الحدث- هداية الصعيدي
وهي تجلس خلف ماكينة الخياطة الخاصة بها لتحيك ثوبا بني اللون لزبونة تتردد عليها، تتمنى الفلسطينية سرّية عبد الله، أن تعود مهنتها التي ورثتها عن والدتها، قبل أعوام، إلى عصر الازدهار والانتعاش.
فمنذ نحو سبع سنوات، لم يعد يقصد السيدة الفلسطينية (55 عامًا)، سوى عدد قليل من النساء، بعد أن كان يزدحم مشغلها الصغير في إحدى غرف منزلها، بالعشرات من النسوة.
تقول عبد الله: "أعمل في مهنة الخياطة منذ أن كنت فتاة في الرابعة عشر من عمري، لقد ساعدت والدتي كثيرًا، وورثت هذه الحرفة عنها، إنها مصدر رزقنا الوحيد".
وتحاول الخيّاطة الخمسينية أن تعوض خسارتها باللجوء إلى "إصلاح الملابس" مقابل أجر زهيد، تسد به احتياجات أطفال ابنتها الأيتام، الذين توفي والدهم قبل عدة أشهر، كما تقول.
و"توقف 780 مصنعا عن الخياطة في غزة من أصل 920 مصنعًا، بسبب الحصار الإسرائيلي المفروض على غزة منذ نحو ثماني أعوام، فضلا عن خسارة آلاف الفلسطينيين لفرص عملهم في تلك المصانع"، وفقا لمحمد أبو شمالة، المدير التنفيذي لـ"اتحاد صناعة الملابس والنسيج" في غزة.
أبو شمالة يوضح:" لقد كانت الخياطة مزدهرة بشكل كبير في غزة، إلا أن ظروف القطاع جراء الحصار ، أدت تدمير وإضعاف هذه المهنة".
وفي مواجهة هذه الأزمة كان الحل الوحيد أمام محمود اليازجي، الذي يعمل في مهنة الخياطة منذ 26 عامًا، هو مصنع لحياكة ملابس الأطفال، لتوفير مصدر رزق لعائلته، بعد أن كان من أصحاب أكبر مصانع النسيج في غزة.
وبينما يحيك ثوبا لطفل، يقول اليازجي: "توقف العمل في مصنع النسيج منذ نحو 5 سنوات، وتكبّدت خسارة كبيرة لعدم سماح إسرائيل لنا بالتصدير، ولجأت إلى هذه العمل، فأنا لا أتقن أي حرفة أخرى".
ومنذ أكثر من سبع سنوات، أوقفت السلطات الإسرائيلية تصدير غالبية المنتجات والبضائع من غزة إلى الخارج، إلا أنها سمحت مؤخراً بخروج شحنات صغيرة من البضائع، يرى مراقبون اقتصاديون أنها لن تترك صدى إيجابيا على الاقتصاد المدمر في القطاع.
ويصف اليازجي الإقبال على منتجاته بـ "الضعيف"، موضحًا: "بالكاد أوفر الحد الأدنى من احتياجات عائلتي المكونة من سبعة أفراد، فالناس تختار شراء الثياب المستوردة ومن أهمها الصينية التي تعتبر أقل جودة وثمنًا، في ظل البطالة والفقر المنتشر في القطاع".
اليازجي، الذي ورث المهنة عن والده، يتابع بقوله: "كان عدد العمال في مصنعي 15 عاملا، الآن وصل عددهم إلى ثلاثة فقط، ونعمل ليومين في الأسبوع، وحسب موعد عودة التيار الكهربائي".
حبوب يضيف: "في السابق كنّا نصدر منتجاتنا إلى الضفة الغربية وإسرائيل، وكانت تلقى رواجًا كبيرًا، حاليًا التصدير متوقف منذ عدّة سنوات".
ويقدّر حبوب نسبة الخسارة التي لحقت بمصنعه بسبب تعطله عن العمل بـ 80%، مضيفا أن عدد العمال في مصنعه تقلص إلى 25 عاملا فقط بعد أن كان 110 عمال.
ويمضي قائلا: "نواجه في عملنا العديد من الصعوبات، أبرزها الحصار الإسرائيلي، فمثلا لدينا بضاعة محجوزة دون أي سبب في معبر إيريز (بيت حانون.. الخاضع للسيطرة الإسرائيلية) بالإضافة إلى الانقطاع الطويل في الكهرباء، الذي تسبب في حدوث أعطاب في عدد من الماكينات".
المصدر:الاناضول