، وكانت أول مرة يتم فيها استخدام الصندوق نهاية عام 1995.
ويرى عبد الكريم أنه لا خلافات فلسطينية أوروبية، تحول دون تفعيل الصندوق، على العكس، العلاقات الفلسطينية الأوربية هي الأفضل على الصعيد الفلسطيني الخارجي، وهي فرصة لدول الاتحاد للعب دور أساسي في القضية الفلسطينية.
- المنح الخارجية والضرائب المحلية
ولم يقتنع وزير التخطيط السابق سمير عبد الله، بإمكانية إعادة تفعيل الصندوق الدوار، بسبب انصراف دول الاتحاد بمشاكلها الداخلية وأزمات بعض الدول المالية، إلا أنه يرى في المساعدات والمنح الخارجية، أداة وقتية إلى حين انتهاء أزمة إيرادات المقاصة.
وأضاف خلال اتصال هاتفي مع مراسل الأناضول، "المساعدات رغم تراجعها المستمر، إلا أنها لم تنقطع يوماً عن الفلسطينيين، لذا سيكون من الضروري اللجوء لاستخدام تلك المساعدات لتوفير النفقات التي تشكل أولوية للحكومة الفلسطينية، كالرواتب، وبعض نفقاتها التشغيلية".
وبحسب بيانات ميزانية شهر يناير/ كانون ثاني الماضي، فإن إجمالي الدعم الخارجي للموازنة الفلسطينية (غير المقرة بعد)، بلغت نحو 253 مليون شيكل (65 مليون دولار أمريكي)، وهي تشكل ثلث فاتورة رواتب الموظفين العموميين البالغة 170 مليون دولار.
ويتفق الباحث الاقتصادي رجا الخالدي مع طرح وزير التخطيط السابق، ويضيف أن الضرائب المحلية التي تجبيها الحكومة من السوق الفلسطينية، ستوفر جزءاً من فاتورة نفقات الحكومة خلال أزمتها الحالية.
وتابع: "الضرائب والمنح والمساعدات ستوفر جزءاً من السيولة التي توفر الحد الأدنى لحياة الحكومة الحالية، وتجنب الفلسطينيين أزمة انهيار السلطة بسبب الأزمة المالية".
وبلغت الإيرادات الضريبية، وغير الضريبية (رسوم المعاملات الحكومية)، خلال أول شهر من السنة الجديدة، قرابة 168 مليون شيكل (43 مليون دولار أمريكي)، وهي تشكل نحو 23٪ من إجمالي فاتورة رواتب الموظفين الشهرية.
- شبكة الأمان العربية
ويتفق كل من عبد الكريم وعبد الله على اعتبار شبكة الأمان المالية العربية، بديلاً وحلاً مؤقتاً لأزمة المقاصة، لكنهما أشارا إلى أن ذلك بحاجة إلى إجماع عربي موحد، وهذا غير مطبق حالياً.
وقال عبد الله، "إن قطر والجزائر والسعودية، هي الدول الملتزمة فعلياً في تقديم المنح المالية للحكومة الفلسطينية خلال السنوات الماضية، في المقابل هنالك أكثر من 10 دول أخرى مقتدرة لا تقدم الدعم المطلوب للحكومة".
وتبلغ القيمة الشهرية لشبكة الأمان العربية 100 مليون دولار أمريكي، يتم تفعيلها في حال تعرضت السلطة الفلسطينية إلى ضغوط إسرائيلية، تؤثر على مالية الفلسطينيين.
- الاقتراض من البنوك
وتعتمد الحكومة الفلسطينية في الوقت الحالي، على الاقتراض من البنوك، لتوفير جزء من رواتب الموظفين العموميين، والنفقات التشغيلية لها، كحل سريع لكنه مكلف، بسبب الفوائد على تلك القروض.
وأظهرت بيانات الميزانية الفلسطينية، لشهر يناير/ كانون الثاني الماضي، أن الحكومة اقترضت من بنوك ومؤسسات محلية، في يناير الماضي، مبلغاً أكبر من قروض حصلت عليها خلال الشهور الخمسة الأخيرة من العام الماضي (أغسطس آب 2014 حتى ديسمبر/ كانون أول 2014).
وبلغ إجمالي القروض التي حصلت عليها الحكومة من بنوك ومؤسسات محلية 151.2 مليون شيكل (38.5 مليون دولار أمريكي)، خلال يناير/ كانون الثاني الماضي، مقارنة مع 127 مليون شيكل (32.5 مليون دولار)، خلال خسمة شهور سابقة (أغسطس آب 2014 - ديسمبر كانون أول 2014).
ودفعت حكومة التوافق في يناير/ كانون ثاني الماضي، بحسب بيانات وزارة المالية المالية، نحو 19.7 مليون شيكل (5 مليون دولار أمريكي) فوائد على ديونها المستحقة لصالح البنوك.
وقال الباحث الاقتصادي والمصرفي، محمد قرش، إن البنوك العاملة في فلسطين، سواء كانت محلية أو وافدة، لديها القدرة على اقتراض الحكومة، عند سقف معين (دون تحديد نسبة السقف)، وقتها فإن البنوك بحاجة إلى موافقة سلطة النقد الفلسطينية لإقراض الحكومة أكثر.
وأضاف خلال اتصال هاتفي مع مراسل الأناضول، البنوك لديها السيولة الكافية، "لأن قروض الحكومة عادة لا تتجاوز حاجز 200 مليون دولار عند كل عملية اقتراض، وغالباً ما يكون الرقم أقل".
وتابع، "قروض البنوك للحكومة، ليس قروض مشكوك في تحصيلها، بل على العكس من ذلك، فهي قروض من الدرجة الأولى أي مضمونة، والأهم أن الحكومة ملتزمة بدفع فوائد ديونها، وإن تأخرت فإنها لا تتجاوز عدة شهور".
ووفق أرقام مصرفية صادرة عن جمعية البنوك في فلسطين، فإن إجمالي الموجودات السائلة لدى البنوك حتى نهاية يناير كانون ثاني الماضي، بلغت 4.884 مليار دولار أمريكي.
وجاء في بيانات جمعية البنوك، أن إجمالي القروض التي قدمتها البنوك العاملة، حتى نهاية يناير كانون ثاني الماضي للقطاعين العام والخاص، بلغت 4.841 مليار دولار أمريكي، بينما بلغت ودائع العملاء 8.849 مليار دولار.
وتشكل القروض المصرفية من إجمالي ودائع العملاء حتى نهاية يناير كانون ثاني الماضي 54.7٪، وفق أرقام جمعية البنوك في فلسطين.
وبلغت قروض الحكومة من البنوك حتى نهاية العام الماضي، وفق أرقام سلطة النقد الفلسطينية، 1.239 مليار دولار أمريكي، وتشكل نسبتها 25.3٪، أي أن ربع القروض البنكية متركزة لدى جهة واحدة وهي الحكومة.
المصدر: وكالة الأناضول